تعودنا على أن يظهر بين الحين والآخر الدكتور محمد البرادعى بتويتة غالباً غير مفهومة، كونها كانت تحمل أوصافا وكلمات غير مفهومة ولا يدرى غالبية من يقرأها معناها ولا الهدف منها، لكنه عدل مؤخراً عن أسلوبه المبنى على الألغاز وأصدر الثلاثاء الماضى ما سماه ببيان، من يقرأه يكتشف أنه ليس سوى محاولة من البرادعى للعودة مرة أخرى للساحة وغسل سمعته التى تلوثت بأفعاله وأقواله المسيئة لمصر كلها، وآخرها تويتته الأخيرة التى اعتبر فيها محاربة قواتنا المسلحة للإرهاب فى سيناء بأنها «عنف متبادل»، وهى التويتة التى أجبرت الكثيرين من مريديه للتبرؤ منه.
يعتمد البرادعى على مقولة «آفة حارتنا النسيان»، فى كل أزمة يختفى ثم يعود للظهور مرة أخرى، محاولاً غسل سمعته وكأن شيئاً لم يكن، وكأن صفحته بيضاء لم تتلوث بتحريض ولا بمواقف متأرجحة لمسك العصا من المنتصف ولا بكونه أحد الأدوات المميزة للغرب فى المنطقة، بدءًا من العراق، ووصولاً إلى ما سميت بدول «الربيع العربى».
البرادعى الذى استقال من منصبه كنائب للرئيس للعلاقات الدولية فى 14 أغسطس 2013، يحاول التقرب أكثر من جماعة الإخوان الإرهابية، وربما يعطيها مبرراً للتحرك أكثر، أو بوصف أدق، يمنحها شرعية التحرك قبل 11 - 11، ببيان ملىء بمجموعة من الأكاذيب التى لا تنطلى على أحد، لكنه يستخدم منصبه السابق كمدير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فى محاولة تثبيت هذه الأكاذيب، فهو يحاول فى بيانه أن يجمل نفسه، بقوله إنه أجبر فى اجتماع 3 يوليو 2013 الشهير على قبول ما تم الاتفاق عليه فى الاجتماع، تحت ضغوط الأولوية، وهو ما يتناقض مع ما سبق وقاله البرادعى فى حوار مع مجلة «دير شبيجل» الألمانية تم نشره بعد توليه منصب نائب الرئيس بأسبوع تقريباً، حيث قال إن ما حدث فى مصر بدءاً من مظاهرات 30 يونيو ليس انقلاباً عسكرياً، وأنه بدون عزل محمد مرسى، فإن مصر كادت تتحول إلى دول فاشية، وقال نصاً «ما حدث فى 30 يونيو لم يكن انقلاباً، هناك أكثر من 20 مليون مصرى خرجوا للشوارع بسبب الوضع الذى لم يكن مقبولا، فبدون عزل مرسى من منصبه كنا فى طريقنا لنصبح دولة فاشية، أو كانت ستنشب حرب أهلية، لقد كان قرارا مؤلماً، وكان خارج الإطار القانونى، ولكن لم يكن لدينا خيار آخر».
هو شارك فى اجتماع 3 يوليو ويدرك جيداً حقيقة ما يحدث فى الشارع، وأيضاً تحركات الجماعة الإرهابيية لأخونة الدولة، لكنه يأتى اليوم لينفى ما حدث، وكأن التاريخ يكتبه البرادعى وليس موثقاً بالصوت والصورة.
كل ذلك يؤكد أننا أمام شخص يحاول تزييف الواقع حتى يحمى علاقته مع الجماعة الإرهابية، التى يحاول منذ فترة التقرب منها، ربما بطلب من العواصم الغربية التى تحرك البر ادعى وتملى عليه ما يقوله ومتى يخرج للرأى العام ببيان مثل بيانه الأخير، الذى لا يمكن وصفه إلا ببيان الأكاذيب التاريخية التى تضاف إلى جملة أكاذيب البرادعى.
هو قال فى بيانه إنه تقدم باستقالته لأسباب أخلاقية، فى تزييف جديد للحقيقة وتغيب للواقع الذى كان البرادعى أحد المشاركين فيه وقتها، فالقضية لم تكن متعلقة بالأخلاق ولا بما يرتاح له ضميره، لكنها كانت مرتبطة باحترام السيادة والقرار المصرى.
نعم السيادة المصرية التى لا يريدها البرادعى، فهو وجد فى القصر الرئاسى لشهر لكى يكون عين الغرب على مصر الجديدة، لكنه حينما رأى أن الجميع فضحه وكشفه حاول الخروج من المأزق بالاستقالة الشهيرة التى أعلنها وكأنه يهدف من خلالها تفكيك ثورة 30 يونيو، وضربها وبالتالى السماح للإخوان بالعودة مرة أخرى إلى الساحة السياسية سيراً على دماء شهداء مصر من القوات المسلحة والشرطة ممن لا يعترف بهم البرادعى، لأنهم خارج حساباته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة