بدأت أغلب الأسر المصرية العام الدراسى الجديد، وكلها آمال كبيرة فى مستقبل أفضل للأجيال الجديدة ولمصرنا الحبيبة.
المدرسة ليست مؤسسة للتعليم فقط، لكنها أهم مؤسسة حضارية تغرس الانتماء فى الأطفال، وتعدهم ليكونوا مواطنين صالحين، يفيدون الوطن، ويضيفون أرصدة حضارية للبشرية.
أظهرت الدراسات أن إنجاز الطلاب يمكن أن يتأثر إما إيجابا أو سلبا بالبيئة المدرسية، بالإضافة إلى أن البيئة المدرسية عامل رئيسى فى الصحة والسلامة العامة للطلاب والموظفين والزوار، ويجب مراعاة سلامة وصيانة مبانى المدرسة والأرضيات لتكون خالية من المخاطر لتعزيز عملية التعلم، وضمان سلامة الأغذية، وألا نسمح بحوادث التسمم الغذائى فى مدارسنا، وضمان سلامة الصرف الصحى وإمدادات المياه المأمونة ونوعية الهواء الصحى والإضاءة الجيدة والملاعب الآمنة والمعامل الآمنة فى مدارسنا، ويجب أن يكون هناك خطط لحالات الطوارئ كالحريق أو الزلازل أو تصدع المبانى.
ويجب منع العنف داخل المدرسة، مع التواجد المستمر والمكثف للمدرسين والإداريين خلال الفسحة المدرسية والطوابير وأوقات الصعود والدخول للفصول والباصات والخروج والنزول منها، ويجب على الوالدين التأكد من عدم وجود الأسلحة أو الأدوات الحادة أو الثاقبة للجلد أو الحجارة مع الطالب، وعلى إدارة المدرسة منع دخول الطلبة بهذه الممنوعات، يجب منع تدخين التبغ للجميع تمامًا داخل أسوار المدرسة، ولا تستثنى غرف المدرسين أو الإداريين أو الحمامات أو الأسطح أو الطرقات، وتعرض الأطفال للتدخين حتى فى الأماكن المفتوحة يؤخر تحصيلهم الدراسى، ويضر صحتهم عمومًا، ويزيد خاصة من معدلات الحساسية ونقص المناعة والسرطان، مشيرا إلى أن دخان السجائر يلوث البيئة بما يعادل 10 أضعاف عوادم السيارات.
الصحة النفسية للطلبة هى امتلاك القدرات والمهارات التى تمكن الطالب من التوافق النفسى مع نفسه ومع الآخرين، بحيث يصبح قادرًا على مواجهة التحديات اليومية وتحقيق ذاته، فى ظل الشعور بالسعادة والحياة بسلام، وتعزيز الصحة النفسية للطلبة هام للتكامل الجسدى والعقلى والنفسى والاجتماعى، ويرفع مستوى ثقة الطلاب بأنفسهم، ويزيد كفاءة التحصيل الدراسى ومعدلات التفوق. ومن الأهمية اكتشاف صعوبات التعلم، والطاقات الكامنة لكل طالب، وإذكاء روح التنافس الحميد فى المدرسة، وتشجيع الطلبة على تغيير السلوك للأفضل، بالإضافة إلى أن الاهتمام بالصحة النفسية للطلبة بوابة الوقاية من أوبئة إدمان التدخين والمخدرات والعقاقير، وصمام النجاة من الانخراط فى شراذم الإرهاب والاضطرابات النفسية خاصة فى فترة المراهقة.
هناك ارتباط وثيق بين التربية البدنية والتحصيل الدراسى، فهى ترفع مستوى اللياقة البدنية والنفسية للطلاب للرياضة 40 فائدة صحية، فهى تزيد من التنسيق بين المخ والعضلات وترفع الذكاء، وتعتبر أسهل طرق الوقاية من توابع قلة الحركة كمرض السكر وزيادة الوزن، ووسيلة للترفيه لتقبل اليوم الدراسى، ويعد طابور المدرسة فرصة لممارسة الرياضة كوجبة منشطة للطلبة تفتح شهيتهم للدراسة، وتخلصهم من التوتر، وتعمق فيهم الانتماء، وتعلمهم النظام والالتزام والانظباط.
ويمكن أن يوفر حجم الفصل الدراسى بيئة داعمة للدارسين، وبالطبع تقليص عدد الطلبة فى غرف الدراسة فى المراحل المبكرة له تأثير إيجابى على الطلبة والمعلمين، لأنه يساعد على التفاعل الفردى بين الطالب والمعلم، ويقلل من الانحرافات فى غرف الدراسة، ويساعد المعلمين على عناية أفضل بالأعداد الصغيرة، ويعطى المعلم مزيدًا من الوقت يخصص لكل طفل، ويقلل من التوتر فى الفصل مقارنة بالفصول المكتظة.
ويمكن للمدرسة أن تكون بداية لثورة فى التعليم البيئى بمنهج خاص لكل مدرسة ينظم علاقة الطالب ببيئته الطبيعية والاجتماعية والنفسية، ويكسبه خبرة تعليمية خاصة بمشكلات البيئة المحلية كالفيضانات والسيول والأمطار، وتجعله يحافظ على أرصدة الوطن من الموارد البيئية.
فلتكن المدرسة مركزًا للحفاظ على البيئة، يجب أن تكون المدرسة عنوانًا للنظافة فى الحى أو القرية، ويجب أن يكون للمدرسة دور فى دراسة مشاكل المياه والأمطار والزراعة ونظافة البيئة سواء داخل المدرسة أو خارجها خاصة فى المناطق المحيطة بالمدرسة، من الممكن عقد مسابقات دورية تنمى حب البيئة ومكافأة المتميزين، ورصد جوائز لأصدقاء البيئة على مستوى الفصول والمدارس، وإنشاء أندية للبيئة.
ينقصنا ثقافة ترشيد استهلاك الموارد البيئية، ونستطيع أن نجعل الطلبة سفراء البيئة فى مجتمعاتهم، ينشرون ثقافة ترشيد استهلاك الموارد البيئية فى أسرهم ومجتمعاتهم، ما يؤدى لنشأة أجيال جديدة صديقة للبيئة تحافظ على ممتلكات المدرسة من مبانى ومقاعد ومعامل ومرافق ومقاصف وملاعب، وتقلل إستهلاك الطاقة فبعض المدارس ما زالت تترك مصابيح الفصول مضاءة طوال الليل والنهار. نريد أجيالا لا تلوث المياه، وتحافظ على النباتات ولا تقتلع الأشجار، ولا تقطف الأزهار، وتحاول الحد من تلوث الهواء.
علينا توعية الأطفال بمخاطر زحف الغابات الأسمنتية على الأراضى الزراعية، وبمخاطر تمدد البحار وتآكل الشواطئ مع الإحترار العالمى وتغير المناخ، نريد أجيالا لا تحرق القمامة أو قش الأرز، ولا تستخدم الأخشاب للتدفئة، أو تعذب الحيوانات.
يستطيع الطلبة نشر اللون الأخضر فى البيئة، بغرس الشجيرات فى كل مكان بدءًا من حديقة المدرسة، وإنتهاء بأسطح المنازل، ويساهم الطلبة فى الدول المتقدمة خاصة اليابان فى نظافة الفصول ودورات المياه وأرصفة المدارس مع أنها غاية فى النظافة مقارنة بالعديد من الدول الأخرى، مع العلم بأن عمال النظافة هناك يتقنون أعمالهم، المساحات الخضراء ترفع المناعة وتفيد فى الاسترخاء وخفض التوتر، وتقلل من الجرائم فى المجتمع، من يتعلم حب البيئة فى الصغر سيكون مواطنًا بارًا بأهله وبالوطن وإنسانًا حضاريًا فى الكبر.