سعيد الشحات

محمود عوض.. أستاذا وأسرارا "2"

الأحد، 27 أغسطس 2017 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى تاريخنا الصحفى والسياسى والفكرى فقدنا أسماء كبيرة دون أن تكتب سيرتها، فخسرنا شهادات مهمة عن مراحل سياسية مرت بمصر وكانت هذه الأسماء إما طرفا فيها أو شاهدة عليها، لم يكتب محمد التابعى وكامل الشناوى ومصطفى أمين ومحمد حسنين هيكل مذكراتهم، وكذلك أحمد بهاء الدين ومحمود السعدنى ومحمد عودة وكامل زهيرى وإحسان عبدالقدوس ويوسف إدريس وصلاح جاهين وفؤاد حداد وفتحى غانم وفتحى رضوان وغيرهم.
 
التاريخ العريض لهؤلاء ذكروا بعض حكاياته فى مقالات وحوارات، لكنها لم تعطِ سيرة متكاملة، وتعد مرحلة التكوين من المراحل الثرية والأساسية فى مسار حياتهم، فهى تكشف عن تأثر الموهبة ببيئتها الاجتماعية.
 
وفى حالة كاتبنا الكبير محمود عوض الذى تحل ذكرى رحيله التاسعة هذه الأيام، لن نجد سيرته كاملة مكتوبة بخط يده، غير أن مقالا واحدا بعنوان «آه يا بلد الدروس الخصوصية» موجود ضمن فصول كتابه «بالعربى الجريح» يكشف عن مراحله الأولى فى التكوين، ويقدمها من خلال قضية مهمة وهى الدروس الخصوصية وانتشارها ولم تكن موجودة على أيامه، يذكر عوض المولود فى مدينة طلخا بمحافظة الدقهلية 28 ديسمبر 1942: «فى جميع مراحلى التعليمية، من المدرسة إلى الجامعة، اعتبرت نفسى محظوظا لأن التعليم الذى تلقيته كان عاديا فى جوهره، والتعليم العادى الذى أقصده هو ذلك الذى تتكافأ فيه فرص الجميع، ويتشرب الناس منه أهم قيمة على الإطلاق، قيمة الاعتماد على الذات».
 
تعلم «عوض» حب القراءة من المدرسة الإعدادية الحكومية «كنا جميعا أبناء الفصل الواحد نحب القراءة بدرجة متساوية، فبعضنا كان يهوى الرياضة أو مشاهدة أفلام السينما أو الرحلات فى الإجازات.. إلخ.لكننى أقول فقط: إن النظام التعليمى كان حريصا على أن يكون لكل منا هوايته الخاصة التى يحبها ويتفوق فيها إلى جانب الدراسة، وفى حالتى الخاصة كان طبيعيا أن تشدنى فى البداية مجلات الأطفال ثم قصص أرسين لوبين البوليسية المسلية، ومع الوقت بدأت أرتقى إلى الروايات ثم الكتب الأكثر جدية، وفى تسعين فى المائة من الحالات كنت أستفيد فى ذلك من المكتبة العامة فى المنصورة، من القراءة بدأت أعيد اكتشاف كتاب كبار مثل طه حسين، أو اكتشاف كتاب جادين بحجم أحمد بهاء الدين، أو ساخرين بحجم محمد عفيفى، أو رسامى كاريكاتير موهوبين بحجم صلاح جاهين وبهجت وحجازى، بغير أن أدرك فى حينها أن معظم هؤلاء ستربطنى بهم فيما بعد علاقات شخصية وثيقة».
 
يذكر رحلة أبيه معه، وكيف علمه أهم درس فى حياته حينما جاءت شهادته أثناء الصف الثانى الإعدادى تنذر برسوبه فى ثلاث مواد فى نهاية العام: «ذات يوم رآنى أبى مكتئبا ومنزويا فسأل أمى عن السبب، وببساطة ردت هى عليه: لعب عيال.. أصحابه عايروه بالثلاث «كعكات» فى الشهادة فخاصمهم». أغلق الأب باب الحجرة عليه وتحدث معه: «أنا لا يهمنى فى شهادتك كعكة واحدة أو ثلاثا أو حتى عشرا، يهمنى أن تتعلم أنت الدرس، والدرس هنا هو أنك لم تستذكر كتبك بما فيه الكفاية فتخلفت عن زملائك، وهم لسوا أفصل منك إلا بمجهودهم، فإذا كنت حزينا حقا لهذا السبب عليك أن تثبت ذلك عمليا بأن تعود إلى التفوق فى المرة المقبلة».
 
تفوق عوض: «حينما جاءت الشهادة التالية، كانت هى فى الواقع شهادة إتمام المرحلة الإعدادية، أصبحت من العشرة الأوائل على مستوى كل مدارس المحافظة، وجاء البوسطجى بخطاب من كمال الدين حسين وزير التربية والتعليم فيه مكافأة التفوق شيك بخمسة وعشرين جنيها».









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة