أواصل ما بدأته أمس عن كتاب «أحمد بهاء الدين.. وروز اليوسف -مقالات لها تاريخ»، الصادر ضمن سلسلة «الكتاب الذهبى - روز اليوسف»، التى يترأس تحريرها الكاتب الصحفى أسامة سلامة، والكتاب، دراسة وإعداد «رشاد كامل».
فى المقدمة الوافية للكتاب التى كتبها رشاد كامل برقى واقتدار، سنعرف جوانب مجهولة فى حياة كاتبنا العظيم لم يتحدث عنها هو أبدا، سنعرفها من خلال صديقه الكاتب العربى السورى «أكرم ميدانى» الذى تعود صداقتهما إلى أواخر أربعينيات القرن الماضى، وكتب مقالا بعنوان «أحمد بهاء الدين صديقا» يقول فيه: كان اسمه «غاندى»، أطلق عليه هذا الاسم أهل بيت والده «عبدالعال أفندى شحاتة»، كان صغير الجسم، أسمر, نحيلا, وعلى وجهه نظارة تدل على إمعانه فى القراءة، فمنذ مطلع حياته كان يصرف الوقت منكمشا فى رأس سريره وحوله الكتب يلتهمها.
فى عام 1949 دخل «أكرم ميدانى» بيت «بهاء» لأول مرة بصحبة زوجته السيدة «وطفة عبده» وهى من عائلة مصرية، وتعرف على والد «بهاء» وباقى شقيقاته، يذكر «ميدانى»: «قال لى بهاء إنه يرغب فى دعوته للعشاء فى منزل عائلته فى الجيزة، وصعدنا إلى الطابق الثالث ودخلنا عالم «عبدالعال أفندى شحاتة»، جاء «عبدالعال أفندى» من الجنوب من قرية «الدوير» بجنوب أسيوط، وتعلم والتحق بوزارة الأوقاف، واستقر بعائلته فى الإسكندرية, حيث ولد «بهاء» سنة 1927 ثم انتقل إلى القاهرة، ومكث فيها بعد وفاة زوجته التى لم يتزوج بعدها عاكفا على تربية أولاده. كانت «ناهد» سيدة البيت وهى تكبر بهاء بسبع سنوات، وهى بالنسبة إلى الجميع كالأم الشابة تشرف على تربية «سوسن» التى تشرق بابتسامتها، وزيزف الدائبة الجادة، و«ليلى» البنت الصغرى الحالمة، وكانت زيزف وليلى فى المدارس الثانوية
لم يكن والد بهاء صعيديا متشددا: إذا كان هناك من هو أكثر دماثة ووداعة من بهاء فهو عبدالعال أفندى، فى حديثه عجالة وعباراته تتفاوت بين الملاحظة الجادة والنكتة، لا يخفى عليك شيئا فهو «وفدى» من أول شبابه ويؤمن بأن حرية مصر ودستورها كائن واحد، وأنك تلمس منبع الزهو فى حياته والشعور بالإنجاز والطمأنينة: «بهاء».
غير أن تفتح الوالد وشعوره بالإنجاز فى ابنه «أحمد» لم يمنعه من الشعور بخيبة الأمل «يوم قرر بهاء التفرغ للعمل الصحفى، لم يعجبه الأمر وظهر عليه الألم واضحا، كان يظن أن الوظيفة فى القضاء هى تحقيق لقمة آماله، وأن العمل الصحفى لا يحمل معه مثل هذا الاحترام والاستقرار»، هكذا نعرف «بهاء» من خلال أحد أصدقائه، ولكن ماذا قال هو عن نفسه؟.. وغدا نتابع..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة