اتهمت السلطات الإيرانية رسميا المتظاهرين بكونهم عملاء وممولين من الخارج، وظهر ذلك من خلال تصريحات للمرشد الأعلى على خامنئى، وتصريحات من رئيس السلطة القضائية صادق لاريجانى، والمدعى العام الإيرانى محمد جعفر منتظرى، ما يطرح عددا من علامات الاستفهام حول حقيقة هذا التوجه الرسمى ودلائله.
من جهتها تساءلت جريدة نيويورك تايمز عن الدور الخارجى فى أعمال الاحتجاجات الثورية الدائرة الآن فى إيران، خاصة بعد اتهام النظام صراحة المتظاهرين بكونهم ممولين وعملاء ومخربين، متوصلة إلى إنه لا دليل على ذلك الاتهام بالمرة.
وألقت الجريدة الأمريكية الشهيرة الضوء على اتهام المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله على خامنئى يوم الأربعاء، من وصفهم بالـ"أعداء المجهولين" الذين يمولون الاحتجاجات ضد الحكومة التى اجتاحت بلاده الأسبوع الماضى ما يعرض المتظاهرين لخطر الاتهام بالتجسس أو الخيانة.
وأوضحت الجريدة، إن هذا الاتهام صدر كذلك عن كثير من المسؤولين الإيرانيين الذين خضعت بلادهم منذ فترة طويلة للتدخل الأجنبى، بدءا من الانقلاب الذى قادته الولايات المتحدة وبريطانيا فى الخمسينيات ضد ثورة الدكتور محمد مصدق، والذى يعرف فى التاريخ المعاصر بعملية "أجاكس"، انتهاءً بالجهود الأخيرة التى بذلتها الولايات المتحدة وإسرائيل لتخريب البرنامج النووى الإيرانى، لاسيما مع دعم الرئيس ترامب العلنى للمتظاهرين وهو ما عزز الشكوك حول وجود يد أجنبية فى الأمر.
وتابعت الجريدة بالقول، إنه فى حين عدم وجود دليل على أن الحكومات الأجنبية دعمت ونظمت هذه الاحتجاجات، فإن العديد من البلدان تحاول الآن أن تقرر كيف تدعم هدف تشترك فيه مع العديد من المتظاهرين وهو الوصول إلى حكومة إيرانية أقل فسادا وأكثر ديمقراطية وأكثر انفتاحا.
ونقلت الجريدة فى تقرير مطول خصصته للحديث عن المظاهرات الثورية الدائرة فى إيران، حث وزارة الخارجية الأمريكية، إيران على عدم تقييد الوصول إلى خدمات وسائل الإعلام الاجتماعية مثل انستجرام ومنصات الرسائل مثل تيلجرام التى استخدمها المتظاهرون لنشر مواعيد وأماكن التجمعات المناهضة للحكومة، حتى إنها شجعت الإيرانيين على استخدام الشبكات الخاصة الافتراضية لتخطى الرقابة الحكومية.
وقال دبلوماسيون ومحللون تحدثت معهم "نيويورك تايمز"، إن المناقشات تجرى حاليا فى عواصم بريطانيا وإسرائيل ودول أخرى، حول ما إذا كانت ستدعم المتظاهرين، ويقول مسؤولو المخابرات الأمريكية ومراقبو الشؤون الإيرانية، إن الاحتجاجات بدأت عفوية من دون تدخل أى من القوى الخارجية.
ومع ذلك يبدو بجلاء أن المظاهرات، التى اتسعت بشكل رهيب على نطاق واسع وغير متبلور، لا تتطابق مع قواعد اللعبة التى تمارسها وكالات الاستخبارات الغربية والتى تتدخل عادة للقيام بعمليات سرية فى إيران، خاصة أن تلك العمليات ذات الموارد المكثفة عادة ما تركز على هدف محددة بدقة وقابل للقياس وهو تخريب برنامج الأسلحة النووية، وفقا لمصادر الجريدة.
وتؤكد الجريدة نقلا عن مصادرها، إن الوضع الراهن يشى بأمر واحد وهو أن القرائن مجتمعة تشير إلى عامل محفز واحد للاضطرابات وهو تفشى الاستياء واسع النطاق بين الداخل والخارج ضد النظام.
يقول مائير يافيدانفار، وهو محاضر فى الدراسات الإيرانية فى المركز متعدد المجالات فى هرتسليا، بإسرائيل للجريدة: "أنت لا تحتاج إلى الأمريكيين أو المخابرات الإسرائيلية أو البريطانية لإقناع الناس فى إيران أن هناك نخبة حاكمة صغيرة تسيطر على اقتصاد البلاد وتخرب الوضع".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة