نعم نحن نخوض حرباً ضد الإرهاب فى الداخل وفى الخارج بكل أشكاله، ولكن هل هذا الإرهاب قاصراً على مصر فقط؟ لا شك فالإرهاب فى العالم يزداد، واستهداف الطائرات وكل تجمعات الأبرياء ستتكرر، وستأخذ الحروب أشكالاً متعددة، وستكون حروباً بين الشعوب، هناك تفجيرات انتحارية عنيفة ومتتالية قد حدثت أخيراً من العراق إلى اليمن، ومن نيجيريا إلى باكستان، ومن تركيا إلى بروكسل، وهذا يمكن أن يكون مقدمة لموجة عنيفة من الإرهاب العالمى، فكان هناك تفجير انتحارى فى لاهور فى باكستان أدى إلى قتل 52 شخصاً وجرح 350 آخرين، وتفجير آخر فى مدينة الإسكندرية فى العراق، راح ضحيته 41 شخصا، وجرح 105 وما زال المسلسل اليومى على نفس الوتيرة فى العراق، إضافة إلى ما يحدث فى اليمن وبنفس الوتيرة وذات المعدل، إضافة إلى ما تفعله جماعة بوكوحرام فى استهداف المساجد والكنائس فى نيجيريا، وما يحدث فى تركيا وفى أغلب مدنها، ناهيك عن استهداف المدن الأوروبية التى لا يقتصر على فرنسا وبلجيكا.
وفى الوقت الذى يكون فيه الإرهابى مجرد شخص عادى لا قيمة له، يتم إقناعه بأنه بطل سيخلد وسيترك بصمات فى العالم، وسيكتب اسمه فى التاريخ، وهذا يتم عن طريق تحفيز المنظمات الإرهابية لمنفذى هذه التفجيرات، بما يتماشى مع قيمهم الأيديولوجية التى يؤمنون بها، فهل يقابل العالم هذه العمليات الإرهابية، ويواجه تلك العمليات التفجيرية بمثل ما نواجه نحن فى مصر؟ هذه هى الإشكالية، فهناك دول بها صراع مسلح بين قبائل وطوائف فى العراق وسوريا واليمن وليبيا وأفغانستان، وهناك دول مستهدفة بالعمليات الإرهابية لزعزعة الاستقرار ولتوصيل الرسائل عالية الصوت، هى دول أوروبا وأمريكا بشكل عام، حسب وجود الخلايا الإرهابية وإمكانية التجنيد من جنسيات أوروبية ذات جذور عربية وإسلامية، حتى الإرهاب فى تونس لم يصل إلى ما نراه فى مصر.
فى مصر نواجه حرباً حقيقية لا هوادة فيها مع الإرهاب، خاصة فى سيناء، حيث الإرهاب الممول عسكرياً وتكنولوجياً ومادياً بأعلى المستويات، بما يؤكد المساعدات الدولية والمخابراتية لهذا الإرهاب، إضافة إلى العمليات الإرهابية التى تستهدف الداخل، مستهدفة النظام والوطن بل كل الجماهير وبكل أصناف الإرهاب فى المجال السياسى والحقوقى والاقتصادى والاجتماعى، ناهيك عن اجتهاداتهم الدينية التى لا علاقة لها بصحيح الدين.
وبعيداً عن نظرية المؤامرة التى أؤمن بها، فهل لم يفكر أحد فى تلك المواجهات التى تستهدف النظام بعد 30 يونيو؟ ذلك النظام الذى تحدى كل المخططات الخارجية التى تستهدف تقسيم المنطقة والاستيلاء عليها، ذلك النظام الذى أعلن استقلال القرار المصرى بعيدا عن التبعية قولاً وفعلاً، خاصة فى مجال التسليح، ذلك النظام الذى يستعيد المكان والمكانة المصرية، لذا كان السيسى محقاً عندما أعلن أن الهدف هو كسر الإرادة الوطنية، وقتل الروح المعنوية، وإسقاط الدولة، فهل فى هذا المناخ وفى ظل تلك التحديات تكون مواجهتنا بهذا الشكل المتشرذم والمتفتت وغير المتوافق فى كل الأمور، مهمها وتوافهها وكأن دورنا ومواجهتنا هى الخلاف والاختلاف والتخوين.
ماذا حدث لنا؟ أين التوافق وحب الوطن؟ أين الانتماء والتضحية والشجاعة؟ نعم هناك خلاف مع النظام وهذا طبيعى، نعم هناك ممارسات مرفوضة ومتحفظ عليها، نعم يمكن أن نعارض النظام وهذا حق، ولكن مصر هى الوطن لكل المصريين، فليسقطوا الطائرات فليٌشعلوا الحرائق فليُقتلوا الأبرياء، ولكن ستظل مصر مرفوعة الرأس، فهى فجر التاريخ صانعة الحضارة بجهود وإخلاص كل المصريين، حتى تكون وتظل مصر لكل المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة