رغم التناغم والترابط الذى ظل يربط أبناء أكبر بلد إسلامى فى العالم، بمختلف أعراقهم وديانتهم، إلا أن عدم التسامح عرف طريقه إلى إندونيسيا فى الآونة الأخيرة، بعد أن تعرضت التعددية التى طالما اعتبرها الإندونيسيون مصدر فخر لهم، لأكبر اختبار لها أثناء محاكمة حاكم "جاكرتا" المسيحى، وما تلا ذلك من شعور الأقليات بالتهديد، لاسيما وقت "عيد الميلاد".
وخضع باسوكى تاهاجا بورناما، الملقب بـ"آهوك"، أول مسيحى يحكم العاصمة الإندونيسية "جاكرتا" منذ 50 عاما، فى وقت سابق من الشهر الجارى، بتهمة "الكفر"، وإهانة القرآن بعد استشهاده بآية قرآنية، ورغم تأكيده أنه لم يتعمد إهانة الدين الإسلامى، إلا أنه يواجه عقوبة السجن خمسة أعوام إذا أدانته المحكمة. ويتمتع آهوك بشعبية كبيرة دفعت منافسيه السياسيين لمحاولة عرقلته من خلال استغلال هذه الواقعة.
وتقول صحيفة "أى بى تايمز" إن عيد الميلاد هذا العام فى إندونيسيا كان يحيطه الكثير من التحذيرات والتأمين للأقلية المسيحية فى الوقت الذى حذر فيه متشددون من منظمة "جبهة المدافعين الإسلاميين" المسلمين فى جاوة الشرقية، من ارتداء أى شئ مرتبط بالكريسماس بما فى ذلك قبعة سانتا كلوز الحمراء الشهيرة.
رفع حالة التأهب
وأضافت أن هذه الدعوة دفعت قوات الشرطة للتأهب خشية من اندلاع اشتباكات بين مجموعات من الناس تنتمى لأديان مختلفة، كما قابلها الناس فى ثانى أكبر مدينة فى اندونيسيا بشئ من الغضب، ويقول رانير هوفرز، مدير مركز دراسات السياسة الإندونيسية إن "الإسلاميين يتجاوزون الحدود ويتخذون خطوات فى هذا الشأن".
وأفادت تقارير إعلامية أن المتشددين جابوا الشوارع وهددوا المحتفلين، ولكن لم يكن هناك أى أحداث عنف أو إصابات. ونشرت الشرطة قواتها مؤكدة أن لن تسمح بهذه الأفعال الاستفزازية.
خوف من هجمات إرهابية
ومن ناحية أخرى، رفعت اندونيسيا حالة التأهب فى العاصمة والعديد من المدن، خوفا من هجمات إرهابية تستهدف البلاد، وقال متحدث باسم الشرطة الإندونيسية إن قوات الأمن قتلت رجلين يشتبه أنهما متشددان إسلاميان الأحد خلال اشتباك بالأسلحة النارية بعد مداهمة منزل كان يقيمان فيه فى جاوة الغربية.
بينما قال متحدث باسم شرطة إندونيسيا الاثنين إن متشددين موالين لتنظيم داعش خططوا لمهاجمة موقع للشرطة ليلة رأس السنة بالأسلحة البيضاء.
وتم إحباط المخطط بعد أن ألقت الشرطة القبض على اثنين من المهاجمين اللذين قادا الشرطة إلى مخبأهما حيث قتلت الشرطة بالرصاص شريكين لهما أمس الأحد. وذكرت الشرطة أن القتيلين حاولا مهاجمة رجالها بأسلحة بيضاء.
وقال ريكوانتو المتحدث باسم الشرطة الوطنية للصحفيين "كان الأربعة يخططون لمهاجمة موقع للشرطة فى بورواكارتا. خططوا للهجوم ليلة رأس السنة." وتقع بورواكارتا على بعد 100 كيلومتر تقريبا شرقى العاصمة جاكرتا.
والمداهمة التى وقعت أمس الأول الأحد هى الأحدث فى سلسلة نفذتها الشرطة فى الأسابيع الأخيرة تقول إنها أدت لإحباط هجمات مما أثار المخاوف من الجرأة التى اكتسبها المتشددون فى أكبر دولة مسلمة فى العالم من حيث عدد السكان.
وذكرت الشرطة الأسبوع الماضى أن 14 شخصا على الأقل قيد الاستجواب فيما يتصل بمخططات لشن هجمات انتحارية تستهدف قصر الرئاسة فى جاكرتا وموقع آخر لم تكشف عنه.
وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن هجوم فى جاكرتا فى يناير قتل فيه أربعة أشخاص، وكان الأول الذىينفذه التنظيم المتشدد فى جنوب شرق آسيا.
نشر قوات من الشرطة والجيش
وأشارت الشرطة إلى أنه سيتم نشر 85 ألف شرطى و15 ألفا من قوات الجيش خلال عيد الميلاد ورأس السنة. وتساعد جماعات إسلامية معتدلة فى إندونيسيا الشرطة على ضمان احتفالات آمنة بعيد الميلاد وسط تصاعد التوتر الدينى بعد محاكمة رئيس بلدية جاكرتا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة