أثار الشيخ سالم عبد الجليل صدمتى بالأمس وأنا أتابع برنامج أستاذى خالد صلاح، فى الحقيقة لم أكن متوافقا تماما مع رأى أستاذى وهو يناقشه فقط فى وقت تصريحاته ويتغاضى عن الحديث عما بدر فى متن تصريحات الشيخ سالم من إهانة وتجاوز ، ولكننى تفهمت رغبته فى الوصول مع الشيخ لأرضية مشتركة ومنطقة وسط تنتزع أعتذر ربما يهدئ نار الكثيرين فى توقيت حرج بدلا من الدخول لحوار فى مناطق شائكة ربما تدفعه لمزيد من العصبية والتصريحات النارية التى بالتأكيد تأتى فى مصلحة البرنامج وليس في مصلحة الوطن.
ولكن المفاجأة بالنسبة لى أنه حتى مع منطق الأستاذ خالد صلاح فى الحوار، أصيب الشيخ سالم بنوبة عصبية غير مفهومة، وبدأ يصرخ ويعلن بقوة أنه لن يعتذر عما قاله، وأن هذا منطقه يدافع عنه طوال حياته، بل ويرفع سقف الأحداث ليؤكد المسيحيين كفار.
الحقيقة أن الشيخ سالم بالأمس كان يبحث عن بطولة زائفة لا أعرف منطقها حتى الآن، ولكن ما أعرفه أن الحلقة انتهت وأنا أفكر أن هذا الرجل لا يعى جيدا ما يقوله، ولا يملك من الحنكة الكافية أن يقدم على الأقل ما يحافظ على هذا الوطن، عوضا عن مخالفة ما يقوله مع اعتقادي الشخصي الذى أراه يتوافق مع قرآننا الكريم الذي لم يذكر الأقباط أو حتى اليهود فى مرة واحدة بلفظ الكفار، ودائما كان ذكرهم بأهل الكتاب، بل وكان يثني عليهم في كثير من المواضع كقوله تعالى فى آل عمران " ۞ لَيْسُوا سَوَاءً ۗ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوهُ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115)" وقوله تعالى " لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون ( 82)".
رغم كل هذا الاختلاف الذي شعرت به بالأمس مع تصريحات الشيخ سالم ولكني فى النهاية كنت أعتقد أن هذا ما يراه ويؤمن به، وبالطبع لم تهدأ نارى إلا بعد رد الفعل السريع على الحلقة من الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، وإعلانه منع صعود الشيخ سالم إلى المنبر وقطع علاقته بالأوقاف بصورة نهائية، ثم رد فعل قناة المحور بإنهاء عقده، ليقدما للمسيحيين أقل ما يمكن تقديمه فى هذه الليلة التي حملت تصريحات سوداء على الوطن بأكمله، وصنعت جرح غائر فى نسيج أبناء أرض واحدة، لأنهي ليلتي وأنا أعتقد أنه قدم ما يؤمن به ويعتقد ولكننا لن نراه أو نسمعه مرة أخرى بمواقف رسمية محترمة.
رغم هذه النهاية الدرامية إلا أن الشيخ سالم قرر أن لا ينتهى الأمر عند هذا الحد، لأستيقظ مثل الكثيرين على خبر أعتذاره الذي جاء على طريقة "تنزل المرادي" وعلى خطاب قدمه بالفيديو عبر اليوم السابع يحمل كل ما كاتن يجب أن يقال بالأمس، ليؤكد لي أن ما حدث لم يكن زلة لسان، ولا أقتناع بما يقوله، ولا اجتهاده لتفسير آيات ربما كان اجتهاد غير صائب لأن قرآننا نفسه يقول "وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ"، فكل هذا كان يمكن أن يحدث بالطريقة التي قدمها بها اليوم، وبالأعتذار الذي أقره، قبل المواقف الرسمية الحاسمة التي أتخذت تجاهه، ولكنه كان يبحث عن ضجة وبروباجندا على طريقة برامج التوك شو الرخيصة، ونسى موقعه كشيخ وعالم دين يخرج ليقدم حديثه للملايين..
اعتذار شيخ "تنزل المرة دي" بالنسبة لى غير مقبول بالمرة، ويدينه أكثر مما يجعلنا نفتح الباب لنغفر له ما قدمه، فما قاله الشيخ بالأمس لن ينسى لعقود، ويعلم الله وحده من سيستغل كلماته لإثارة الفتنة في الجانبين بين أبناء الوطن الواحد، وفى اعتقادى أن أي جهة رسمية ستقبل هذا الاعتذار ستمحوا الموقف الشجاع الذى اتخذته بالأمس وشكل محاولة لتطييب جرح صنعه الشيخ سالم، وهو فى النهاية حصل على البطولة التى نشدها وتداول الفيديو الخاص به عشرات الآلاف ممن يتوهمون ان هذا هو طريق الحق، وأعلنوا أنه الشيخ الشجاع الذى واجه تضليل الإعلام، ثم أتبع الهوجة بمداخلة على قناة الجزيرة ليخاطب عبرها الجمهور الذي ينشده، فهنيئا له بما حصل عليه، ولكن من غير المقبول أن نعطيه عقب كل هذا فرصة أخرى للظهور عبر الشاشات ومخاطبة الملايين.