5 خطايا لـ"أردوغان" تقود تركيا إلى حرب أهلية.. دعم الجماعات الإرهابية.. الدخول فى خصومات مع دول الجوار.. قمع الحريات والعنف ضد المعارضة.. الاتجار بورقة اللاجئين.. وحركة الجيش خطوة لن تكون الأخيرة

الأربعاء، 20 يوليو 2016 08:00 م
5 خطايا لـ"أردوغان" تقود تركيا إلى حرب أهلية.. دعم الجماعات الإرهابية.. الدخول فى خصومات مع دول الجوار.. قمع الحريات والعنف ضد المعارضة.. الاتجار بورقة اللاجئين.. وحركة الجيش خطوة لن تكون الأخيرة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان
تحليل يكتبه: صابر جودة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- -- اليوم السابع

أثارت سياسات الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، خلال الفترة الأخيرة علامات استفهام، بداية من إصراره على إيواء الجماعات الإرهابية وأبرزها الإخوان، بل ودعم بعض التنظيمات الإرهابية، الأمر الذى أثر على علاقات تركيا الخارجية بدول الجوار، ولم تجن أنقرة من سياسات الرئيس التركى إلا مزيداً من العداوات مع دول الجوار، حتى جاءت تحركات الجيش للاستيلاء على السلطة نتيجة طبيعية لتصحيح مسار أردوغان ورفض سياساته الخاطئة، وهو الأمر الذى فسره روبرت فيسك فى مقاله بصحيفة «الإندبندنت» بأن الجيش التركى لم يكن سيظل مطيعاً للرئيس التركى أردوغان الذى حوّل الدول المجاورة لتركيا إلى أعداء.

تحركات الجيش التركى، التى لم تستمر سوى ساعات قليلة، قبل أن تفشل وتتمكن القوات من السيطرة على الأوضاع فى البلاد، كانت بمثابة زلزال هز عرش السلطان العثمانى فى دولة الخلافة، ووضعت تركيا على شفا حرب أهلية ربما تحرق الأخضر واليابس، خاصة ما أصاب الرئيس وجن جنونه داعياً مؤيديه للنزول إلى الشوارع للاحتفال بنصره على أعدائه والتصدى لحركة الجيش الانقلابية، وكأنه يرتكب نفس حماقات الإخوان، حينما كانوا يدعون أنصارهم للنزول وما يترتب عليه من صدامات بين المؤيدين والمعارضين، وما ينتج عنه من إراقة للدماء.

كما شن الرئيس التركى حملة اعتقالات واسعة لقادة الجيش، وأبرزهم القبض على قائد عام الجيش التركى، وعدد كبير من القضاة، بالإضافة إلى حملات استقطاب موسعة للمعارضين الأمر الذى يترتب عليه انقسام حقيقى بالشارع التركى ويضع البلاد على فوهة بركان من الغضب.

يبدو أن تركيا تدفع الآن ضريبة "خطايا أردوغان" وتهوره فى طريقة إدارة شئون البلاد خلال السنوات الماضية، التى لم تكسبه إلا مزيداً من العداوات لدول الجوار، وإصراره على دعم وإيواء الجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة، الأمر الذى أدخله فى خصومات وعداوات من دول الجوار، حتى أصبحت بلاده أرضا خصبة للعمليات الإرهابية، وهو ما ظهر فى السنوات الأخيرة من تزايد حدة العنف والعمليات الإرهابية، التى كان آخرها تفجيرات مطار أتاتورك التى راح ضحيتها ما يزيد عن 80 قتيلاً فضلاً عن مئات المصابين، والتى كانت بمثابة زلزال هز دولة الخلافة، خاصة أنها سبقها عدة عمليات إرهابية أبرزها تفجيران انتحاريان تحت جسر يؤدى إلى محطة قطارات أنقرة فى حى أولوص، تسبب فى مقتل 28 وإصابة العشرات، وفى 13 من مارس شهد مقتل 34 شخصاً على الأقل وإصابة 125 آخرين فى تفجير سيارة مفخخة وسط أنقرة، أما فى بداية يونيو الماضى فلقى 11 شخصاً مصرعهم وأصيب 36 آخرين فى تفجير سيارة مفخخة بمنطقة بايزيد التاريخية بوسط إسطنبول، كما قتل وأصيب ما يقرب من أكثر 10 قتلى فى تفجير بمدينة ديار بك.

بدأت خطايا أردوغان عقب اندلاع ثورة الثلاثين من يونيو فى 2013، وما ترتب عليها من إسقاط حكم الإخوان فى مصر وعلى رأسهم محمد مرسى، وهروب بعض جماعات الإخوان إلى تركيا، التى فتحت ذراعيها لتلك الجماعات، وشهدت علاقات البلدين توترات دبلوماسية ترتب عليها استدعاء سفيرى البلدين، وبدا خلالها إصرار الجانب التركى على حماية تلك الجماعات من المحرضين والمطلوبين أمنيا.

توتر العلاقات التركية المصرية لم تكن الوحيدة، وإنما تبعها توترات أخرى عقب إسقاط تركيا لطائرة روسية بداعى اختراقها المجال الجوى التركى، بعد تنفيذ هجمات جوية لمواقع داعش فى سوريا، الأمر الذى كان تحولاً كبيراً فى السياسة الخارجية التركية، وبمثابة "اللعب مع الكبار"، وما ترتب عليه من استعداء دولة ذات صقل اقتصادى وعسكرى بحجم روسيا، فضلاً عن إعلانها فرض عقوبات اقتصادية ضد تركيا.

أما دعم التنظيمات الإرهابية والمتاجرة بورقة اللاجئين العرب وتهديد الدول الأوربية بها ، فيمثلان أكبر خطايا أردوغان، وهو ما كشفته صحيفة وورلد تريبيون الأمريكية، مؤكدة أنه أحد اللاعبين الرئيسيين فى تمويل ودعم "داعش" لتصبح كياناً محورياً، وبمثابة الاستفزاز الأخير الذى يدفع إيران إلى ثأرها الموعود من تركيا بصفتها الراعى لدولة الخلافة، على حد تعبير الصحيفة، مؤكدة أن سياسة تغذية تركيا للتنظيم الإرهابى منذ نشأته فى العراق والشام لتحقيق مصالح سياسية مع الخصوم ، كما أفسدت تهديداته للدول الأوربية بفتح الحدود أمام إغراق أوربا باللاجئين علاقته بألمانيا وفرنسا وغيرهما من الدول الأوربية المحورية

وكان الاتفاق الأخير بين تركيا وإسرائيل على تطبيع علاقاتهما الدبلوماسية، والتى شهدت قطيعة منذ ست سنوات، عقب هجوم القوات الإسرائيلية على سفينة المساعدات مرمرة عام 2010 التى كانت تحمل ناشطين حاولوا خرق الحصار المفروض على قطاع غزة، بمثابة خطيئة كبرى لم ترض المواطنين الأتراك، كما أنها فضحت السياسة التركية بتخليه عن حلفائه بحماس.

وتضمن الاتفاق السماح لتركيا ببناء مستشفى للفلسطينيين وإعادة بناء البنى التحتية فى قطاع غزة، الحد من نشاط حركة "حماس" على الأراض التركية، فضلاً عن تخلى تركيا عن مطالبها برفع الحصار المفروض على قطاع غزة، الأمر الذى يمثل تخليه عن حلفائه بالقطاع، وتطبيع العلاقات بين البلدين فى جميع المجالات وعودة السفراء فى تل أبيب وأنقرة، ورفع جميع القيود المفروضة على التجارة منذ 2010، الأمر الذى وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلى بأنه خطوة مهمة للاقتصاد الإسرائيلى.

تنازلات تركيا خلال الاتفاق الإسرائيلى تطرح تساؤلاً حول انعكاس ذلك الاتفاق على القضية الفلسطينية، وتخلى أردوغان عن أنصاره فى قطاع غزة، خاصة أنه دائما ما كان يظهر نفسه حامى حمى الفلسطينيين، أم أنه محاولة لتصحيح المسار بتحسين العلاقات الخارجية لتركيا خاصة مع جيرانها.
أما عن الشأن الداخلى فتجد الرئيس التركى ينتهج سياسة قمع الحريات والتضييق، واستخدام العنف المفرط لإسكات المعارضة، وهو ما ظهر بشكل ملفت فى فض تظاهرات ميدان تقسيم بالقوة المفرطة، بالإضافة إلى اتباع سياسة تكميم الأفواه والحريات، وكان مشهد تفريق المتظاهرين الذين تجمعوا اعتراضا على اقتحام صحيفة زمان باستخدام الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه خير شاهد على سياسة القمع الأردوغانية لإسكات المعارضة.

على الرغم من وصف بعض المعارضين محاولة الانقلاب على أردوغان بأنها مؤامرة مدبرة من الرئيس نفسه للإطاحة بعدد كبير من قادة الجيش وإعادة هيكلته، سعياً لنقل نظام الحكم فى البلاد إلى النظام الرئاسى، الذى يريد تطبيقه، وما يترتب على ذلك من توسيع سلطاته، حسب جريدة زمان التركية، خاصة أنه تمكن من السيطرة على الأوضاع خلال ساعات قليلة، إلا أن الحقيقة التى لا يغفلها الجميع وفى مقدمتهم أردوغان نفسه، أنها عاصفة قوية كادت تجتاحه من عرش دولة الخلافة.

حركة الجيش التركى ليس الأولى وربما لن تكون الأخيرة، وأردوغان له تاريخ مع الانقلابات، حيث واجه عملية مشابهة فى 2003 وكان حينها ضابطا كبيرا بالجيش، وتم محاكمة 133 ضابطا بالجيش، بالإضافة إلى مواجهة عملية أخرى عام 2007 عقب العثور على 27 قنبلة فى منزل بإسطنبول، اتهم المتورطون فيها بمحاولة قلب نظام الحكم، تلك الوقائع تؤكد أن العملية الأخيرة ربما لن تكون الأخيرة، إذا لم يتعلم أردوغان الدرس جيداً ويتعامل باحترافية مع الأزمة.

نجاح أردوغان فى السيطرة على حركة التمرد الأخيرة التى كادت تعصف بعرشه ليست انتصاراً بقدر ما هى إنذار خطر للرئيس التركى، وخطوة على الطريق الصحيح لإعادة ترتيب الأوراق فى الداخل، ومراجعة سياساته الخارجية مع دول الجوار، أم أنه سيصيبه غرور العظمة ونشوة الانتصار ويواصل سياسة قمع الحريات والتنكيل بالمعارضين وكسب مزيد من الخصوم والعداوات.. هذا ما تثبته الأيام المقبلة.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة