فى شهر رمضان الماضى تم عرض مسلسل الجماعة 2 تأليف الكاتب الكبير وحيد حامد، وكان المسلسل يدور حول سؤال مهم هو: هل كان جمال عبد الناصر إخوانيًا؟ وقد حاول كثيرون الإجابة عن هذا السؤال ومنهم الكتاب الذى بين أيدينا لـ ثروت الخرباوى
بعد قيام ثورة يوليو عام 1952 كان "عبد الناصر" ملهمًا للمصريين فى تلك الأيام على الرغم من أن هذا الشعب سخر بنكاته من حكامه ومنهم "عبد الناصر" نفسه بعد هزيمة 1967 حتى ظن الجميع أن الشعب سيطيح ببطله من حكم مصر ولكن المدهش أن جموع المصريين تمسكت بناصر ومنعته من التنحى وقبل "عبد الناصر" التكليف الشعبى فى مرحلة جديدة من التحدى فاستعاد صورته البطولية مرة ثانية أمام شعبه.
تساؤلات كثيرة تدور حول شخص "عبد الناصر" وعلاقته بجماعة الإخوان وحقيقة انضمامه إليها يجيب عنها المؤلف ثروت الخرباوى فى كتاب جديد من إصدارات "كتاب اليوم" تحت عنوان "هل كان عبد الناصر إخوانياً"؟ حيث أعتمد المؤلف على إخضاع الأمر للدراسة والتحليل والموضوعية ليؤكد إبتعاده عن الذاتية والشخصنة حتى لا تتوه الحقيقة نتيجة أمرين أولهما غياب الوثائق ونقص المصادر.
كواليس الخلاف بين "ناصر" والإخوان
يتحدث الخرباوى عن شروط العضوية فى الإخوان ومفاهيم تلك العضوية التى لها الكثير من الأشكال المختلفة، ومن هو الذى يعتبره الإخوان عضوًا ومن الذى لا يعتبرونه كذلك حتى ولو ظن هو أنه أقسم أيمانا مغلظة أنه من الإخوان .
ويؤكد المؤلف فى حديثه عن "عبد الناصر" من خلال أحمد إبراهيم أبو غالى على أن "عبد الناصر" فى إحدى مراحل حكمه للبلاد كان صديقاً للإخوان ولم يكن عضواً فى جماعة الاخوان وهناك فرق بين مفهوم الصداقة ومفهوم العضوية .
واستطرد أبو غالى فى حديثه قائلاً: لقد قرأت التاريخ ورأيت آراء متضاربة فى هذا الشأن فهناك بعض الإخوان القدامى يقرون بعضويته للجماعة تنظيميًا وبعض رفاق "عبد الناصر" من الضباط الأحرار يقولون نفس الأمر ولكن هناك عدد أخر ينفى هذه العضوية.
هل أقسم "عبد الناصر" قسم البيعة للإخوان قبل ثورة يوليو؟
ينتقل المؤلف للحديث عن محمد علوان القطب الوفدى الكبير والذى كان رأيه فى"عبد الناصر" مختلفاً عن كثير من الوفديين حيث كان يرى أن " عبد الناصر" كان متديناً إلى حد الخشوع يؤمن بالعروبة والمفاهيم القومية هذه المفاهيم تتنافى مع أفكار حسن البنا وجماعته وأظنها كانت حداً فاصلاً بينه وبين الجماعة ويوضح الخرباوى أن الالتحاق بالجماعة كان من خلال الانتماء بأسرة إخوانية وقد أقر حسن البنا نظام الأسر فى الإخوان فى نهايات عام 1942 وهى الفترة التى قيل أن "عبد الناصر" دخل فيها التنظيم الإخوان فإذا كان "عبد الناصر" عضواً تنظيمياً لدرجة أن يقسم قسم البيعة وهى مرتبة عالية، فمن هم الذين كانوا معه فى أسرته آنذاك ؟ هل أجاب على هذا السؤال أحد من المؤرخين ؟ الحقيقة أن أحداً لم يتطرق إلى هذا الأمرعلى الإطلاق ومن ثم لم يتم بحثه .
وفى نهاية الكتاب يتحدث الخرباوى عن الشهود الذين قالوا إن "عبد الناصر" كان إخوانياً أقسم لهم قسم البيعة والخضوع وأولئك الذين لم يدخل الإخوان أصلاً ومنهم خالد محيى الدين عضو مجلس قيادة الثورة ورفيق "عبد الناصر" لفترات قبل الثورة الذى أكد فى كتابه "الآن أتكلم" أنه فى عام 1944 عرفنى الضابط الإخوانى عبد المنعم عبد الرءوف بـ"عبد الناصر" ثم محمود لبيب كضابطين من الإخوان ثم قمنا بتشكيل مجموعة من العسكريين الإخوان ولكن لم نكن جميعاً من أصحاب الولاءات للإخوان فمنا من كان من الاخوان تماماً ومنا من كان مجرد ضباط يبحثون عن طريق وكان "عبد الناصر"، يقول لى أن الاخوان يريدون استغلال الضباط وليست لهم أهداف وطنية وظل عبد الناصر مصراً على ظنه بهم ويجزم سامى شرف سكرتير "عبد الناصر" أنه لم ينضم يوماً للإخوان ولكنه لا ينكر تعامله معهم وأن الأمر كان مجرد تحالف سياسى بينه وبينهم .
كما يؤكد ثروت عكاشة عضو تنظيم الضباط الأحرار على عدم انضمام "عبد الناصر" للإخوان ولكنه تعاون معهم فقط ثم أنشأ تنظيم الضباط الأحرار وضم إليه عبد المنعم عبد الرءوف ثم طرده من التنظيم عندما أصر على ضم الضباط الأحرار للإخوان .
حقيقة اعتراف "عبد الناصر"
ينتقل المؤلف إلى اعتراف "عبد الناصر" وهو يتحدث عن علاقته بالإخوان مع الصحفى البريطانى "دايفيد وين مورجان " الذى أكد فيه على أنه كان على اتصالات متعددة بالإخوان المسلمين رغم أنه لم يكن قط عضواً فى هذه الجماعة ويستطرد "عبد الناصر" قائلاً: كان تصرف الإخوان درباً من التعصب الدينى وما كنت أرضى لا بإنكار عقيدتى ولا بأن تحكم بلادى طائفة متعصبة .
وفى نهاية الكتاب يضع المؤلف وثيقة ختامية عن طبيعة القسم الذى أقسمه "عبد الناصر" مع حسن البنا تلك الوثيقة التى نتحدث عن أن "عبد الناصر"أقسم للاخوان قسم التحالف بين تنظيم الإخوان وتنظيم الضباط الأحرار، لم تكن هناك بيعة ولم يكن هناك اندماج بل كان هناك تحالف وهذا التحالف إنهار بعد مقتل حسن البنا وطرد عبد المنعم عبد الرءوف من تنظيم الضباط الأحرار وعندما أراد عبد الرءوف أن يعاود الكرة ويضم التنظيم للاخوان رفض الضباط وأخرجوه من تنظيمهم هذه هى الحقيقة.. والحقيقة كانت بسيطة وسهلة الفهم ولكن المشكلة كانت فى العثور عليها.