أحمد التايب يكتب: أروى التى فى خاطرى

السبت، 12 مارس 2016 10:00 ص
أحمد التايب يكتب: أروى التى فى خاطرى الطفلة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ابنتى.. أيامٌ قليلةٌ تفصلك عن شهرك عن عيد ميلادك، وكلما أنظُر إليكِ، ودِدْتُ أنكِ تفهمين كلامى؛ لأهمسَ فى أذنك هذه الهمسات فأنتِ سعادتي، وفرحتى، وأنتِ من زرع ابتسامات الحب على شفتى، ومن حلّق بقلبى إلى سماء السعادة.

حبيبتى.. أنتِ ذكرياتى الحلوة، ونسماتى الدافئة، وتفاحة قلبي، وبهجة عمري، وخفقان مشاعرى أنتِ الطائر الصغير الذى غرّد فى حديقة قلبى وأطربنى بتغريده الفريد، وأضحكنى برقصه البرىء، لا أستطيع يا ابنتى أن أصفَ فرحتى عند ولادتك، حمدتُ الله وخررتُ بين يديه شاكراً، من أول يوم قدمتِ إلى حياتي، واحتفل الأمل فى أرجاء قلبى بقدومكِ، وزقزقت أيامى بنزولك، وصفّقت أحلامى بوجودكِ.

يا عروس زمانى.. أنتِ لقلبى سناه، ولروحى ضياه، وأنت بسمة الأمل وضحكة المستقبل ونغمة الغد، فهديل صوتكِ يملأ أذني، ويطرب خاطرى وفى نفسى ظمأ لا يرويه إلا زلال حبكِ، وفى قلبى ظلمة لا ينورها إلا سراج وجهكِ، فى روحى جمر لا يطفئه إلا ضحكات قلبك، وفى عينى دمع لا يمسحها إلا حرير كلماتك، وفى أذنى وحشة لا يزيلها إلا ترانيم حداكِ، وفى حياتى فراغ لا يملأه إلا قربك.

عزيزتى.. عيشى حياتك عزيزة كريمة، ولا ترضين بما دون النجوم، فأنت المسلمة العظيمة القوية الصابرة، والقمة السامية انتِ العظيمة التى يولد منها العظماء، فلا تنظرى إلى الليل وسواده، وانظرى للقمر وبياضه وعلّمى الدنيا أنكِ مسلمة قوية لا تركع إلا لربها ولا تنحنى إلا لمولاها.

فلذة فلبى: نسيتُ الدنيا ونصبها عندما أراكِ تلعبين بين يدى لوخيّرت بين الدنيا وبين ابتسامتك الحلوة، لأخترتُ بأعلى صوتى "ابتسامتك"، فهى كالشمس تعيد الحياة لقلبى وتنير الأمل لدربي.

لو استطعت - يا ابنتى – لجعلت حضنى مهداً لطفولتك، ويدى أرجوحة لبراءتك، وإذا غبتِ يوماً واحداً عن بيتى أحس أن النور ينطفئ منه، أحس كابوساً يطوّق عنق فرحتي، أحس بيتى سجنا، وصرتُ أترقب الحرية من أنوار وجهك، وأشم ريحها من أثوابك، ووضعتُ خدى على كفى أشتاق لمرآك وأنتظر عودتك من جديد إلى بيتي، فإذا عدتِ أحسُّ الحياة تسرى فى أطراف بيتى، وينعش الربيع المزهر قلبى.

يا تفاحة قلبى.. فى راحتيكِ الصغيرة غرستُ سنابل أحلامى، أنت زهرة عمرى وربيع قلبى , كلما هبت ريح الصبا حملت شذا عبيركِ فيطرب لها خاطرى، ويتراقص على أنفاسها قلبى وإذا أجدبتْ مشاعرى نظرتُ إلى سحابة حبكِ فتنعش أمطارها جفاف قلبى، فيهتز فرحاً، حتى غدا قلبى ارضا تهتز ربيعاً وجمالاً إذا غشاها أمطارك.

حبيبتى بحثتُ عن أجمل حلة أهديها لكِ فلم أجد أجمل من التقوى، وبحثتُ عن أفضل حصن يحميكِ فلم أجد أفضل من الحجاب، وبحثتُ عن أعظم كتاب أهديه لكِ فلم أجد أعظم من كتاب الله، وبحثت عن أفضل نساء قدوات لك فلم أجد أفضل من الصحابيات الطاهرات، وبحثت عن أفضل دواء للقلب فلم أجد أفضل من الذكر، وبحثت عن أجمل مطّهر ومنظّف فلم أجد أفضل من العفة، وبحثت عن أفضل مسكن فلم أجد أفضل من بيتك، وبحثت عن أغلى هدية فى الدنيا فلم أجد أفضل من سجدة أو دمعة تتناثر منكِ فى جوف السحر فتكون كنجم مضىء يتلألأ فى ليلة ظلامها حالك.

رقراقة قليى.. كونى كفراشة حالمة تلعب بين أزهار ذكرياتى وتقبّل جبين أحلامى وتعانق صحن خدَّى فإذا تعبتْ من اللعب رمت بنفسها فوق احضان عينى ثم تنام هانئة راضية تزّملها جفون حبى.
حبيبتى.. امسحى اليأس من قاموس حياتكِ، ارجمى الفشل بأحجار النجاح، إذا امتلأت طريقك بالأشواك فلا تتقهقرى، فكونى جبلاً أمام الخطوب، لا تتراجعى، فمن أراد أن يعيش سعيداً فلا يكثر النواح على الماضى.

يا نورس أحلامى وعروس زمانى، إياكِ ودعاة التحرير والموضة، فاحذرى أن يخدعوكِ فإنهم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها، وإنهم حسدوكِ على حياءكِ، فطمعوا فى إنزالك من العلياء إلى الحضيض، ومن الجوزاء إلى الحفر.

يا عروس زمانى.. إن الجمال ليس جمال الأشكال والصور، فالجمال جمال الدين والخلق، وارفعى رأسك بالإسلام عالياً، فاخرى الدنيا بإسلامك، وطلقى الكسل ثلاثاً واحرقى أغلاله وكونى كالنخلة ترمى بالحجر فترمى بأطيب الثمر.

أملى يا ابنتى أن أرى قدوتكِ فى الجهاد نسيبة وخولة بنت الأزور فى الشجاعة، وعائشة بنت الصديق فى العلم،، وأسماء بن أبى بكر فى تحدى الأخطار، وآسية بنت مزاحم فى الثبات، ومريم بنت عمران فى الصبر على المدلهمات، وأم موسى فى اليقين، والخنساء فى التضحية، وفاطمة بنت محمد فى الحياء.
فإليكِ – يا ابنتى – وهبتُ أحاسيسى وساماً تتألق على عنقك، امرحى فوق بستان فؤادى وغرّدى كالبلبل فوق أغصان ذكرياتي، ابنتى أنتِ شموس فى فؤادى لا تغيبى، وأنتِ نجم فى سمائى لا يأفل، وأنتِ أنوار فى وجدانى لا تنطفئ.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة