بطرس غالى والخديو إسماعيل "خونة تاريخ" ومحمد على دموى
لو كنت رئيسا لأمرت بردم قناة السويس لحماية مصر من الأطماع
عرض المومياوات المصرية القديمة بالمتاحف حرام شرعا
70% من علماء الآثار الأجانب يهود وهدفهم تهويد حضارة مصر
هذه عناوين وأرقام مزادات بيع آثار مصر "ديلفرى" بالخارج
هيرودوت صاحب مقولة "الأهرامات بُنيت بالدعارة" وليس "مصر هبة النيل"
99% من آثار مصر لم تُكتشف.. ولدينا 17 هرما و3100 مقبرة تحت الأرض
الأقصر ليس بها ثلث آثار العالم.. وفرعون الخروج ليس رمسيس الثانى
قدماء المصريين نادوا بالزواج المبكر وأحبوا "الست الكيرفى"
أول واقعة تحرش جماعى كانت فى "جنينة" بعهد رمسيس الثانى
هذه حكاية أول مسؤول حكومى فاسد وشاذ فى تاريخ مصر
أحمد شوقى له سقطات أبرزها كتابته فى حب الخمر واستهزائه بشهر رمضان
مستغرب ترميم المعابد اليهودية وأطالب بتفكيكها ومنحها لأصحابها
مع كل حدث جدلى يرتبط بالتاريخ أو الآثار، ستجد حضوره التليفزيونى بملفات، خاصة فى وسائل الإعلام الدولية مثل "بى بى سى" و"سى إن إن" وغيرهما، وفى كل جامعة أو قاعة محاضرات ستجد له عشرات اللقاءات عن تاريخ مصر وشخصياتها وآثارها، وفى أغلب مكتبات العالم التاريخية ستجد له كتبا وأبحاثا، من أهمها نظريته الشهيرة التى نشرها فى كتاب بعنوان "The second Sphinx" أو "أبو الهول الثانى"، التى يبرهن فيها على وجود تمثال ثانٍ لـ"أبى الهول"، إنه المؤرخ والباحث بسام الشماع، الذى اعتاد أن يقدم التاريخ المصرى فى محاضراته وكتبه كالوجبات الخفيفة سريعة الهضم.
فى حواره مع "اليوم السابع" اقتحم الشماع كثيرا من الزوايا المظلمة فى التاريخ القديم والحديث، واشتبك معها برؤية بحثية وطرح مصحوب بالمعلومات، مخلخلا كثيرا مما يعتبره البعض ثوابت تاريخية ويقدموا أدلة ومعلومات على ثوبتها، كما كشف كثيرا مما يتداوله الإعلام واصفا إياه بـ"المغالطات" حول أسماء وشخصيات وأحداث تاريخية كثيرة، وهو ما يجعلنا أمام حوار مختلف ومغاير، ومثير لكثير من مناطق النقاش والاشتباك...
بداية.. أود أن أعرف لماذا تحب أن يظل لقبك الباحث والمؤرخ وليس الدكتور؟
لأننى ببساطة لا أرى فى كل بلاد العالم تقديسا للألقاب كالذى أراه فى مصر، رغم أن مصر هى التى احتضنت عباس محمود العقاد، هذا العظيم الذى لم يُكمل تعليمه، وغيره من الرموز فى مجالات كثيرة، لم يحصلوا على درجات علمية، ولم يكملوا تعليمهم من الأساس.
ما الفارق بين المؤرخ والباحث وعالم المصريات؟
أنا لا أحب هذه الألقاب، وإن كنت تستطيع وصفى ووصف أى مؤرخ بها، لكننى شخصيا لا أعتبر نفسى إلا ناقلا جيدا للتاريخ، مثل السلك المعدنى الموصل للحرارة، والحقيقة أن شرطى الوحيد فيمن يتحدث فى التاريخ أن تكون لديه وثائق، وليس مجرد رأى، وأن يكون قد تخلص من الشيفونية الحضارية، أى أن لديه قوة نفس تتحمل انتقاد حضارته أو تاريخه.
لماذا يشعر من يتابعك أنك دائم النقد للمؤرخين وكتب التاريخ والمناهج الدراسية؟
الحقيقة أن هذا الشعور ربما يكون سببه أننى لا أحب التأليه أو صناعة الرموز غير القابلة للمسّ، ولأننى أيضا أدقّق فى كل كلمة تُقال لأطفالنا وأبنائنا فى المدارس، خوفا عليهم من المعلومات الخاطئة التى تُوضع فى رؤوسهم، دون اهتمام منا، وكأن رؤوس أبنائنا لا تستحق منا الاهتمام.
هل يريد المجتمع منّى أن أصمت عندما تظل مناهجنا تقول لأطفالنا إن هيرودوت "أبو التاريخ" وإنه صاحب مقولة "مصر هبة النيل"، حتى لو كان هذا كذبا ولا دليل عليه؟ وحتى لو كان "هيرودوت" هذا قال عن أهرامات مصر فى مؤلفاته الموجودة فى كل مكتبات العالم إنها "بُنيت بالدعارة"؟ أهكذا أكون مؤرخا جيدا عندما أترك هذه الأخطاء الكارثية تدخل عقول أبنائنا؟.
بما أننا نتحدث عن المناهج.. ما هو عمر الحضارة المصرية.. 7 آلاف عام أم 5 آلاف كما ذكر الدكتور زاهى حواس؟
يؤسفنى أن أصدم الدكتور زاهى حواس، وأقول له إن الحضارة المصرية القديمة عمرها ليس 7 آلاف عام فعلا، وإنما 500 ألف عام، وبنطق آخر نصف المليون عام، والدليل ليس على لسانى، بل على لسان كل العلماء الأجانب الذين جاءوا لمصر، وأثبتوا بنظرياتهم أن أول إنسان عاش على أرض مصر كان قبل 500 ألف عام.
لكن وجود أول إنسان بمصر لا يعنى وجود حضارة.. وهذا ما يعنيه حواس بأن الحضارة بدأت باختراع الكتابة
التفسير العلمى للحضارة يقول إنها تبدأ مع بداية الحياة والإضافة للآخرين، ولو وافقنا زاهى حواس فى رأيه بأن حضارة مصر بدأت مع الكتابة، سيعنى ذلك أن اكتشاف المصريين للرى والزراعة واختراعهم لطريقتها ليس حضارة، وأن توحيد القطرين لم يكن حضارة، وأن حضارات قديمة مثل "نبتا بلايا، ونقادة 1، ونقادة 2، وجرزا" كلها ليست حضارات مصرية قديمة، وسؤالى هو لماذا نخسرها ونخسر ميزة أننا من أقدم الحضارات على الأرض؟ أنا أدعو زاهى حواس أن يشاهد فيديو الرئيس الأمريكى دونالد ترامب والرئيس الصينى، عندما كانوا يتجادلون حول الحضارة الأقدم، مصر أم الصين، واتفقا على أنها مصر، فماذا لو سمع الرئيسان نظرية زاهى حواس؟
سمعة زاهى حواس الدولية قوية ولديه كثير من المحبين.. هل تعتقد أن حديثه أضر بحضارة مصر؟
بالتأكيد.. ثم إننى بالمناسبة لا أعتبر زاهى حواس مؤرخا أو مصدر معلومات تاريخية، زاهى حواس "بتاع شو"، وأنا أحب طريقته بالمناسبة، لكن لا يؤخذ منه معلومة.
وماذا عن الأسماء والشخصيات التاريخية فى المناهج الدراسية؟ هل شابها التشويه أيضا؟
نعم بالتأكيد، نحن نصنع آلهة من بعض الأشخاص فى مناهج الدراسة دون أى دافع أو منفعة من ذلك، وأنا فى هذا السياق أطالب بأكثر من تعديل، أولا حذف قصائد أحمد شوقى ولقبه أمير الشعراء من المناهج الدراسية، لأن نفس الشخص الذى نقدمه للأطفال على أنه أمير الشعراء، يقرأ له أطفالنا بعد ذلك قصائده فى حب الخمر، والاستهزاء بشهر رمضان.
ألا تعتبر هذا أيضا تشددا وهجوما على رموز تاريخية؟
أنا لا أهاجم أحدا، أنا فقط أريد أن نذكر الجيد والسيئ فى تاريخنا وشخصياتنا، حتى ينشأ أطفالنا قادرين على التمييز والنقد، وليس التأليه والتلقين، ولذلك أيضا أطالب بحذف نجيب محفوظ من المناهج، أو على الأقل حذف ثلاثيته التى شوهت المجتمع المصرى وجعلته كله إما "سى السيد الخائن" أو "أمينة منكسرة الخاطر" أو "المحشش" أو "الفاسد"، هذا رجل شوّه المجتمع المصرى أمام العالم.
لكن نجيب محفوظ قيمة أدبية كبيرة ولا خلاف على وطنيته وموهبته
أنا لا أختلف على ذلك، لكن من الإنصاف أن نقول الإيجابى والسلبى، نجيب محفوظ شوّه التاريخ وقدّم فى روايته "أولاد حارتنا" محاكاة واضحة للنبى والإله، فلماذا نخاف من انتقاده؟ لماذا صنعنا تماثيل وتابوهات نخشى الاقتراب منها لهذه الدرجة؟
هذا رجل حاصل على جائزة نوبل والعالم يقدره وروايته نقلت الواقع.. كيف نحذفه من المناهج؟
حجة أنه كان يحاكى الواقع وينقله عبر كتاباته خاطئة، فلماذا لم يكتب فى روايتيه شخصيات مثل العالم الكبير يحيى المشدّ؟ ولماذا لم يجسّد شخصية المؤرخ جمال حمدان؟ ولماذا لم تشر رواياته إلى رموز نسائية شرّفت مصر مثل سميرة موسى ونبوية موسى وغيرهما ممن أثّرن فى الحياة الثقافية والعلمية فى مصر؟ لماذا يقرأ العالم كله رواياته المترجمة بهذه الطريقة التى تسىء لمصر؟
أما ما يخص حصوله على نوبل، فهذا ليس حصانة له، بدليل أننا ننتقد البرادعى طوال الوقت وهو حاصل على نوبل أيضا، وكثيرون ينتقدون الزعيم السادات، وهو أيضا حصل على نوبل، ولو يعنى هنموت ونحط نجيب محفوظ أو أحمد شوقى فى المناهج، يبقى قول عنهم الإيجابى والسلبى، ولا تخاف، لأن حضارة مصر أقوى من الأسماء، بمعنى أنك إذا أردت ذكر موهبة أحمد شوقى، قل للأطفال بكل هدوء إن له سقطات منها أنه كتب فى حب الخمر واستهزأ بشهر رمضان، وقل إنه هاجم الزعيم أحمد عرابى، لأن شوقى من أصل شركسى، وعرابى من أصل مصرى وأصبح زعيما.
لكن حتى عرابى نفسه عليه خلاف.. ويوسف زيدان قال إنه لم يقف أمام الخديو وقفته الشهيرة
هذا كذب وتزييف، وأنا أدعو يوسف زيدان لقراءة مذكرات أحمد عرابى الصادرة عن دار الهلال "بـ3 قرش صاغ"، وسيجد فيها شرحا تفصيليا لواقعة سراى عابدين التى واجه فيها الخديو.
لك بحث تتحدث فيه عن "خونة التاريخ".. من تقصد بهذا الوصف؟
أقصد شخصية مثل بطرس غالى الذى نكرّمه بإطلاق اسمه على أحد شوارع مصر الجديدة حتى الآن، رغم أنه الخائن الأكبر فى تاريخنا، وقد ترأس مع شقيق سعد زغلول محكمة دنشواى، وكانوا يجلدون البعض ويعدمون آخرين، وهو أيضا صاحب مقترح مد حق امتياز قناة السويس، ورغم كل ذلك نترك الشارع الشهير باسمه وكأننا لا نقرأ التاريخ ولا نعرفه.
وشخصية أخرى مثل محمد على، الذى ننسب له بناء مصر الحديثة، وننسى أنه بناها على جثث الشعب المصرى ودمائه، وأنه صاحب فكر دموى، واستخدم الرق والعبودية فى حكمه، فمن يرضى أن يأتى حاكم الآن ليبنى مشروعات قومية بالسُّخرة مثلا؟ هل سنعتبر ذلك الحاكم مؤسسا لمصر الحديثة؟ كما أن من بين الخونة أيضا الخديو سعيد والخديو إسماعيل، اللذين تركا المصريين يموتون من أجل حفر قناة السويس.
لكن هذه القناة الآن إحدى أسلحة مصر القوية وأهميتها لا علاقة لها بالطريقة التى حُفرت بها؟
لا طبعا، هذا تحليل مرفوض، لأن قناة السويس جرّت الأطماع والحروب لمصر، ولو أنا حاكم لهذا البلد الآن أو فى الماضى لردمت قناة السويس مهما كانت أهميتها، لأستريح من طمع الدول الاستعمارية فينا.
هناك جدل كبير حول "من هو فرعون الخروج".. هل يمكن حل هذا اللغز من خلال التاريخ؟
دعنى أبدأ الفكرة من أولها، أولا يؤسفنى أن أخبرك أن الأهرامات و"أبو الهول" ليست نتاج الحضارة الفرعونية، وهذا أيضا وفقا لرؤية زاهى حواس وكثير من العلماء الذين يستخدمون مصطلح "الحضارة الفرعونية"، وهذه المعلومة مهمة لتأسيس الفكرة الثانية بأن مصطلح "الحضارة الفرعونية" من الأساس مصطلح خاطئ، ويحرم مصر من حضارة 17 أسرة عاشت قبل أول استخدام للقب "فرعون"، والتاريخ يقول إن الأهرمات و"أبو الهول" جرى بناؤها حتى الأسرة الرابعة، لكن لو استبدلنا مصطلح "الحضارة الفرعونية" بـ"الحضارة المصرية القديمة" سنحل الإشكال التاريخى دون "فذلكة وتعقيد".
أما فيما يخص فرعون الخروج، فالنظرية الأقوى تقول إن "فرعون" اسم لا لقب، لأنه لم يأتِ مضافا إليه "ألف ولام" فى القرآن الكريم، واعتقادى أن فرعون الخروج ليس رمسيس الثانى كما يُشاع، وليس أى ملك من الملوك التى لها آثار، لأن الله قال فى قرآنه "ودمرنا ما كان يصنع فرعون"، لذلك يجب أن نبحث عن ملك آثاره محطمة وليست سليمة، وقد طلبت لقاء دار الإفتاء لحسم هذا الجدل، والإجابة على من هو فرعون الخروج، ولم يتم تلبية طلبى.
هل ذلك يعنى أن أى ملك له مومياء موجودة ليس "فرعون" المقصود؟
أعتقد ذلك، لكنى أيضا هنا أود أن أشير إلى أننى أطالب الدولة بمنع عرض المومياوات فى المتاحف، وبإعادتها للمقابر، والتوقف عن نبش مزيد من المقابر الفرعونية، لأننى أعتبر ذلك إهانة للحضارة المصرية، ولا يجب أن نتجاهل أن المصرى القديم طلب بنفسه عدم نبش المقابر، بل ورسم على جدرانها أسودا وحيوانات لتخويف من سيحاولون نبشها أو سرقتها، ومن هنا أصلا جاءت فكرة لعنة الفراعنة.
كيف تُهان وهى محمية بكل السبل إضافة إلى أن الدولة تستفيد من عرضها؟
أسألك وأسأل أى شخص سؤالا واحد.. هل تقبل أن ننبش قبر جدك السابع أو العاشر ونعرض جثمانه فى متحف وتستفيد العائلة ماديا من ذلك؟ هذا سبب غير إنسانى وغير أخلاقى، أنا لا أعرف لماذا اعتدنا استباحة المقابر رغم أن الأديان حرّمت ذلك، وللعلم أنا أسعى للقاء أئمة بالأزهر الشريف أو دار الإفتاء لاستصدار فتوى بتحريم نبش مقابر الفراعنة، وبإعادة الجثامين، ومنع عرضها فى المتاحف.
وما الفائدة منها إذن؟.. وكيف نعوض الخسارة المادية بعدم عرضها؟
أولا، لا توجد خسارة على الإطلاق، بل على العكس، أنا أطالب بفتح كل المتاحف والأماكن الأثرية مجانا، لأن الاستفادة ليست فى سعر التذكرة، بل فى وجود السائح فى مصر من الأساس، ومن الذكاء أن أسمح للأجانب والمصريين بدخول تلك الأماكن مجانا، وأحقق الاستفادة بأشكال تجارية كثيرة أخرى، مثلما يحدث فى المتحف البريطانى الذى توجد به ملايين القطع الأثرية ويدخله الجميع مجانا.
وكيف نتمكن من مواصلة البحث والاكتشافات الأثرية دون فتح المقابر؟
وهل كان اكتشاف فجوة الهرم الأخير مرتبطا بمقابر؟ الاكتشافات الأثرية الحقيقية والمؤثرة لا تتم من خلال المقابر، بل إن أغلب المقابر تُسرق محتوياتها دون استفادة حقيقة منها.
لكن حتى اكتشاف فجوة الهرم قال عنه زاهى حواس إنه قديم ومعروف؟
"ده كلام فارغ"، ولمّا زاهى حواس عارف إن فيه فجوة فى الهرم، ليه جاب علماء يشتغلوا عليه، من وجهة نظرى ده أهم كشف فى الهرم من 200 عام، وسيغير علم البيرمادولوجى أو علم الأهرامات، وأعتقد أن هذه الفجوة بها كنوز أو أسرار تخص طريقة بناء الهرم، وأزعم أن عدم وجود ممر وصول أو خروج من تلك الفجوة دليل أنها أهم من غرفة الملك نفسه التى يوجد لها ممر.
هل تستطيع مصر الاعتماد على علمائها فقط فى الاكتشافات الأثرية؟
نعم نستطيع جدا، وأنا أدعو لتمصير علم المصريات، ورفع القبعة عن الآثار المصرية، ونحن لدينا خبرات كبيرة، والمطلوب فقط من الأجانب لو أرادوا وجه العلم، أن يوفروا لنا الأموال والآلات فقط.
وهل تشعر أنهم يريدون وجها آخر غير وجه العلم؟
بالتأكيد، هل تعلم أن 70% من علماء الحفر الأثرى فى مصر يهود، وهذه معلومة وليست توقعا، بل قيلت لى على لسان واحدة من أهم العلماء الأجانب فى مصر، وللعلم أيضا، لقد أبلغت وزارة الآثار بتلك المعلومة وردوا علىّ بأنهم يدرسون ملفات العلماء جيدا، ولم يجدوا مشكلة أمنية.
إذن ما المشكلة إذا كانت الدولة تدرس ملفات العلماء الأجانب فعلا؟
المشكلة ليست أمنية، المشكلة ثقافية وحضارية، لأن العلماء اليهود يأتون لمصر ولديهم هدفان: الأول اكتشاف أى شىء يثبت وجود أى حق لبنى إسرائيل فى مصر وحضارتها القديمة، والثانى تهويد الحضارة المصرية من خلال كتاباتهم ومؤلفاتهم عنها، التى تُنشر فى كل مكتبات العالم، ومن يسافر للخارج يعرف ذلك جيدا.
هل تلك البعثات مرتبطة بسرقة الآثار المصرية أو تهريبها؟
الحقيقة المؤكدة بالدلائل تقول إن اليهود أكبر سارقى الآثار المصرية فى العالم، وهذا سر عدم توقيع الدولة العبرية على اتفاقية اليونسكو لمنع الاتجار فى الآثار، رغم أن مصر وقعت عليها، والدليل الآخر هو انسحاب إسرائيل وأمريكا من منظمة اليونسكو فى الانتخابات الأخيرة، وهو ما توقعته فى 2012، منذ دخول فلسطين المنظمة، لأن إسرائيل لا تريد أى حماية للآثار الإسلامية.
كم بالمئة من الآثار المصرية لم يُكتشف حتى الآن؟
ظل العلماء على مدار سنوات ماضية يقولون إن ما اكتُشف 30% فقط، لكن الآن أثبتت العالمة الأجنبية سارة بركاك أن 99% من الآثار المصرية ما زالت مدفونة تحت الأرض ولم تُكتشف، وهذا من خلال دراسة ما تحت سطح الأرض بالقمر الصناعى، بل واكتشفت أيضا أن هناك 17 هرما و3100 مقبرة ما زالت غير مكتشفة.
بمناسبة الأرقام والنسب التى تُحدّث كل فترة.. هل ما زالت الأقصر تضم ثلث آثار العالم؟
هذه الجملة أساسا أكذوبة، وبالعقل كده عشان أعرف إن الأقصر بها ثلث آثار العالم فهذا يعنى "إنى عدّيت كل آثار العالم قطعة قطعة، ثم عدّيت آثار الأقصر وطلعت الثلث"، وهذا لم ولن يحدث، فمن الذى جاء بتلك النسب المثيرة للضحك؟ الحقيقة أننا لا نعرف لماذا الأقصر ولماذ الثلث وليس الربع أو النصف مثلا، وهى معلومة من قبيل الخرافة.
وهل مصر تحتاج أموال الأجانب لترميم آثارها أم يمكنها تولى هذا؟
للأسف نعم، رغم إننا حاليا بنصرف 100 مليون جنيه على ترميم معبد يهودى واحد فى الإسكندرية، والصراحة لا أعلم سبب إنفاق كل هذا المبلغ على معبد يهودى واحد، وكل اليهود اللى فى مصر أصلا يُعدّوا على الأصابع، أنا أطالب بإغلاق كل المعابد اليهودية هنا، وبدل إنفاق الملايين عليها لترميمها، نفك كل الآثار اليهودية وياخدوها ويخلّصونا منها، بما فيهم مقام أبو حصيرة، وفلوس الترميم نصرفها على آثارنا الإسلامية والقبطية والفرعونية.
لديك كثير من المحاضرات المخصصة للنكات والمشاهد الطريفة فى حياة المصرى القديم.. فما أهم تلك المشاهد؟
هى ليس نكات أو طرائف، هى أشياء حقيقية، لكنى ألقيها بنوع من الطرافة كى لا ينساها الحاضرون، فمثلا تشير أحدث الاكتشافات إلى أن أول "جى بى إس" فى العالم كان من اختراع الفراعنة، وهو ما اكتُشف فى منطقة "نبتا بلايا" بالنوبة، وهو عبارة عن مجموعة أحجار تعطى معلومات عن الاتجاهات والتقويم السنوى، وهو اختراع موجود منذ 4200 عام قبل الميلاد، أى قبل اختراع الكتابة التى يعتبرها زاهى حواس بداية الحضارة، وهو ما يدل على خطأ نظريته، وإلا ما اعتبرنا هذا الاكتشاف جزءا من الحضارة المصرية القديمة.
من المعلومات الطريفة أيضا أن أول عملية تجارة بين دولتين فى العالم كانت بين مصر وفلسطين، وهو ما اكتُشف فى حضارة تُسمّى حضارة المعادى، قبل الكتابة أيضا، وكانت العملية التجارية فى أحجار تجميل واكسسوارات نسائية.
هل كان المصرى القديم يعرف الجريمة مثل التحرش أو الفساد أو السرقة؟
أجاب ضاحكا: "الحقيقة آه، وجدا كمان، والبرديات بتحكى لينا عن أقدم متحرش وأقدم موظف فاسد وأقدم شاذ فى التاريخ، وده اسمه بانيب، وهذا الرجل ارتكب 35 جريمة، وكان يعمل مديرا للعمال، فسرق طعامهم، وكان يعتدى عليهم، وسرق ملابس إحدى السيدات ولبسها، فى إشارة إلى أنه كانت لديه ميول جنسية شاذة".
وما قصة التحرش عند المصريين القدماء؟
القصة أنه بعد أحد المعارك التى انتصر فيها رمسيس الثالث، قرر إنشاء حديقة عامة للمواطنين، وبعد عدة أيام اكتشف أنها تشهد حالات تحرش واعتداء على النساء، فأطلق "فيالق" الشرطة النيلية، ودخلت قبضت على كل من يتحرش بسيدة، وقضى على الأمر تماما، ومن أوجه الفساد أيضا عند المصرى القديم، أن ابن الكاهن يصبح كاهنا، وابن العامل عاملا، وابن الحاكم حاكما".
أخيرا.. ماذا عن الحب والجمال والزواج فى حياة المصرى القديم؟
الحقيقة أن المصرى القديم اهتم كثيرا بالجمال والموضة والحب والجريمة أيضا، فتجد مثلا أن زيادة وزن المرأة المصرية لها أصل لدى المصرى القديم، إذ يوجد نص ينصح الرجل بأن يتزوج المرأة السمينة المحبوبة بين أهلها، وتشير الوثائق أيضا إلى أن الرجل المصرى القديم كان يرتدى سلسلة عليها قلب فى رقبته، وليست الأنثى التى تفعل هذا.
كما تؤكد البرديات أيضا أن البنت المصرية القديمة كانت "سرّ أمها" كما هو الحال الآن، إذ تحكى فتاة أنها حكت لأمها قصة حبها لشاب، فنصحتها الأم بعدم التحدث معه، وانتظار أن يأتى إلى أبيها، وعملت البنت بنصيحة أمها، وبالفعل جاء الشاب وتزوجها من والدها، والطريف أيضا أن البريدات تشير إلى أن الزواج المبكر كان موجودا منذ العصور القديمة، وكانت الغالبية تفضله، إذ يقول النص فى البردية: "إذا أردت أن تكون سعيدا تزوج مبكرا"، وكان الزواج يتم وقتها فى سن 14 للبنت و18 للولد، لكن أيضا كان هناك خلع، وكانت تستطيع المرأة أن تطلق نفسها إذا لم تستطع الحياة مع الزوج.
مستغرب ترميم المعابد اليهودية وأطالب بتفكيكها ومنحها لأصحابها