عندما ننظر إلى الجانب المضىء من القرارات الاقتصادية " الصعبة " التى لجأت إليها الحكومة فى الفترة الأخيرة ، لإصلاح تركة موروثة منذ خمسينات القرن الماضى ، وأدت إلى تأخرنا فى كثير من المجالات ، نجد أن بعض البشائر بدأت تلوح فى الأفق ، سواء بزيادة الاستثمارات والتى ستشهد نمواً كبيراً خلال الفترة القادمة مع تفعيل قانون الاستثمار ، أو بإتاحة عدد كبير من الوظائف ، وكذلك الجهود المبذولة لزيادة التصدير والتقليل من الاستيراد واستبداله بمنتج محلى لا يقل عنه جودة ومتانة .
وشهدت الآونة الأخيرة تغيرات جذرية على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وهو الحراك الذى أدى إلى إبراز أهمية تعزيز كافة سُبل التنمية المستدامة والشاملة والعادلة ، وتلبية تطلعات مختلف شرائح الشعب المصري ، والذى تبعه اتخاذ الحكومة العديد من القرارات والإجراءات غير المسبوقة لتعبئة الموارد والجهود المتاحة وتوجيهها نحو تحقيق أهداف التنمية الوطنية لعل في مقدمتها إقرار العمل بقانون الاستثمار الجديد الذي يقضي على كثير من العقبات التي تواجه رجال الأعمال والمستثمرين ويمنح حزمة كبيرة من الحوافز المشجعة على الاستثمار لإقرار واقع جديد يقوم على اتخاذ كل ما يجب اتخاذه من خطوات لبناء جسور الثقة بين المستثمرين والحكومة .
التقرير السنوي الذي أصدرته وزارة الاستثمار والتعاون الدولي تحت شعار "عام من التعاون الإنمائي الفعال" رصد الكثير من الإنجازات التي تحققت في مجال التنمية الشاملة والمستدامة خلال العام 2016 والتي تضمنت ضخ 7 مليارات دولار أمريكي من أموال التنمية في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تلبي احتياجات الأفراد والمجتمعات على حد سواء ، وذلك لدعم وتنفيذ 79 مشروعا تنمويا يستهدف لتحسين المستوى المعيشي للمواطنين في 11 قطاع من قطاعات التنمية مع التركيز بصفة خاصة على الفقراء ومحدودى الدخل في المناطق المحرومة .
كما اشتمل التقرير على إدارة الوزارة محفظة المساعدة الإنمائية الرسمية بقيمة 29 مليار دولار أمريكي ،وقد غطت هذه المشروعات 11 مجالاً رئيسيًا موزعًا على الأبعاد الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية التي تشكل رؤية 2030، وهم البنية التحتية، واستقرار الاقتصاد الشامل والحوكمة، وريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، والإنتاجية الزراعية والأمن الغذائي، والاستثمار، والتجارة، والصناعة، والعدالة الاجتماعية، والتعليم والتدريب، والتراث الثقافي والسياحة، ومنظومة الرعاية الصحية، والمرافق والتنمية الحضرية، وحماية البيئة .
كما يبرز التقرير توفير أكثر من 354 ألف فرصة عمل جديدة، وتوصيل الغاز الطبيعي لعدد 2.4 مليون منزل، وإنشاء 1200 مدرسة مجتمعية، وتوفير مياه الشرب النظيفة إلى 480 قرية محرومة .
الخلاصة إذن أننا أمام خطوات ثابتة وجادة لتوجيه الاستثمارات على أرض الواقع لخدمة المشروعات التنموية .. وهذا على وجه التحديد ما تحتاجه مصر خلال الفترة الحالية والمقبلة لتحقيق المفهوم الشامل للتنمية الحقيقية المستدامة والتي تعطي كل اهتمامها لتطوير الفرد جنباً إلى جنب مع المشروعات القومية التي تصب في صالح البلاد .. فلطالما عانى الجهاز الإداري في مصر من حالة الانفصال والعمل كجزر منعزلة وسط إجراءات جوفاء لا تراعي الأبعاد الإنسانية للمتضررين من إجراءات الإصلاح الاقتصادي ..وهنا نستطيع بكل ثقة أن نقول إننا أصبحنا على المسار الصحيح .
وتشير الدلائل كافة إلى أن خطة الانطلاق التي أعلنتها د. سحر نصر ، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي ، لمواجهة التحديات التي تواجه البلاد في ظل تطلع المصريين لمستقبل أفضل قوامه تحقيق أعلى استفادة من الإمكانيات المتاحة وتسخير كافة الموارد لخدمة المشروعات القومية لتحريك عجلة الاقتصاد التي طالما عانت من الركود بسبب غياب الرؤية الشاملة والكفاءة اللازمة ، يعد ترجمة عملية لخارطة الطريق التي طرحها الرئيس عبد الفتاح السيسي ، خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي ، والتي قال فيها : "تمضي مصر بثبات في تنفيذ خطة طموحة للإصلاح الاقتصادي تراعى البعد الاجتماعي ومتطلبات الحياة الكريمة للشعب المصري، كما تنفذ مشروعات قومية عملاقة لتوسيع شبكة الطرق وإنشاء محطات الطاقة الكهربائية والمتجددة وتطوير البنية التحتية والقدرات التصنيعية وتوسيع الرقعة الزراعية" .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة