- «الجارديان» فقدت ما كان لها من مصداقية قبل هذا البيان
لا شك أن جريدة الجارديان البريطانية أو القطرية أو الإخوانية، لم تفاجئنا باعترافها الأخير الذى بدت فيه وكأنها تعتذر عن فبركة تقارير إخبارية ومقالات عن مصر، وتتنصل من مراسلها الذى يظل يمدها بمواد صحفية عن مصر منذ 2009، نعم منذ 8 سنوات كاملة ظل يكتب مراسل ما لجريدة محترفة لها تاريخ يمتد لما يقارب المائتى عام دون التشكك فيما يكتبه ولو مرة واحدة، جريدة الجارديان والتى كان لها اسم عريق فى عالم الصحافة، وأقول «كانت»، لأنها فقدت كل ما كان لها من مصداقية واحترافية قبل هذا البيان الذى نشرته، تتبرأ فيه من مراسلها وبعض ما كتبه، فقدت «الجارديان»، مثلها مثل العديد من وكالات الأنباء والصحف الغربية، مصداقيتها قبل هذا الحدث بكثير.
فكما مازالت «الجارديان» تصف ما جرى فى الثلاثين من يونيو فى مصر بالاحتجاجات، وما جرى فى الثالث من يوليو بالانقلاب، مازالت العديد من وكالات الأنباء ذات الصيت والسمعة تستخدم نفس الأوصاف المضللة عما جرى، ومازال يجرى فى مصر، فلماذا نتعجب إذن من عدم قدرة «الجارديان» تحديدا التأكد من صحة وصدق ما كان يكتبه لها صحفى عن مصر على مدى سنوات؟! طبيعى أن تقبل هذه الصحيفة وغيرها ممن لهم نفس التوجه، طبيعى كل المواد التى تصلهم عن مصر طالما وافقت هواهم وتوجههم بغض النظر عن مدى صحة ما يكتب مادام يخدم الفكرة الأم. ولكن اللطيف فى الأمر أن تلك الجريدة تريد منا أن نصدق مدى مهنيتها، لأنها تجرأت واعترفت بالخطأ، فبالنسبة لهم مجرد الاعتراف بالخطأ يكفى، بل ودليل على المهنية! والغريب فى الأمر أن البعض يردد هذه العبارات الجوفاء داخل مصر! ولهؤلاء أتوجه بالسؤال، هل تعتقدون فعلا أن هذه الجريدة نشرت هذا البيان لأنها بالفعل تريد أن تعتذر، وحرصا منها على حقوق القراء فى الحصول على معلومات موثقة ودقيقة؟!
إن كان الأمر كذلك فكيف تقرأون إذن هذه الفقرة فى بيان الجريدة التى كانت عريقة؟!
تقول الصحيفة فى نص بيانها إنهم سألوا أنفسهم عما كان يمكنهم القيام به بشكل مختلف لمنع حدوث هذا الأمر، ووصلوا إلى نتيجتين أكيدتين إحداهما هى أنهم، وفقا لنص البيان، «بحاجة إلى إلقاء نظرة فاحصة على المناسبات التى لا يتم تسمية الأفراد فى قصة ما بها لسبب قوى. نحن بحاجة إلى التشكيك فى استخدام مصادر مجهولة فى أى قصة، وهى سياسة ننتهجها ولكن لم نكن نُطبقها بصرامة كافية. هناك مناسبات يكون -استخدام مصادر مجهولة- ضرورة بالطبع، كما هو الحال فى تقارير الأمن القومى الحساسة، ولكن هذه القصص لم تكن بينها».
هكذا وبكل بساطة تحاول جريدة بحجم «الجارديان» أن تقنعنا بأنها «سهوا» تغاضت عن تقارير ومقالات بها تصريحات ومعلومات مُجهلة المصدر منذ 2009، لمجرد أن التطبيق لهذه القاعدة لم يكن صارما بالدرجة الكافية! وهنا أسأل من يصدقون هذه الأسباب، ماذا لو كانت كتابات هذا المراسل تتحدث عن واقع الأمر فى مصر فعلا، ويصف حقيقة ما يجرى ويصف الثلاثين من يونيو بأنها ثورة شعبية وليست مجرد احتجاجات، وأن ما يجرى فى جزء من شمال سيناء عمليات إرهابية ينفذها إرهابيون وليسوا متمردين، هل كانت الصحيفة آنذاك ستتغاضى عن التدقيق فى كل ما يكتب من معلومات، وكل ما يصدر من تصريحات على لسان مصادر مطلعة ومعلومة أو مجهلة؟!
هل مازال البعض يتشكك بل ويتوقع من هذه الجريدة أو غيرها من وكالات وقنوات كانت تروج لنفسها صورة الكمال والحرفية أن تقدم مواد صادقة ودقيقة عن الأوضاع فى مصر أو غيرها من بعض البلدان العربية؟! لمن يتشكك فليراجع تقارير «الجارديان» بعد جريمة اغتيال النائب العام مثلا، أو يقرأ عناوين «الجارديان»، والتى مازالت تصف ثورة مصر بأها انقلاب، أو فليتابع تقارير بعض الوكالات والقنوات التى تصف الإرهابيين فى مصر تارة بالمتمردين، وتارة بـ«داعش» مصر، ولم تكلف أى منها نفسها وسط آلاف التحليلات السياسية أن تحلل وتحاول أن تربط ولو مرة واحدة بين العمليات الإرهابية فى مصر ضد المدنيين والشرطة والجيش، وبين إسقاط الشعب المصرى لتنظيم الإخوان!
عدد الردود 0
بواسطة:
فتحي
كلام صحيح 100%