محمد عبد الفتاح السرورى يكتب: عصر الامتلاء

السبت، 23 سبتمبر 2017 10:00 ص
محمد عبد الفتاح السرورى يكتب: عصر الامتلاء الإنترنت

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أصبحنا نعيش فى زمن الامتلاء وعصر التشبع، كل شىء أضحى متوفراً، فيما مضى كان (الشىء) قليلاً ونادراً، وكان الوقت الذى يلزم للتشبع وقتاً طويلاً ... أما الآن فمعدل الاستهلاك قد لا يتعدى اليوم الواحد، لم تعد هناك أخبار .. الخبر بمعناه الكلاسيكى لم يعد موجوداً ومصطلح السبق انتفى تماماً من حياة الإعلام على اختلاف التخصصات، كنّا فيما مضى نشاهد الفيلم الواحد أكثر من مرة فى العام بلا ملل، أما الآن فربما لا يطيق المرء منّا استكمال مشاهدة فيلم يراه لأول مرة، إنه الامتلاء .

هناك مقولة معروفة فى عالم الصحافة وهى (لو أن كلبا عض رجلاً فليس ذلك خبراً ولكن الخبر هو أن يعض الرجل كلباً) .. كان هذا فيما مضى .. فيما قبل عصر الامتلاء ... أما اليوم لو أن رجلاً عضّ كلباً فلم يعد هذا خبراً .. فوسائل التواصل الاجتماعى – على اختلافها – أصبحت ممتلئة وتزخر بعشرات .. مئات .. آلآف المواقف التى تتعدى فى ندرتها كثيراً ذلك المثل البائس السابق ذكره.. لم يعد عض الرجل للكلب خبراً ..

كان كل شىء قليل ..أما اليوم فكل شىء أمسى كثيرا... قنوات كثيرة .. صحف كثيرة ... مواقع لاتعد ولاتحصى ... الكاميرا فى يد الجميع ..والمونتاج على الموبايل – رحم الله عصر المافيولا – والمقطوعات الموسيقية – داون لود - ... الكل يكتب – وهذا من حقهم- الكل ينقد، أصبح لكل فرد صفحة وصحيفة.

لازالت الذاكرة تعى تلك المذيعة التى كانت تمن على المشاهدين – بالفيلم العربى الذى يعرض لأول مرة – ولازالت الذاكرة تعى كم كان عرض فيلم أجنبى مثير يصبح حديث الناس، اما اليوم فلم تعد هناك إثارة لأن كل شىء أصبح من الكثرة التى تنفى الإثارة.

لم يعد هناك – انتظار- فكل شىء موجود .. لم يعد هناك شغف فكل شىء متاح .. لم يعد هناك غموض .. فقد شىء يقال.

إنه عصر الامتلاء.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة