الجدل الذى أثير فى مجلس النواب، أمس الأول، حول اتهام أحد النواب لأعمال نجيب محفوظ بأنها خادشة للحياء ليس مجرد كلام عابر قيل فى لحظة انفعال، وإنما هو كاشف لحقيقة وعى شريحة من النواب ليس شرطا أن أعضاءها يرتدون أحدث الأزياء أو يحملون أعلى الشهادات فى تخصصاتهم، أو يتسابقون فى تخليص المصالح لدوائرهم، أو يتبارون فى إظهار فصاحتهم حين يتغنون بالوطنية وحب مصر، فبداوة العقل وتصحر الفكر شىء آخر، ونحن أمام نموذج قاطع الدلالة على ذلك.
تحدث النائب أبوالمعاطى مصطفى بلا خجل قائلا: «أيوه السكرية وقصر الشوق فيهما خدش حياء، ونجيب محفوظ يستحق العقاب، بس محدش وقتها حرك الدعوى الجنائية»، هكذا أصدر النائب الهمام أحكامه التى لا تختلف فى شىء عما حدث من الإرهابى محمد ناجى مصطفى الذى أقدم على محاولة اغتيال نجيب محفوظ فى أكتوبر 1994، وفى التحقيقات معه تبين أنه يعمل نقاشا ولم يقرأ أى كلمة من أدب نجيب محفوظ، ونفذ محاولته بناء على فتوى أمير الجماعة الإسلامية الشيخ عمر عبدالرحمن، وجاءت هذه الجريمة فى توقيت كان الإرهاب يشتد عوده، وكانت هناك مواجهة شرسة من أجهزة الدولة ضده.
وقت أن قال «عبدالرحمن» فتواه الضالة تلقفها شاب ضال، ونفذ جريمته، غير أن المسألة وقتها كان حلالها بينًا وحرامها بينًا، بمعنى أن الذين تصدروا مشهد الفتاوى الضالة كانوا معروفين للجميع، كانوا يطلقون لحاهم ويرتدون الجلباب ويغلقون عقولهم، كانوا يتحدثون ليل نهار فى الدين، فى حين أنهم ليس لهم علاقة بجوهره السمح من بعيد أو قريب.
هكذا كان الحال وقتها، أما الآن فنحن أمام حالة أخرى تكشف عن نفسها، حالة ليس فيها حديث اللحى بالجلابيب القصيرة والاستشهاد بنص دينى، وإنما حالة مظهرها مختلف، وتتحدث بكل حريتها تحت قبة البرلمان، لكنه حديث يوفر الحضانة للإرهاب حتى لو لم يقصد صاحبه.
لم يمنح الناخبون ثقتهم لمثل هؤلاء النواب كى يعودوا بهم إلى الوراء، وإنما لمواجهة الفساد بكل أشكاله، فحين تتقاعس أى مؤسسة فى الدولة عن تنفيذ القانون فهذا يعنى أنها تخدش الحياء وحين يصمت النائب عن هذا فهو متواطؤ، كما قال مبدعنا العظيم المخرج مجدى أحمد على فى اتصال مع الإعلامية لميس الحديدى أمس الأول.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة