لا يزال المشهد فى إيران بعد مرور 7 أيام من خروج محتجون غاضبون من سياسات الحكومة وانعدام الرؤية الاقتصادية فى تحقيق نمو يؤثر على الغلاء المعيشى المتزايد، يكشف عن المزيد حول الأسباب التى دفعت إلى اشتعال الوضع وسريان حالة الغضب بين الجموع الإيرانية حتى بين التى اعادت انتخاب الرئيس حسن روحانى فى انتخابات مايو 2017 الماضية بحسب تقارير إيرانية.
تقارير الحرس الثورى فى إيران عن أيام الاضطرابات السبع الماضية فى مختلف المدن، أشارت إلى تورط، تيار الرئيس الإيرانى المتشدد السابق "أحمدى نجاد" فى اشعال الوضع، الأمر الذى حاول قائد الحرس الثورى محمد على جعفرى، التلويح به يوم الأربعاء، 3 يناير، فى خلال تعليقه على الأحداث.
عندما قال ردا على ما إذا كانت مزاعم مسئولين بمدينة مشهد -التى شهدت شرارة التظاهرات الأولى- بتورط مسئول سابق فى حشد المحتجين، أكد قائلا "أن حشد المتظاهرين جاء بدعوة من أحد المواقع الإلكترونية تابعة لشخص يتحدث هذه الأيام بلسان المعارضة للنظام ومبادئه، الأجهزة الأمنية، تبحث هذه المسألة ولو تم التأكيد على تدخل هذا المسئول، لا شك أننا سنتعامل معه". الاتهامات لم تطال تيار نجاد وحده بل امتدت إلى "جبهه پایداری" أى جبهة الصمود المتشددة المقربة منه، وزعيمها الروحى آية الله محمد تقي مصباح يزدى.
الرئيس الايرانى السابق محمود احمدى نجاد
إذ لم يكن عامل الإخفاق الاقتصادى والغضب السياسى، وحده سبب تحريك الشارع ضد الرئيس الإيرانى المحسوب على المعتدلين، وأكدت تقارير اعلامية أيضا الصراع الذى يدور خلف الكواليس فى فلك الاحتجاجات الأخيرة، على نحو ما قالت صحيفة "آرمان" الإصلاحية فى عددها الصادر يوم الأربعاء، الماضى، حيث أكدت على أن التيار المتشدد وقف وراء شعارات "تنحى روحانى" التى ظهرت خلال الإحتجاجات، حيث استطاع هذا التيار ركوب موجة الاحتجاجات ومطالب الشعب بشعاراته.
ودلل التقرير الإيرانى على، خبر نشر على موقع "خبرنامه صادق" التابع لجامعة الإمام الصادق، التابع للتيار المتشدد، قال فيه أن عدد من طلاب جامعة طهران دعوا فى خطاب لهم روحانى بالتنحى وإجراء انتخابات مبكرة، مشيرين إلى عدم تحقيق وعوده، معتبرين أنه عاجز أمام حل مشكلات الإيرانيين".
شعار رحيل روحانى صنيعة التيار المتشدد
كيف استغل التيار المتشدد غضب الشارع
أفادت تقارير الأشهر الماضية من داخل إيران بوجود غضب مكتوم تجاه الوضع الاقتصادى المتردى، و على سياسات بلاده فى الخارج، استغل التيار المتشدد الوضع وحاول بأقصى الطرق الاستفادة من الزخم الموجود، ففى ديسمبر الماضى، دشن أنصار هذا التيار حملة "نادمون" على انتخاب روحانى، الذى رأوا أنه تناسى مطالبهم ووعوده لهم بعد 100 يوم من ولايته الثانية، لكن ردت وجوه اصلاحية على الحملة بمواصلة الدعم للرئيس.
وبالتوازى مع حملات المتشددين، وغضب الشارع الإيرانى تجاه روحانى، جائت قرارات الرئيس الأخيرة باستبعاد أكثر من 30 مليون شخص من الدعم النقدى، ورفع أسعار البنزين بنسبة وصلت إلى 50%، لتصب فى صالح منتقدى الرئيس الإيرانى، فى لتوظيفها نحو التصعيد تجاه التيار المعتدل والاصلاحى، لتصفية حسابات سياسية، والتحضير مبكرا لانتخابات 2021 المقبلة، الأمر الذى حذر منه محللين فى الداخل الإيرانى، الذين ربطوا بين الوضع المتدهور، وعودة "الشعبوية" التى برع فيها الرئيس السابق نجاد، وتلقى قبولا لدى الأغلبية فى إيران، لكن نتائجها فى الغالب لا تلبى مطالب الجماهير على الأرض.
روحانى
صمت التيار الإصلاحى
فى الأيام الأولى للتظاهرات وما أعقبها من تصاعدا المواجهات بين المحتجين والأمن، التزم التيار الإصلاحى والمعتدل الصمت، الأمر الذى شكا منه العديد من الصحفيين الإيرانيين الذين يعملون فى صحف إصلاحية ومستقلة، وعلمنا عبر مصادر داخلية فى إيران، عدم رد الكثير من الوجوه الإصلاحية البارزة على هواتفهم اثناء اتصالات الصحفيين الإيرانيين بهم فى الداخل بهم، وأن أغلبهم رفض التعليق على الأحداث فى الإعلام والصحافة"، الأمر الذى أكد ما أشارت إليه تقارير من داخل إيران حيث تحدثت الأشهر الماضية عن غضب داخل هذا الجناح من روحانى بسبب محاولاته الجنوح نحو التيار المحافظ، فى ولايته الثانية، إضافة إلى تجاهل لرئيس المعتدل التشاور والأخذ بالرأى مع قادة هذا التيار البارزين، أو جبهة "اميد" أى الأمل الاصلاحية، فى اختيار وزراء حكومته اغسطس الماضى.
وحتى الزعيم الاصلاحى والرئيس الأسبق محمد خاتمى الذى ساند روحانى ووقف إلى جانبه فى الانتخابات الرئاسية مايو الماضى، ودعا الإيرانيين للنزول لانتخابه فى ولاية رئاسية ثانية، التزم هو الأخر الصمت، فيما عدا ذلك أصدرت "مجمع رجال الدين المناضلين"، الذى اجتمع الإثنين الماضى برئاسة خاتمى، بيانا شجب اعمال العنف، واعترف بحق الإيرانيين فى مطالباتهم عير الطرق القانونية والاحتجاجات المدنية.
ايرانية أمام باب جامعة طهران
سيناريوهات انتهاء الأزمة
فض قوات الأمن والحرس الثورى، التظاهرات الذى أسفر عن مقتل ما يقرب من 21 شخص واعتقال المئات الأيام الماضية، قد يشعل المواجهات بين المتظاهرين وقوات الأم، وقد تتواصل الاحتجاجات ربما لأشهر، إذا استمر مسلسل سقوط المحتجين، لكن بعد أن أفادت تقارير اخبارية أوردتها الوكالة الفرنسية قالت أن العاصمة طهران ومعظم المدن الإيرانية شهدت ليلة هادئة ثانية على التوالى بعد أيام من الاحتجاجات أمام تجمعات كبيرة مؤيدة للنظام، يمكن الإشارة إلى أن السيناريو الأبرز الذى قد يتصدر المشهد الفترة المقبلة، هو المراجعة السياسية والاقتصادية لإنهاء الأزمة.
اقتصاديا من المؤكد أن يلجأ الرئيس والدولة إلى رؤية اقتصادية مختلفة للخروج من مأزق التدهور الاقتصادى، لإصلاح الأوضاع وتراجع الغلاء المعيشى، وقد يكون سببا فى لجوؤ الحكومة إلى الاقتصاد المقاوم الذى نادى به المرشد الأعلى، لكن سياسيا، الأمر الأصعب حيث لا يمتلك الرئيس الحق فى رسم السياسات الخارجية، او بمعنى آخر لن يعدل النظام من سياساته فى سوريا او العراق واليمن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة