"خلعن فساتين الطفولة المزخرفة بالبهجة ليرتدوا الفستان الأبيض، أصبحوا أمهات رغم حداثة سنهم، ليدفعوا ثمن جريمة لم يرتكبوها بل دفعهم إليهم أقرب المقربين".. هذه حال أطفال قاصرات كانوا بالأمس يلعبون فى الشوارع غير عابئين، كان هم البعض فيهم تزيين العرائس التى يلعبن بهم لكنهم بين يوم وليلة تحولوا إلى "زوجات قاصرات" وأمهات لأطفال فارق العمر بينهما لا يتعد سنوات تعد على الأصابع، لتنتهى مأساتهم بالوقوف فى ساحات محاكم الأسرة وهن يحملن أطفالهن على أكتفاهن، أطفال يحملون أطفال، وأقارنهم مازالوا يلعبون بالعرائس.. "اليوم السابع" يرصد فى السطور التالية حكايات جديدة فى دفاتر زواج القاصرات فى صعيد مصر.
مها: "ابويا جوزنى تخليص حق مقابل شيكات ب2000 جنية وانا عندى 14 سنة"
مها صاحبة الـ16 عام ضحية من ضحايا الإهمال الأسرى ولدت مها لأب كما يطلق عليه "صاحب كيف" لم يهتز لحظة لصرخات ابنتيه بعد أن ماتت زوجته قهرا وحزنا بسبب إدمانه والديون تاركة له مها وشقيقتها وهن لم يخرجن من ثوب الطفولة.
وقفت مها تبكى حالها بمحكمة الأسرة وهى تحمل على كتفها طفله لم يتعد عمرها الـ8 أشهر وهى تطلب العدل فى أبسط صوره شهادة ميلاد لطفلتها التى لم يعترف بها والدها فى القضية رقم 533 / 2017 .
قالت مها تراكمت الديون على "ابويا" وأن كان لا يستحق لقب الاب وبعد أن باع كل ما فى البيت قرر أن يبيعنى أنا واختى باعتبارنا من ضمن ممتلكاته وباعتبار الكيف أهم من توسلاتنا أمامه، لم يرحم دموعى ولا توسلات شقيقتى حينما قرر أن يكتب لكل واحدة منا ورقه عرفى مقابل أن يتنازل اثنين من بائعى الكيف عن شيكات وإيصالات أمانة قيمتها لا تتعدى الـ2000 جنيه مع كل واحد منهما وباعنى مقابل هذه الورقة وأنا لم اكمل عامى الـ14 من العمر، لم يحضر كتابة الورقة سوى شاهدين يتبادلون الكيف والسهرات معه والعريس المنتظر المورد الرئيس للكيف ومتعاطيه، وبعد دخولى لمكان لا أعرفه وفى حجره ضيقة ملأت حوائطها الرطوبة والبرودة اخبرنى المزعوم زوجى أننى زوجته وأنه له الحق فى التمتع بى كيفما يشاء قضيت معه شهرين كانوا بالنسبة لى السجن بكل ظلامه وبرودته وبعدها طاردته الشرطة فلم أعرف له طريق حتى الآن أصبت بعدة أمراض متتالية وأعراض مختلفة لم أجد لها تفسيرا سوى مفاجأة إنى حامل.
وأنا لا أعرف عن تربية الأطفال سوى عروستى الصغيرة التى كانت تخيط لها امى الفساتين وتنام بحضنى، ظللت اتخبط بين أهلى وأهله لعلى اجد حلا لذلك المخلوق الذى ببطنى فحتى ورقة الزواج العرفى ليس لها أثر، وبعد 7 أشهر وضعت طفلتى وأنا عمرى 15 عاما وهى بدون أب وأنا بدون زوج لم أجد أمامى إلا الاستنجاد بالقضاء لعلى أجد حق ابنتى الذى اضاعه المدعو ابى.
إيمان: مرات ابويا جوزتنى أحد اقاربها وانا لم اكمل الـ15 عامًا
أيمان واحدة من الأطفال القصر الأيتام الذين وضع القدر فى حياتهم زوجة الأب وكما قالت ايمان وهى تبكى "اللى بيموت ابوه يتيم لكن اللى بتموت أمه لطيم" روت إيمان قصتها أمام محكمة الأسرة فى القضية رقم 210/2017 قائلة بعد وفاة أمى تركتنى أنا و7 أشقاء آخرون مابين ذكور وإناث، ولم يتحمل والدى مسئولية تربيتنا بمفرده فما كان منه إلا أن تزوج بامرأة آخر ى تصغره بـ30 عاما ولكنها كانت جميله فاستغلت جمالها فى أن تضع المنزل بالكامل كالخاتم فى اصبعها بسبب عشق ابى لها فكان لا يرفض لها طلب وأثناء امتحانى فى الشهادة الإعدادية كان يزورها أحد أقاربها بالمنزل فشاهدتنى ولمعت فى عينه فطلب منها أن تخبر أبى بطلبه ليدى فى البداية عارضها أبى لصغر سنى ولكنها ضغطت عليه مستغله أنه لا يرفض لها طلب فقررت أن تعقد قرانى عرفى على يد مأذون القرية بمركز أبو تيج أول يوم فى امتحانات الشهادة الاعدادية وحرمتنى من دخول الامتحانات.
وتضيف إيمان: على الرغم من الضمانات التى أخذها والدى لكتب الكتاب بعد اتمامى السن القانونى إلا أن هذه الضمانات لم يكن لها قيمة بعد أن تحالفت زوجة ابى وزوجى وسرقت له الشيكات والإقرارات التى اخذها والدى ضمانا لبلوغى سن كتب الكتاب، وبعد مرور عام على الزواج طلقنى زوجى بعد أن رمى يمين الطلاق عليا وعدت إلى أبى وأنا أجر خيبة الأمل فلا انا تزوجت ولا حتى طلاقى رسمى، ولم يكن امامى سوى الورقة التى كتبها المأذون حتى يمكننى الحصول على طلاق رسمى يمكننى الزواج بعده، فحتى اتزوج ثانية لابد من قسيمة طلاقى وحتى أحصل على قسيمة طلاقى لابد من اثبات الزواج رسميا أولا.
هاجر: "أطلقت بعد زواجى بسنة بطفله لأنه كان عايز ولد"
هاجر ضحية زواج الأرياف والقرى ففى معظم القرى بالصعيد تعد الفتاه عانسا إذا ما اتمت 15 عاما بدون زواج وما ينطبق على فتاه ينطبق على جميع الفتيات بهذه القرى فالعرف المتبع أن تتزوج عرفيا باشهار على يد مأذون، وبعد اتمامها السن القانونى يقوم نفس المأذون بعقد القران بشكل رسمى بأوراق موثقة، ويعتمد الزواج فى هذه الحالة على الإشهار فقط وبعض الضمانات من المستندات كإيصالات الامانة والشيكات.
قالت هاجر أمام محكمة الاسرة فى الدعوى رقم 453 /2018 بلغت الـ15 عاما من عمرى ومثل أى فتاه لابد من زواجى تزوجت أحد اقاربى زواج عرفى وهو المتبع والمعروف لدينا ولكن على يد مأذون، وبعد زواجى بعدة أشهر علم زوجى بحملى وفرح جميع الأهل من العائلتين ولم يتعد عمرى وقتها الـ16 عاما وبمجرد علم زوجى بان الجنين بنت طلب منى الذهاب إلى منزل والدى، حتى اضع حملى وقال لى نصا "لو جه ولد ارجعى لو جات بنت تبقى مش بنتى احنا مش بنخلف بنات" وبالفعل جاء ميعاد ولادتى وأنجبت أنثى، فأرسل لى مع أحد أشقائه أنه غير معترف بهذه الطفلة، وان جميع اشقائه ينجبون ذكورا ولم ينجب أحد فى عائلته أنثى، وبالتالى هى ليست ابنته وتركنا بدون نفقه وأرسل لى أنه رمى يمين الطلاق، ولم أعد على ذمته وعليا أن اعرف من هو والد البنت الحقيقى وأننى لم اعد زوجته وقال " اللى عايزه تعمليه انتى واهلك اعمليه" قمت بإقامة عدة دعاوى مابين توثيق زواج واثبات نسب ونفقة لطفلتى التى ليس لها أى ذنب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة