حذرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية من حرب تجارية بين الصين والولايات المتحدة بسبب السياسات الاقتصادية التى سيتبعها ترامب عند تسلمه مقاليد الحكم فى 20 يناير الجارى، وبسبب استمرار بكين فى تخفيض عملتها المحلية.
ترامب
وقالت المجلة: إن أداء الأسواق المالية الأمريكية منذ انتخاب دونالد ترامب، رئيسا للبلاد، كان جيدا للغاية، وكان بمثابة انتصار للأمل على المنطق، لاسيما مع ارتفاع مؤشرات البورصة الرئيسية لأعلى مستوى لها، مدفوعة بالتفاؤل بشأن وعود الرئيس المنتخب الاقتصادية خلال الحملة الانتخابية، مثل خفض الضرائب واستعادة مليارات الدولارات التى تخزنها الشركات بالخارج بدلا من أن تستثمر بالداخل، واستثمار تريليونات الدولارات فى البينة التحتية وتقليل الضوابط التى تحكم الاقتصاد.
البنك المركزى الصينى
وتابعت: عكست الأسواق قلقا لا يمكن إغفاله، فرغم أن خطة ترامب الاقتصادية رفعت معدل الفائدة ومن ثم قيمة الدولار الأمريكى، إلا أن هذا فرض ضغوطا على اقتصاد الأسواق الناشئة، وخاصة الصين، للدفاع عن ضعف العملات.
وتضيف المجلة أن الاقتصادين يعزون أسباب انتعاش الأسواق الأمريكية إلى التفاؤل أيضا، فاقتصاد أمريكى قوى مدفوع بسياسات هدفها تعزيز النمو، سيؤدى فى نهاية المطاف إلى معدلات فائدة أعلى، وإلى زيادة الطلب، وهذا النمو سيؤدى إلى زيادة طفيفة فى الضغوط التضخمية، فى الوقت الذى سيؤدى فيه ارتفاع معدلات الفائدة إلى تشجيع المزيد من المستثمرين حول العالم للاستثمار فى الولايات المتحدة، الأمر الذى سينتهى بارتفاع قيمة الدولار. ولكن هذا لا يعنى بالضرورة أن النهاية ستكون سعيدة، فالسياسة المالية المتساهلة لها عواقب، منها أن ارتفاع قيمة الدولار مقابل العملات الأخرى، مما يعنى وجود مشكلة حقيقة للشركات الأمريكية متعددة الجنسية التى تعمل بالخارج، لأن الإيرادات بالخارج تكون أقل إذا ما تم حسابها بالدولار.
واستطردت المجلة: هذا ما حدث فى عهد إدارة الرئيس رونالد ريجان، التى عرفت فى الفترة من أوائل إلى منتصف الثمانينات، بـ"حقبة الدولار السوبر". ولكن ارتفع بعدها عجز الميزان التجارى الأمريكى بشكل كبير، لأن البضائع المستودة أصبحت أكثر تنافسية من حيث السعر، وعانت الصادرات الأمريكية بالخارج.
وتعهد ترامب أثناء الحملة الانتخابية بأنه سيقلل الدين المحلى، ولكن احتمالية حدوث ذلك لا تزال بعيدة، بحسب المجلة. الرئيس المنتخب يريد أن يخفض معدل الضرائب على الأفراد والشركات وأن يزيد الإنفاق العسكرى ويبنى بنية تحتية وطنية، والسبيل الوحيد لفعل ذلك دون الإضرار بعجز الموازنة هو إصلاح برنامج الاستحقاق الذى يشمل التأمين الاجتماعى والرعاية الصحية، وهو ما يريده الجمهوريون، ولا يحبذه ترامب، فهو ليس لديه أى حماس لتخفيض هذا البرنامج، مما يعنى أن عجز الموازنة أغلب الظن سيزيد، مما يعنى أن الولايات المتحدة ستضطر إلى الاستدانة من الخارج لتمويل نفسها، الأمر الذى سيزيد من الضغوط على الدولار، مما يرفع عجز الميزان التجارى مثلما حدث فى عهد ريجان، وهو ما لا يريد ترامب حدوثه.
البنك المركزى الصينى
وهنا، تضيف "نيوزويك" تتحول سياسة ترامب الاقتصادية إلى مشكلة، بالنظر إلى ما يحدث فى الصين. فرغم اتهام الرئيس المنتخب المتكرر لبكين بأنها "تتلاعب" بعملتها، بالحفاظ على قيمتها المنخفضة أمام الدولار، إلا أن البنك المركزى الصينى يسعى جاهدة للحفاظ على قيمة العملة المحلية.
مع ارتفاع قيمة الدولار، وتضاعف الاقتصاد المحلى، يخرج المستثمرون الصينيون الأموال من دولتهم ويحولوها إلى أصول دولارية، لتتراجع حيازات النقد الأجنبى الصينى بنسبة 70 مليار دولار فى ديسمبر إلى أقل مستوى فى ستة أعوام، ويزداد الضغط جزئيا بسبب المخاوف من التخفيض الذى يرى بعض الخبراء أنه أمرا لا مفر منه.
وأضافت المجلة أن هذا معناه أن الواردات الصينية ستزداد ولن تتراجع، مثلما يأمل ترامب. وبالنظر إلى السياسات المطبقة فى واشنطن، اندلاع حربا تجارية مباشرة مع بكين أمرا لا مفر منه.
وختمت المجلة تقريرها بالقول إن حرب تجارية بين أكبر اقتصادين فى العالم شيئا لا يجب أن يتمناه أى صانع سياسة عاقل، ومع ذلك، السياسات التى يرغب ترامب فى تطبيقها ربما تنتهى بأن يتحول انتعاش الأسواق الحالى إلى عكسه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة