رشا الجندى

لا تمنعه من حنون قد قسى..

الجمعة، 10 مارس 2017 02:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تم إحالته على المعاش فتألم.. فقالوا له بسهولة (عادى ارتحت) وتعجبوا لأنه مازال يتألم !!! وربما مازال يذهب إلى العمل !! والآخر فارقته حبيبته فحزن.. قالوا له (فى غيرها مليون واحدة) وتعجبوا لأنه مازال حزينا!!! ويبحث عنها !!
 
والسيدة العجوز باعوا منزلها الصغير فى القرية وأسكنوها فى فيلا بالمدينة وتعجبوا لانها غير سعيدة !!! والأب تعجب من ان ابنته مازالت تحن لزوجها الذى قام بتطليقها !! والأخت تعجبت لأختها التى تحن للعودة للعيش فى بلاد الغربة !! وآخر تمزق قميصه ومازال محتفظاً به فقالوا عنه بخيل، لم يهتم بقولهم ومازال محتفظاً به، فتعجبوا لأمره !! وآخر وآخر وآخر.....
عزيزى القارئ إن أردت أن لا يصيبهم العجب فأهديهم هذه المقولة (لا تمنعه من حنون قد قسى.. بل كن أكثر منه حناناً لتلهمه قوة لتقبل قسوته وتخطى الأسى ..).
 
نعم فلا يخف الألم إلا بالبديل.. ولابد وأن يكون البديل افضل فيما كان يقدمه القديم.. فالنفس البشرية بفطرتها ترتبط لاشعورياً بالأحاسيس الصادقة من الحنان والحب والاحتواء، وتقوم بتكوين غلاف من الذكريات الجميلة مع الأشخاص أو الاماكن أو الاشياء التى تربطها بهذه المعانى.. ولذا فعندما يأتى الوقت الذى يتحول فيه حنان هؤلاء الأشخاص لقسوة أو تفرض الظروف المحيطة سيطرتها على الفراق فان من الطبيعى ان تتألم النفس.. ويبقى المحيطون بهذه النفس يتعجبون !! لأنهم لا يعرفون أنهم لم يقدموا البديل الأفضل الذى يعوض النفس عن المفارقة.
 
إذن إن أردت أن تحفظ من تحبه من الألم فعليك بالتفتيش فى أوراقه الشعورية الداخلية لتكتشف اولا سر استمرار ارتباطه بالشىء القديم، وعندما تعرف هذا السر، فعليك بالاستعداد لتقديم الأفضل منه.. فان كان حبيبها الذى فارقها حنون، لا تستهن بمشاعرها ولكن، استعد لأن تكون أكثر منه حناناً لتساعدها على تخطى الم فراقه.. واستعد لان تقدم للاخر وظيفة بها زملاء يحبونه ويحبُهم مثلما كان بوظيفته التى إحالته على المعاش.. واستعد لان تجعل الاخرى تشعر فى وطنها بالأمان وعدم الجفاء حتى لا تحن للعودة لبلاد الغربة.. وان أردت السيدة العجوز ان تشعر بالسعادة بعدما انتقلت معك من القرية للمدينة، فاستعد لان تنقل معها أصدقاءها فى القرية، والزرع الذى كانت تسقيه هناك... استعد واستعد واستعد فالصحة النفسية للإنسان تنمو ويكتمل نموها باكتمال احتياجاته الشعورية من الحب الذى يليه الامان ومن ثم الانتماء.. فوجود من ترتاح النفس لبقائهم بجانبها، وشعورها بالحب المتبادل بينها وبينهم، ينقلها مباشرة لإحساس الشعور بالأمان، الذى بدوره يزرع بداخلها الانتماء لهذا الشخص أو هذه المجموعه التى شعرت معها بالأمان.. ويترجم ذلك على المعانى والأوطان والأشياء.. فالوطن الذى تشعر بالحب المتبادل بينك وبينه، ستشعر فيه بالامان وبالتالى الانتماء ومن ثم يصعب عليك مفارقته.. ووظيفتك التى تعتنى بها لأنك تحبها فتعطيها من طاقتك وتجدها هى أيضاً تبادلك هذا الحب فى انها تعطيك المقابل المادى أو المعنوى الذى يشعرك بالراحة اثناء تواجدك فيها، فأنت ستشعر معها بالأمان ومن ثم الانتماء فيصعب عليك مغادرتها والانتقال لوظيفة اخرى.. 
ولكن ماذا لو أن الإنسان ينقصه شعور الحب المتبادل مع الأشخاص والأشياء والمعانى؟؟ بالطبع سيتألم وينفر منها.. ولأننا يوجد من حولنا أنفس كثيرة نحبها لذا فنحن لا نريدهم يتألمون..
تذكروا (لا تمنعه من حنون قد قسى.. بل كن أكثر منه حناناً لتلهمه قوة لتقبل قسوته وتخطى الأسى).









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة