تميم ووالده والست الفاضلة والدته قبل قرار المقاطعة الرباعية للدوحة، كانوا يمارسون طقسا مقدسا يوميا بالذهاب إلى قاعدة «العديد» الأمريكية التى تقع غرب الدوحة، للركوع أمام جنود المارينز الأمريكى، والتمرغ فى «تراب» بياداتهم، وتقديم كل أنواع القرابين تقديرا وامتنانا للدور الذى يلعبونه فى حماية القصر الأميرى من الخطر.
وبعد قرار المقاطعة الذى قاده الرباعى العربى، مصر والسعودية والإمارات والبحرين، تغير طقس تقديم القرابين، والامتنان واتسعت دائرته لتشمل بجانب الذهاب والركوع أمام بيادات الجيش الأمريكى، الركوع بإذلال، وخنوع وخضوع، أمام أحذية مقاتلى الحرس الثورى الشيعى الإيرانى، الحامى للقصر الأميرى، وأيضا السجود أمام الجيش التركى «المشلح» الذى وصل إلى الدوحة خلال الساعات القليلة الماضية، لحماية تميم ووالده وأمه.
وبنظرة متفحصة للجيوش الثلاثة الأمريكى والإيرانى الشيعى، والتركى المتطرف وقوامه من داعش وتنظيم القاعدة، بعد أن قتل وسجن واستبعد أردوغان معظم الجيش التركى على خلفية مسرحية الانقلاب العسكرى الوهمى، يتبين أن هناك صراعا قادما لا محالة بين الجيوش الثلاثة على الملعب القطرى، لما بين الجيوش الثلاثة من عداء تاريخى، مهما حاول قادتها وأنظمتها، إظهار عكس ذلك.
وإذا حدث مثل هذا الاحتكاك فستشتعل معارك ضروس بين الجيوش الثلاثة، ربما تكون نواة لحرب عالمية ثالثة، فى ظل تأجج الخصومة والصراع وتقاطع المصالح بين الجيوش الثلاثة فى العراق وسوريا واليمن وليبيا والبحرين.
وبالحسابات العسكرية فإن الجيش الأمريكى هو الأقوى إذا وضعنا فى الاعتبار أن قاعدة «العديد» تستضيف مقر القيادة المركزية الأمريكية، والمجموعة 319 الاستكشافية الجوية التى تضم قاذفات ومقاتلات وطائرات استطلاعية، إضافة لعدد من الدبابات ووحدات الدعم العسكرى وكميات كافية من العتاد والآلات العسكرية المتقدمة، وفرقة من السلاح الجو الملكى البريطانى، وتشتمل على مدرج للطائرات يعد من أطول الممرات فى العالم التى بمقدورها استقبال أكثر من 100 طائرة على الأرض، ما جعل بعض العسكريين يعتبرونها أكبر مخزن استراتيجى للأسلحة الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط.
ويليه الحرس الثورى الإيرانى نظرا للتقارب الجغرافية كون إيران جارة لقطر، فسرعة تدخل الجيش الإيرانى يعطى له أفضلية، من حيث السرعة فى حشد العدد والعدة، ومعرفة دقيقة بالطبيعة الجغرافية للمنطقة، رغم صغر الدوحة من حيث المساحة والتضاريس، ثم يليها الجيش التركى الذى يحتل المرتبة الثالثة من حيث العدد والعدة، فالقاعدة العسكرية التركية، حديثة العهد، وعدد القوات يصل إلى 5 آلاف، وبعض من العتاد العسكرى الذى يتم شحنه إلى قطر حاليا.
أما الجيش القطرى «العرمرم» فيحتل المرتبة الرابعة، بين أقوى الجيوش فى «قطر»، ولو هناك مائة جيش على الأراضى القطرية سيحتل الجيش القطرى المرتبة رقم 101، فهذه الدويلة قوتها ظهرت فى توظيف الإعلام والمال والنشاط الدبلوماسى، فقط، واعتبرتهم مصادر القوة لتأسيس دولة كبرى متناسية العوامل الأساسية من البنية التحتية لتأسيس الدول العظمى، والمتمثلة فى اتساع المساحة الجغرافية، والقوى البشرية الكبيرة، فى كل المجالات، والقدرات العسكرية وهى بنية تحتية جوهرية تفتقدها قطر.
فقطر تشترى الحماية والأمن بالمليارات من أجانب، يعيثون فى المقدرات القطرية فسادا، وينهشون فى الأعراض كالكلاب المسعورة، والدليل استعانتها بالجيش الأمريكى والحرس الثورى الإيرانى الذى يرتدى زيا عسكريا قطريا لإخفاء هويتهم عن المترددين على الديوان الأميرى، بالإضافة إلى جيش «أردوغان».
مع الوضع فى الاعتبار أن الجيش القطرى قوامه 12 ألف فردا فقط، %70 منهم أجانب، لا يحملون الجنسية القطرية، وذلك بحسب الدراسة التى أعدها أنتونى كوردسمان، الخبير الاستراتيجى ومحلل الأمن القومى فى «إى بى سى نيوز»، عن جيش الدوحة، معظمهم باكستانون وهنود وسودانيون وأفراد مقاتلون غير نظاميين من كولومبيا وكوريا الجنوبية وفرقة بلاك ووتر، وأن المهمة الموكلة له، هى حماية المنشآت الحيوية فى البلاد، مثل منصات الغاز برًا وبحرًا ومنشآت الكهرباء ومصانع تحلية المياه، بجانب مواجهة وقمع أى مظاهرات محتملة تندلع فى الدوحة.
كما كشف «أنتونى كوردسمان» فى دراسته، أن قطر تتعامل مع قواتها المسلحة باعتبارها «وظيفة عادية»، حيث تنشر الحكومة إعلانات فى وسائل الإعلام المختلفة، عن حاجتها لشغل وظائف عسكرية فى الأفرع الموجودة بالجيش، بمقابل مجزٍ، فيتقدم لها الأجانب ويخضعون لاختبارات، ومن يجتازها يصبح فردا من أفراد الجيش القطرى.
«كوردسمان»، أجزم فى دراسته سبب لجوء قطر لتجنيد أجانب لصفوف قواتها المسلحة، بعدم وجود قطريين مؤهلين وقادرين على الانخراط فى القوات المسلحة، نظرا لقلة عدد السكان، وتقلص فرص الاختيار، عكس الدول التى لديها قوة بشرية كبيرة، حيث تزداد لديها فرص الانتقاء والإعداد الجيد لأفرادها ليحملوا راية الدفاع عن أمن وأمان بلادها.
قرار المقاطعة الرباعية أعاد قطر لحجمها الحقيقى، وأنها مجرد «قزم» جغرافيا وقدرات عسكرية، وأن قدراتها تتلخص فى قناة فضائية تبنت نهج ترويج الأكاذيب ومساندة التنظيمات المتطرفة، بشكل زاعق، ومال ضخم يمول هذه التنظيمات لإثارة القلاقل فى معظم البلدان العربية، وعندما غضب كبار العرب، ظهرت حقيقة الدويلة القطرية على حقيقتها «القزمية».