"إننا فضوليون بالفطرة، لكننا لسنا مفكِّرين أَكْفاء بالفطرة؛ فإن لم تتوافَر الظروف المعرفية المواتية، فسوف نتحاشى التفكير"، تلك الكلمات من كتاب "لماذا لا يحب التلاميذ المدْرَسة؟" طريقة عَمَل العقل البشرى وتأثيرُها على الأداء الدراسى" للكاتب دانيال تى ويلينجهام ومن ترجمة فايقة جرجس حنا، والذى ركَّزَ فيه دانيال تى ويلينجهام جهوده البحثية على دراسة الأساس البيولوجى والمعرفى للتعلم، وهو صاحب فهم عميق للتحديات اليومية التى يواجهها المعلمون، ويسعى الكاتب من خلال هذا الكتاب إلى مساعدة المعلمين على تحسين ممارستهم من خلال شرحِ طريقةِ تفكيرهم هم وتلاميذهم.
فى "لماذا لا يحب التلاميذ المدْرَسة"، يحاول الكتاب الرد على تلك التساؤلات حول أسباب كراهية التلاميذ للمدرسة، وهو ما أجاب عنه الكاتب قائلا،" على عكس ما هو شائع، المخ غير مصمَّم من أجل التفكير، وإنما لينقذك من الاضطرار إلى التفكير"، وبرر الكاتب ذلك بأن المخ يقوم بعدة وظائف أخرى للإنسان وليست مقتصر على التفكير فقط، حيث يقول "يقوم المخ بالعديد من الوظائف، والتفكير ليس أفضل وظيفة يقوم بها؛ فمخك يدعم أيضًا القدرة على الإبصار والحركة؛ على سبيل المثال: هاتان الوظيفتان تعملان على نحوٍ أكثر كفاءة من قدرتك على التفكير، وليست مصادفة أن معظم مناطق مخك مخصَّصة لمثل هذه الأنشطة، فثمة احتياج إلى قوة المخ الإضافية لأن الإبصار هو فى الواقع أكثر صعوبةً من لعب الشطرنج أو حلِّ مسائل التفاضل والتكامل".
رغم ذلك الكاتب أكد على الإنسان يتميز بالنشاط الذهنى على أقل فى ظروف معينة، بل نسعى أيضًا عن قصدٍ فى طلب المواقف التى تتطلَّب التفكير، مشيرا فى الوقت ذاته أن الإنسان يشعر بسعادة خاصة عندما يقوم بعمل قائم على التفكير مثل حل الكلمات المتقاطعة ومشاهدة أفلام وثائقية تحتوى على معلومات، والفحص الدقيق للخرائط، كل هذه الأشياء وعيرها تعطى ثمة شعور للرضا والإنجاز عند البشر، والفشل فيها أو عدم الوصول للنتيجة المرجوة يجعل الإنسان يشعر بالغضب، وبرر " دانيال تى ويلينجهام"، "ذلك أن ثَمَّةَ تداخُلًا بين مناطق المخ والمواد الكيميائية الضرورية للتعلُّم وبين تلك الضرورية فى جهاز المكافأة الطبيعى الخاص بالمخ"، وذلك بحسب اكتشاف لعلماء الاعصاب.
الكاتب أكد على من ضمن الأسباب التى تجعل التلاميذ لا يشعرون بالسعادة وحب المدرسة وينسون المقررات الدراسية أسباب تعود لصعوبة المواد وطريقة أسلوب المعلمين بصورة تصل بالتلاميذ للملل وكره المقررات الدراسية، ورأى الكتاب الحل فى تغيير تلك الأنماط التى يستخدمها المعلمون، وقدم عددا من الحلول لهم كى يقوموا بها، ومنها القيام بتلخيص الموضوعات فى نقاط بسيطة تحتوى على تشبيهات واقعية، وأخرى باستخدام التأثير القصصى والحكى فى شرح المقررات، وكذلك طريقة تثير انتباهم لمعرفة السر وراء الشىء الذى أثار دهشتهم أو خوفهم.
الكتاب أيضا تحدث على كيفية بناء إنسان ناجح وعالم، على أن التدريب فقط ليس كافيا لتخريج الكثير من علماء المستقبل، حيث يقول "لا يفكر العلماء المحنكون كالذين يتدربون ليكونوا خبراء فى مستهل حياتهم، فقد كانوا يفكرون مثل المبتدئين. بل فى الواقع، لا أحد يفكِّر كعالِمٍ أو كمؤرخٍ دون قدرٍ كبيرٍ من التدريب، لا تعنى هذه الخلاصة أن الطلاب ينبغى ألَّا يحاولوا على الإطلاق أن يكتبوا قصيدةً أو يُجْرُوا تجربةً علمية؛ لكن ينبغى أن تكون لدى المعلمين والمديرين فكرةٌ واضحةٌ عن فائدةِ مثلِ هذه المهام للطلاب".
لماذا لا يحب التلاميذ المدرسة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة