وائل السمرى

نظرة واحدة قبل الانفجار

الأحد، 11 ديسمبر 2016 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كان يقف بجواره مبتسما.. فجأة.. لم يجده

 
خارجان من المعسكر، والنعاس مازال يراود عيونهما عن نفسها، لكن الواجب واجب، والميرى لا يرحم، كيف يرحم يا صاحبى وعدونا غدار؟ كيف يرحم وعدونا لا يرحم، وكيف ننام ونومنا يعنى استيقاظ الشر فى شرايين مصر، شر أسود، شر مسموم، شر خبيث، شر كالح، شر غادر، لا يعرف كم ضحكة قطعت، وكم أمل فقد، وكم أم بكت، وكم حزن افترش القلوب.
 

كان يقف بجواره مبتسما.. فجأة لم يجده

 
كان يريد أن يتحدث معه عن الأيام المتبقية له فى الخدمة، وكان يريد أن يقول له إنه سيفتقد الميرى والصحبة الحلوة، والضحك من القلب، وشارع الهرم بمتناقضاته، وضحكات الأطفال الذين يتعلقون بجلاليب آبائهم البيضاء وهم يمسكون بسجادة الصلاة، وكأنهم يمسكون بمفتاح الكنز، برغم أن الجامع مفروش كله بالموكيت، كان يريد أن يقول له «بحبك يا صاحبى» لكنه دار برأسه دورة كاملة، ولم يجده صديقه الذى كان هنا على مستوى النظر، قال لنفسه: صديقى الذى كان هنا، لم يعد هنا، وسأل نفسه: لماذا أنظر إلى الأسفل كما يقول لى عقلى، فصديقى عاش دائما رافع الرأس عزيز النفس عصى على الانحناء، ولم يحدث شىء يذكر كى أبحث عنه بجوار قدمى، حتى هذا الصوت الذى رج الدنيا منذ قليل لا يقدر على الذهاب بصديقى من جانبى، ولا يقدر على إجباره على الانحناء.
 

كان يقف بجواره مبتسما.. فجأة لم يجده

 
ذلك الصوت الجبان، ذلك الصوت الخؤون، ذلك الصوت الحقير، ذلك الصوت الكريه، أخذ الصوت صديقه، صوت انفجار مدو، وكأن الأرض انشقت وبلعته، لم يغب عن عينه سوى لحظات، لكن صوت الانفجار هذا سيضاعف هذه اللحظات إلى ما لا نهاية، سيغدو الفراق مرضا مزمنا، غاب صديقه إلى الأبد، ولم تعد لضحكاته صدى، ولم يعد لقفشاته مكان، ولم تعد لأحلامه أمل، كان يقف بجواره مبتسما ومات، كتب الله له الشهادة مع ستة من زملائه فى حب الوطن، ملازم أول محمد نجيب محمد، وملازم أول أحمد عز، وأمين الشرطة رجب عاطف، ومجند يوسف فرج عبدالعزيز، وعمرو مصطفى ومحمد محمود سعد، فاحفظوا أسماءهم جيدا، ثمة رجل مصرى كان يقف بجوار أحدهم وفجأة لم يجده، لكنه أقسم بكل عزيز ألا تغفو له عين حتى يثأر لهم أجمعين.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة