يرجح علماء الآثار أن أول ظهور للإنسان على الأرض للإنسان منذ حوالى 200000 سنة مضت على أقل تقدير، مرت منها 140000 سنة دون تحول كبير فى نمط حياة هذا الإنسان، أو ظهور بوادر لخطوات تنبئ عن تقدم ما فى حياته، فماذا حدث وادى إلى تحول فى قدرة الإنسان على التفكير والابتكار، كابتكار الأدوات الحجرية والرسم على الكهوف؟، وهو السؤال الذى طرحه كتاب "الآثار.. شفرة الماضى.. اللغز والحل" للدكتور خالد عزب، والصادر عن الدار المصرية اللبنانية.
يعد اختراع الكتابة واحدا من أهم الاختراعات البشرية، لكن السؤال الذى يطرح نفسه هو كيف بدأت الكتابة؟ وخالد عزب يرى أن العديد كانوا يعتقدون أن الكتابة بدأت كهبة سماوية، الآن العلماء يرون أنها بدأت بعمليات حسابية، حدثت نتيجة لحاجة السوق والتجارة.
ويرى الكتاب أن علم الآثار الاجتماعى، علم قائم بصورة أساسية على طرح الأسئلة ومحاولة إيجاد إجابات محددة لها، وتتابع الأسئلة يؤدى إلى بناء رؤية متكاملة للموضوع محل الأسئلة، فهو هنا ليس فى محل السؤال فى مجتمعات حية تنبض بالحيوية ويكون فيها بمثابة المراقب الذى يرصد الظواهر ليصل من خلالها إلى نتائج، بل إنه يسعى لبناء هذه المجتعات فى مخيلته من خلال ما تبقى من آثار هذه المجتمعات أولاً لكى يصل إلى الظواهر التى تعبر عن الحياة اليومية ومن ثم يصل إلى النتائج المرجوة، هنا تكمن صعوبة هذا العلم.
ويؤكد الدكتور خالد عزب فى كتابه، أن علماء الآثار يهتمون منذ فترة طويلة بجوانب الطعام المادية التى كانت سائدة منذ العصور الحجرية، فتتبعوا أصول الغذاء وتطوره وانتشاره، وناقشوا وصنفوا ما كان يؤكل، ومن أين كان يأتى؟ وكيف كان ينتج ويوزع؟
ويقول الكتاب أن هناك أربعة مستجدات ابتكرها الإنسان، جعلت تفاعله مع الحياة اكثر تداخلا، وهى، أولاً : أداة الطرق والقص، وثانيا:استعمال النار فى الطبخ، وثالثا صنانير الصيد، ورابعًا: تحول الأفراد إلى مجتمعات بشرية لديها ثقافة تبادل الخبرات وتنميتها، إن الأخيرة قائمة على معادلة تفرق بين الإنسان والحيوان، وهو ما يدفعه إلى الابتكار والتنويع فى حياته.
وتابع الكاتب، إن توفير كم من الطعام لمجتمعات تنمو سكانيا وأصبحت فى حاجة متزايدة إلى كميات أكبر من الطعام هاجس أرق هذه المجتمعات، لذا اتجه قدماء المصريين إلى التفريخ الصناعى، وكانت مهاراتهم فيه حديث الرحالة الذين زاروا مصر، وأشار الكاتب إلى تصريحات المؤرخ اليونانى ديودور والذى قال :"مما يثير دهشتنا ويستحق عظيم الثناء ما كان يشتغل به مربو الدواجن والإوز فهم لم يكتفوا بالتفريخ الطبيعى المعروف فى سائر البلاد، بل كانوا يحصلون على عدد لا يحصى من الطيور بالطرق الصناعية، فهم يستعيضون عن ترقيد الطيور بالطرق الطبيعية المعروفة بطريقة أخرى صناعية.. وكان لهذا التفريخ وقت معلوم ويشتغل به أخصائيون لهم معامل فى كثير من القرى، تقوم هذه الطريقة الصناعية على توفير تدفئة للبيض فى بناية خاصة تماثل الأجواء الطبيعية، مما يجعلها تنتج أكبر قدر ممكن من صغار الدواجن.