تعقد مسار القانون الانتخابى اللبنانى، ووصل إلى مفترق طرق بين جميع الأطياف، بسبب عدم التوافق على صيغة انتخابية جديدة تضمن تمثيل عادل للجميع، ومع وصول الأزمة لمنتهاها يترقب اللبنانيون كلمة حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله قريبا والتى أصبحت مدعاة للتفاؤل لديهم، بعد أن ارتبط ظهوره فى الأوقات الحالكة بتحريك الأزمات السياسية التى تعصف بلبنان.
الجميع يذكر فى أكتوبر الماضى وعندما وصلت أزمة الفراغ الرئاسى إلى طريق مسدود ظهر نصر الله ليعلن قُرب الانفراجة ليعقبها مباشرة انتخاب ميشال عون، وما أن انسد الأفق فى التشكيلة الحكومية عاد الأمين العام للحزب الشيعى للظهور من جديد ليتم إعلان تشكيل الحكومة بعدها بأيام قليلة، وهو أن دل على شئ فإنما يدل على وصول الحزب وأمينه العام إلى مرحلة تحكم بخيوط السياسة اللبنانية، تصل إلى حد فرض حلوله على كافة الأطياف.
يبدو أن لبنان أصبح على موعد جديد لطلة حسن نصر الله، فى وقت اتسعت فيه هوة الخلاف بين الأطياف اللبنانية، وانقسموا حول صيغة القانون، حيث يرغب كل طرف أن يضمن من خلال الانتخابات التشريعية تمثيل جيد فى المجلس النيابى المقبل يؤمن له ثقل فى العهد الجديد.
فالأمر أصبح يحتاج إلى إنقاذ بعد إعلان الرئيس ميشال عون الحرب ضد المعرقلين للتوصل إلى صيغة قانون جديد تقوم على النسبية – فى إشارة إلى سعد الحريرى رئيس الحكومة – حيث أعلن استعداده للمواجهة، مؤكدًا على أن الأزمة "تكمن فى أن كل واحد يريد أن يسحق الأقلية الموجودة فى طائفته لأنه لا يريد لها أن تتمثل، كما يريد أن يمد يده على جيب الآخر كى يفقده عددا من المقاعد، وهذا لا يعمر وطنا".
أصبح الخلاف بين عون والحريرى، أمرًا واقعا على الرغم من نفى الطرفين ومحاولة إيهام الجميع بأن الأمر على ما يرام، فرئيس الوزراء يرغب فى الإبقاء على القانون الانتخابى الحالى "قانون الستين أو الأكثرى" وهو الصيغة الوحيدة التى تضمن له ولتيار المستقبل وحلفاؤه أغلبية نيابية تؤمن بقاؤه فى المنصب، فيما بعد تشكيل المجلس.
وفى الجانب الآخر من تيار المستقبل يقف حزب الله وحركة أمل والرئيس عون وحلفاؤهما يتمسكون بالقانون النسبى فى جميع الدوائر، وبين هذا وذاك حاول وزير الخارجية ورئيس التيّار الوطنى الحر جبران باسيل طرح صيغة وسط لقانون مختلط يجمع ما بين النسبية والنظام الأكثرى، ولكن قوى سياسية عدّة فى لبنان رفض اقتراحه مما أعاد الأزمة إلى المربّع صفر.
الحريرى يشعر أن التفاهم مع عون بدأ يهتز – وفقا لموقع ليبنانون ديبيت - وأنّ ما اتفقا عليه قبل الانتخابات الرئاسية لم يعد قائماً، حيث كان رئيس الوزراء يسعى إلى التمديد للمجلس النيابى لمدة سنة دون الدخول فى جدل حول قانون الانتخاب وهو ما لم يلتزم به عون، الذى بدأ يستعمل صلاحيات رئاسية لتعطيل إجراء الانتخابات حسب الستين، ويضغط على "المستقبل" لكى يتمّ إنتاج قانون جديد.
وأصبح لبنان على أعتاب فراغ تشريعى بعد تعثر التوصل لقانون جديد ورفض الجميع أى فكرة للتمديد للمجلس النيابى القائم حاليا للمرة الثالثة، وهى السابقة الأولى من نوعها فى تاريخ بيروت حيث أنها لم تعيش هذا الفراغ النيابى فى أصعب المراحل التى مرت عليها، حتى فى سنوات الحرب (1975-1990) كان يمدد للبرلمان المتواجد بشكل دورى وصولاً إلى العام 1992 عندما جرت أول انتخابات تشريعية بعد الحرب.
انقضاء المهلة يزيد من تعقيد الأزمة، حيث يٌنتظر صدور مرسوم الدعوة للانتخابات التشريعية فى 21 فبراير الجارى، وبالتالى لم يعد أمام الحريرى خيارات كثيرة إما القبول بقانون انتخاب سيحجم كتلة المستقبل النيابية، وإما المواجهة المبكرة مع رئيس الجمهورية وتهديد العهد الجديد.
وفى اللحظات الحاسمة ينتظر الجميع خطاب نصر الله الذى يرون فيه البوصلة التى ستوجه الأطراف فى الأيام القليلة المتبقية، ويعولون على أن يكون هذا الموقف مفصلياً إزاءَ قانون الانتخاب العتيد، ويذهبون إلى أن الأمين العام لحزب الله سيؤكد على موقفة الذى كان قد أعلنه قبل أسابيع، وهو أن القانون الانتخابى القائم على النسبية الكاملة هو "ممرّ إلزامى" إلى بناء الدولة، أو ترك الشركاء يمضون عبر القانون القديم على أن يعلن عدمُ المشاركة فى الانتخابات أياً كانت العواقب، وهو ما يعد شهادة وفاة لعهد الحريرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة