لا يبدو حديث الرئيسين الأمريكى والروسى عن الحل السياسى فى سوريا جديدا، لكنه ربما كان مؤشرا ضمن مؤشرات متعددة عن عملية إعادة ترتيب أوراق المنطقة، وإغلاق ملفات وفتح ملفات أخرى، والتحولات الضخمة التى تشهدها المنطقة العربية اليوم على عدة جبهات، هى نتاج لتراكمات كمية جرت على مدى عقدين على الأقل، ربما منذ غزو أمريكا للعراق والبعض يرجعها إلى عام 90 التى شهدت الغزو العراقى للكويت وما تبعه من عاصفة الصحراء.
وتبدو التحولات الجارية عربيا على عدة أصعدة داخلية وإقليمية، أقرب لسنوات غليان شهدتها المنطقة قبل وبعد الحرب العالمية الثانية. فقد كانت الحرب الثانية بداية لمرحلة امتدت بطول الخمسينيات وحتى سقوط سور برلين نهاية الثمانينيات من القرن العشرين.
فيما يتعلق بالوضع فى سوريا، بعد 6 سنوات من الحرب التى دعمتها أمريكا وقطر وتركيا ودول أوروبا، وكان الهدف هو دعم ما يسمى الجيش السورى الحر، كانت النتيجة «داعش» وتنظيمات إرهابية مرتزقة، وتبخر الجيش الحر وتوابعه من جيوش هيكلية، وجرت جولات جنيف مرات من دون التوصل إلى نتيجة، ويبدو الوضع عائدا إلى نقطة البداية من جديد، بعد اتفاق آخر بين أمريكا وروسيا على الحل السياسى.
وقد أعلن الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب السبت أنه توصل لاتفاق مع الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، بشأن سوريا، وأن هذا الاتفاق سينقذ عدداً هائلاً من الأرواح، ترامب التقى بوتين خلال قمة زعماء دول آسيا والمحيط الهادى، لا توجد تفاصيل عن هذا الاتفاق باستثناء الحديث عن حل سياسى فى سوريا وعلى الهامش اتفاق على محاربة «داعش».
الرئيس الروسى بوتين قال إن البيان المشترك مع ترامب بشأن سوريا مهم للغاية، ويؤكد مبادئ الحرب على الإرهاب، وقال إنه لا تزال هناك حاجة إلى المزيد من الاتصالات الأمريكية الروسية لمناقشة قضايا الأمن والتنمية.
التصريحات تأتى ضمن ترتيبات تجرى لإغلاق ملف داعش، وهو الذى نشأ ضمن ترتيبات معقدة، ويبدو أن إغلاق ملف التنظيم، سوف ترافقه ملفات أخرى لاتزال معلقة ومرتبطة به.
اللافت أن لقاء ترامب وبوتين يأتى وسط الاتهامات والتقارير التى تتحدث عن تدخلات روسية فى الانتخابات الأمريكية، والتحقيق مع أعضاء حملة ترامب الانتخابية، ترامب أشار أثناء الحديث إلى أن بوتين أكد مجدداً أنه لم يتدخل فى انتخابات الرئاسة الأمريكية العام الماضى. بينما بوتين قال إنه أجرى حواراً طبيعياً مع ترامب خلال قمة فيتنام، ووصف ترامب بأنه متحضر ومثقف ومريح، بوتين وصف ما أسماه مزاعم التدخل الروسى فى الانتخابات الأمريكية بأنها «أوهام».
وبالطبع فإن التصريحات المتبادلة بين الرئيسين عن الحل السياسى أو إنهاء داعش، هى الجزء الظاهر سياسيا، بينما الخطوات الأهم هو ما يتعلق بما أسماه بوتين ملفات التنمية والاقتصاد، لأنها تمثل المطالب الأساسية للدول الكبرى من المنطقة، وترجمتها النفط والغاز والمصالح الاستراتيجية وملفات إيران وكوريا الشمالية، وفى القلب منها ملفات السياسة فى العالم العربى، الذى يواجه توابع وصراعات متواصلة من 7 سنوات، تبدو مثل قنبلة نووية لاتزال توابع إشعاعاتها مستمرة.
الحديث عن حل سياسى فى سوريا، عنوان يعكس الكثير من الخيوط والأوراق والملفات، منها ملف داعش، وبجانبه ملفات إقليمية بعضها يمثل تسديد ثمن، والبعض فتح حسابات جديدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة