محمد نصيح الجابرى يكتب: السقوط فى بئر الجشع

الثلاثاء، 13 ديسمبر 2016 12:00 م
 محمد نصيح الجابرى يكتب: السقوط فى بئر الجشع احتكار سلع غذائية أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى العديد من الدقائق واللحظات يتحول الضمير الإنسانى لدى بعض البشر إلى وحش كاسر يقتل من يقترب منه، ويحاول بشتى الطرق أن يلتهم المزيد من أقوات الفقراء. فحياته قائمة على امتصاص دماء من حوله.

نعم فالغريب أن للجشع أنواع منها جشع التجارة وجشع التعليم وجشع الصحة وجشع المعاملات المالية بين الأفراد. تعالوا نلقى الضوء على أقسى أنواع البشع، ألا وهو جشع التجارة المرتبط بطعام وشراب الفقير.

التاجر الجشع، إنه الإنسان الذى يتحول ضميره ويسقط فى بئر الجشع فيمارس أبشع صوره فى التهام أموال الفقراء، تعالوا بنا ننظر اليوم إلى أقوى مذابح البشع التى تمارس ضد الفقير، فكل تاجر يحتكر بضاعة ما نجده ينتظر عليها كى تصل إلى أعلى سعر لها، ثم يقوم بطرحها للبيع على الفقير بأسعار انتهازية بشعة لم نجد لها مثيل فى أى زمن من الأزمان، والحجة الواهية لهم، ارتفاع أسعار العملات الأجنبية هو السبب فى زيادة السعر إلى هذا الحد، وأن الجشع برئ من تلك الزيادة الجنونية كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب، إذن نحن لسنا فى مواجهة مع ارتفاع العملات الأجنبية فقط، وإنما نحن فى حرب قادمة لا محالة مع الضمير البشرى الذى فاق بأفعاله القذرة جميع الأوصاف والصور، كيف تبرر احتكارك للسلعة بمبررات يرفضها العقل الحيوانى قبل العقل البشرى.

الطبيب الجشع، إنها الفاجعة عندما تتحول ملائكة الرحمة إلى أدوات تساهم فى معاناة المريض، وللأسف الشديد سقط العديد منهم فى بئر الجشع، فنجد العديد منهم ينضمون إلى عصابات تجارة الأعضاء البشرية، إننى لا أكاد أصدق ما أكتبه، ملائكة الرحمة تنضم إلى تجارة الأعضاء البشرية، أليس للقسم الذى أقسمته فى خدمة هذا الوطن وفى رعاية صحة المواطن مانعا لك عن ممارسة تلك الأفعال التى عجزت الكلمات عن إيجاد مسمى لها، هل تعتقد بأن ارتفاع سعر الكشف الطبى لديك، حافظا من أجل جلب الأموال على سبيل فقراء الوطن، هل تعتقد أن جلب الأموال سيمنحك حصانة عندما تلقى الله تعالى يوم الحساب العظيم، هل تعتقد أنك بإهمالك لعلاج المرضى الفقراء وسيلة كى يذهبون إليك فى عيادتك الخاصة؟، للأسف أنت وقعت فى بئر الجشع أيها الملاك، لأنك بدلا من مساندة الفقراء والوقوف مع الدولة فى تلك المحنة الاقتصادية المريرة، تمارس أقسى درجات الجشع، وليته ينفعك وليتك ما أصبحت ملاكا للرحمة.

المعلم الجشع. أنه الويل، والفاجعة، أن تتحول بعض ضمير الأمة إلى أداة للجشع فى وجه الطلاب الأبرياء، كيف بضمير الأمة أن يتاجر بعلمه من أجل الحصول على حفنة عفنة من النقود لا تغنى ولا تسمن من جوع، أنسيت أنك ضمير الأمة الذى يصنع العقول، أنسيت أنك الأب الثانى لنا داخل بيتنا الثانى، أنسيت أنك بأفعالك تلوث شرف مهنة العظماء، أليس شرحك داخل فصلك عائدا معنويا يرضى ضميرك أكثر من إجبارك الطلاب على تعاطى الدروس الخصوصية، وإن فعلت وأعطيت دروسا خصوصية، فما العيب من تخصيص جزء من وقتك للطلاب الفقراء تدرس لهم مجانا ما عجزوا عن فهمه داخل فصول المدرسة المكتظة بالتلاميذ، سيدى المعلم أتوسل إليك بألا تنجرف وراء النقود وتنسى ضميرك، فأنت المعلم لنا، وأنت من يساعدنا على إصلاح حياتنا بالعلم والتعلم، أتوسل إليك سيدى المعلم ألا تنجرف للسقوط فى بئر الجشع كى لا تضيع أمة عجز الأعداء عن هدمها على مدار أعوام طويلة.

أيها السادة، إن الجشع انتشر بصورة لم نشهدها من قبل. ويخطأ من يظن أنه الفائز من وراء جشعه، وإنما هو أول الخاسرين وأول المعذبين بهذا الجشع فى الدنيا والآخرة، فإذا كانت الظروف تحتم علينا أن نمر جميعا فى خندق الظروف الاقتصادية الصعبة للبلاد، فيجب علينا نحمى بعضنا بعضا، يجب أن نجعل ضمائرنا هى من تراقبنا وليست الأجهزة الرقابية هى التى تراقبنا كى نعيش سويا فى بلاد اشتقنا أن تعود لقوتها وأن تخرج من محنتها، حفظ الله مصر وشعبها.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة