سألنى البعض عن إصرارى على أن أربط بين الانحدار الأخلاقى الذى ضرب مصر و25 يناير 2011، وكأن مصر قبل سقوط مبارك كانت شعبًا من الملائكة والأنبياء، والحقيقة أننى لا أختلف مع هذه الأسئلة، بل أؤكد أن الانهيار الأخلاقى كان موجودًا قبل «مبارك» وبعده، ولكن كان الانحدار الأخلاقى دون راعٍ له ومشجع، كما هو الحال بعد خلع «مبارك» ونظامه، بمعنى أن الانهيار الأخلاقى يجد الآن من يرعاه ويشجعه ويدفع له، ومن لا يصدقنى عليه أن يسأل نشطاء الثورة والمراهقين.. فى 24 يونيو من العام الماضى كتبت مقالًا تحت عنوان «الانهيار الأخلاقى برعاية تنظيم المراهقين والنشطاء»، كشفت فيه كل الممارسات غير الأخلاقية التى غزت البلاد والعباد منذ ست سنوات، وكتبت وقتها: جميعنا نتذكر أنه أثناء المطالبة بإسقاط «مبارك» كان الخطاب السائد وقتها هو خطاب السب، و«الشرشحة»، وقلة الأدب، وكان كل من يتطاول على مسؤول يصبح نجم فضائيات، حيث كانت القنوات الفضائية تتصارع على الضيوف أصحاب اللسان الطويل، ويكفى أن نعرف جميعًا أن نجومية صاحب برنامج «البرنامج»، المدعو باسم يوسف، جاءت بسبب طول لسانه، ثم بدأ الجميع يقلده، وكلما كنت شتامًا أكثر، كنت نجمًا فضائيًا، وضيفًا دائمًا على كل برامج التوك شو والبرامج الحوارية، وأصبحنا نشعر بأن مفجّر ما يعرف باسم ثورة يناير هو تنظيم «قلة الأدب»، وشارك فى طول اللسان كل من زعم أنه من شباب الثورة.
وكم كتبت أكثر من مرة عن أن خطاب السب و«الشرشحة» أصبح شعار ما بعد 25 يناير، وهناك عدد من المفردات والكلمات التى تحولت إلى وظائف لبعض الصعاليك والمراهقين والمتنطعين، ممن خربوا البلاد والعباد، ومن أبرز تلك المصطلحات التى يروج لها الإعلام المصرى منذ 25 يناير 2011 لفظ «ناشط»، سواء أكان سياسيًا أم حقوقيًا، وكلمة «الثورى» قوميًا أم إسلاميًا، مثل هذه الألقاب التى استخدمتها مجموعة من المراهقين والمتنطعين، والمتآمرين لحرق مصر بالشائعات تارة، وبالظهور على الفضائيات المشبوهة تارة أخرى، من أجل الحصول على آلاف الدولارات.
لم يعد من المقبول ومصر يُقتل أبناؤها من الجيش والشرطة أن يخرج أحد المراهقين الذى يسبق اسمه لقب «ناشط أو ناشطة سياسية»، لكى ينظّر، ويقدم حلولًا استراتيجية، بالرغم من جهله المطلق فى أن يقدم أى حل، بل إن البعض يستخدم هذه الألقاب لكى يشتم ويسب جيش مصر، وهناك وسائل إعلام تقوم بالترويج لهذه البذاءات التى هى أصل عملهم منذ هوجة يناير حتى اليوم، خاصة أن بعضهم مازال يعتقد أنه صنع «ثورة»، وأنه «حرر» وطنًا، وهى أوهام «ثورية» لهؤلاء المراهقين الذين يجب أن يعرفوا الحقيقة.. أنه لولا جيشنا العظيم لما كانت هناك يناير أو يونيو.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة