أنور الرفاعى

تيران وصنافير.. والنداء الأخير على الحكومة القاطنة فى دير النحاس

الأربعاء، 09 نوفمبر 2016 08:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى جولة جديدة من جولات الأزمة الكبرى بشأن جزيرتى تيران وصنافير، وبعد أن انقسم المجتمع بين فريق مؤيد لاتفاقية ترسيم الحدود التى وقعتها الحكومة المصرية مع المملكة العربية السعودية على اعتبار أن الجزيرتين سعوديتين، وفريق يعارض الاتفاقية ويعتبرها عدوانا على السيادة المصرية على هاتين الجزيرتين.. فقد رفضت محكمة القضاء الإدارى الطلب الذى تقدمت به الحكومة المصرية لوقف تنفيذ حكم سابق من ذات المحكمة ببطلان اتفاقية إعادة جزيرتى تيران وصنافير إلى السعودية.
 
 
وقضت المحكمة برفض الاستشكال المقدم من هيئة قضايا الدولة على الحكم الصادر ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية والمطالب بوقف تنفيذ الحكم لحين الفصل فى المنازعة الدستورية وتغريم الحكومة 800 جنيه.. وكانت المحكمة الإدارية قد قررت فى 21 يونيو الجارى "بطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية" بين مصر والسعودية الموقعة فى أبريل 2016.. وطعنت الحكومة بهذا الحكم أمام المحكمة الإدارية، مؤكدة أنها ستتقدم بكافة الوثائق "لبيان سلامة وقوة أسانيدها".
 
 
ومازالت المعركة القانونية قائمة بين الفريقين.. الأمر الذى يحدو بنا إلى استنباط عدد من الملاحظات والملامح فى هذا السياق الفكرى والسجال القانونى.
 
 
أولاً: هذا الحكم الصادر بالاستمرار فى تنفيذ الحكم الصادر بمصرية الجزيرتين يؤكد الواقع القضائى فى مصر، ويضيف شهادة جديدة للقضاء المصرى- لا ينتظرها- ولكن الحكم يكشف عن نزاهة فى القضاء متسامية، واستقلال لا يناوئه فيها سلطة أخرى مهما علت، ليقذف فى قلوبنا الثقة بأن قضاء مصر هو الملاذ، وهو الملجأ، وهو الحصن الحصين للقانون، وهو سدة العدالة ومرساها، وأن قضاءنا لا يعلو ولا يسمو إلى منصته الشامخة غير القانون والضمير.
 
 
ثانيًا: أن هذا الحكم جولة جديدة من ماراثون طويل من التقاضى والتداعى، فمازالت هناك جولة جديدة فى ذات السباق أمام المحكمة الإدارية العليا، والذى حددت لنظرها فى جلسة الخامس من ديسمبر، عندها سيكون القول الفصل فى حكم نهائى واجب النفاذ، وقد يكون الحكم عندئذ قاطعا منهيا لتلك المنازلة، وقد تكون هناك جولات ماراثونية أخرى بعد أن لجأت الحكومة إلى المحكمة الدستورية العليا فى هذا الشأن.
 
 
ثالثًا: أن الحكومة عندما تكون مرتعشة فى قراراتها سينتقل ذلك الارتعاش والتردد عند تداعيها أمام ساحات المحاكم، حيث العدالة معصوبة العينين فلا تفرق بين حكومة ومواطن.. الحكومة التى غرقت فى "شبر مية" بسبب الأمطار، ولم تسطع مواجهة الأزمة فتحولت إلى كارثة يمكن أيضا أن تغرق فى دهاليز المحاكم، والحكومة التى تقف موقف المتفرج أمام قطار الأسعار الذى يكاد يدهس الفقراء والبسطاء يمكن أن تقف فى ساحات المحاكم لا حول لها ولا موقف.. فلم نسمع من فقهائها غير تصريحات عنترية لا تتصل بقانون ولا تفسر مواقف ولا تدافع عن توجه.
 
 
رابعًا: أعلنت الحكومة غير مرة وفى كل مناسبة أنها ستقدم للمحكمة ما يؤيد موقفها من خرائط ومستندات، فإذا بمحاميى الحكومة يقفون مشدوهين دون أن يقدموا ما يعضد توجه تلك الحكومة، وكأن الحكومة تتسلط على الحكومة فى موقف استثنائى قانونى غير عادى.. دلف محامو الحكومة إلى الساحة القضائية المقدسة ليس بين أيديهم ما يدفعنا للقول "أن الحكومة تدرك ما تعنى وتفعل بما تؤمن" غير قوة يستمدونها من أزمان خلت تقول "أن الحكومة فوق الجميع" متناسين أن هذه الفلسفات البائدة لم يعد لها بيننا اليوم مكانا.
 
 
خامسًا: استطاعت الحكومة من قبل أن تتصدى لقضايا التحكيم الدولية والتى كانت مصر طرفا فيها لأنها استعانت بذوى الخبرة والعالمين ببواطن القانون، فأهل القانون وجماعته يعرفون كيف يقيمون دعاواهم ويسيرونها وصولا إلى عقل المحكمة ووجدانها، ومن ثم الحكم بما يتفق مع القانون وواقع الأمور وهى المعروفة بالعدالة الآمنة.. فلماذا تعالت الحكومة واستأسدت فى ضعف على الاستنارة بأهل الرأى القانونى فى هذه القضية المصيرية كما صورتها ؟.. وأتصور أن رجال القانون فى مصر لن يبخلوا أو يترددوا فى مساندة الحكومة فى أمر هو من العدالة ومن شرف مصر عبر تاريخها فى صيانة الحقوق فى علاقاتها الإقليمية والدولية.
 
 
سادسًا: واجب علينا أن نحذر الحكومة من الاستمرار فى ذات المنهج المنتهى صلاحيته، وننادى النداء الأخير عليها، كما نادت الحكمدارية على أحمد إبراهيم القاطن فى دير النحاس فى فيلم "حياة أو موت" لا تشرب الدواء.. الدواء فيه سم قاتل".."وعلى كل من يعرف مكان الحكومة أو قريبا منها أن يبلغها تحذيرنا، فلعلها تسمع النداء وتبحث عن دواء جديد "قوى المفعول" لدى أطباء القانون وأهله.. لأن استمرار ذات المنهجية فى الخامس من ديسمبر ستكون النتيجة تحصين المواقف القانونية بحكم نهائى لا معقب عليه، ولا تعديل أو تغيير فيه.
 
 
سابعًا: أن هذا الحكم يضيف إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي رصيدًا فوق رصيده لدى الشعب.. فهو الذى يدشن ويرمم فى أعمدة الدولة القانونية دون تدخل فى أعمال القضاء، ثقة منه أن الدولة الديمقراطية المؤسساتية تبدأ حيث حرية التقاضى فى محراب العدالة.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة