فى حالة من الصفاء الذهنى تبتعد هالة عن متاعب العمل والضغوط التى تمر بها فى حياتها، وبأناملها الرفيعة جسدت مواقف يومية يعيشها المصريون بالأحياء الشعبية، لتعبر عما بداخلها من صراعات و"دوشة" داخلية، أفكار جاءت إلى مخرجة أفلام الرسوم المتحركة من واقع تجاربها ومعايشتها بحى الظاهر وشبرا المنطقتين اللتين عاشت داخلهما طفولتها وسط أفعال ومواقف مر عليها الزمان ولم تعد تراها الآن.
"أنا عينى اتغذت بالمناطق والحوارى والشوارع القديمة جدًا" كلمات تعبر بها هالة عن نظرتها للرسومات التى قامت بتجسيدها على أوراق بيضاء لم تتعد مساحتها 10 سم وتعبر داخلها عن مواقف وحكايات مختلفة ثم تجمعهم ليكونوا سكان عمارة واحدة عام 2017، تلك التى نالت إعجاب العديد من الأشخاص لتستجيب لهذه الطلبات وتعود فى أكتوبر 2018 لتستكمل مشروع "عمارة الطيبين" الذى بدأته منذ سنة مضت.
جانب من رسومات هالة لبكونة بـ"عمارة الطيبين"
"عمارة الطيبين بتعبر عنى شخصيًا وعن حاجات شفتها وعشتها وحصلت لى واتحكت لى، لدرجة إنى بحسها كائن ملموس مش رسم على الورق بس" كلمات تعرض بها هالة تفاصيل العمارة التى فكر بها الكثير فى سن الطفولة وهى حياة خيالية لدى الكثير منا، قررت هالة أن تجعلها حقيقة تعبر بها عن الدوشة التى تتكون داخلها من حواديت وحكايات ومواقف يوحى لها خيالها أنها تحدث خلف الأسوار، لتكن هذه بداية هالة فى تدشين مشروعها "عمارة الطيبين"، الذى بدأت فى رسمها منذ 2017 واستكملت الجزء الثانى منها فى عام 2018 بمواقف وأحداث مختلفة، حتى سبقها صيتها واشتهرت بلقب "صاحبة العمارة".
"ماما هى اللى علمتنى الرسم وباب خطه حلو جدًا هو اللى خلى خطى حلو من صغرى" بكلماتها المليئة بالبهجة والهدوء تعبر هالة صاحبة الـ 29 عامًا عن البيئة التى نشأت فيها، حيث كبرت وسط أسرة تهوى الفنون بطرق مختلفة، وأرادوا أن يساندوها حتى تحقق الحلم الذى لم تحققه الأم نتيجة الظروف الأسرية فى ذلك الحين ونظرتهم للفنانين نظرة دونية خاصة للفتيات.
جانب من حواديت عمارة الطيبين 2018
فبعد أن قررت الأم أن تطبق مقولة فاقد الشىء أكثر من يعطيه بمساعدة الأب، بدأت فى تشجيعها الدائم لابنتها، وتقول هالة: "ماما كانت على طول تجيب لى اسكتشات وألوان وتعلمنى وتحكى لى قد أيه كان نفسها تدخل فنون جميلة" ومع كل يوم يمر تمر معه خطوات تمهد لتحقيق حلم هالة فى استكمال دراستها بكلية فنون جميلة وأن تصبح فنانة كبيرة.
وتقول: "لما بقيت فى الإعدادية بابا وماما خدونى كلية فنون جميلة عشان أخد كورس تعليم الموهوبين"، ونشأت هالة حياتها الجديدة وسط مبانى المناطق القديمة والتراثية مثل منطقة القلعة والجمالية وغيرها، ورغم عدم حبها لزيارة هذه الأماكن مع دكتور الجامعة فى البداية إلا أنها أتخذت بمقولته: "الأماكن دى حلوة بس عليها تراب، ووظيفتكم كفنانين تشيلوا التراب ده وتبينوا جمالها"، وهى المقولة التى ظلت عالقة فى أذهان خريجة فنون جميلة دفعة 2011، حتى اليوم.
ولم تكتف هالة بعد تخرجها بعدد الزيارات التى قامت بها، ولكنها عشقت المرور من هذه الأماكن والنظر إلى المبانى والشبابيك والبلكونة وأصبحت تركز فى أدق التفاصيل، لتعود إلى منزل جدها بمنطقة الظاهر، وتسرق لحظات من الزمن لتقف داخل البلكونة وتفكر فيما تراه من الشبابيك والبلكونات وتتخيل ما يحدث خلفهم، حتى بدأت مسيرتها الفنية وتوصلت لإخراج "عمارة الطيبين" وعرض أعمالها فى العديد من المعارض والمهرجانات الفنية.
هالة أثناء عملها في رسم عمارة الطيبين
هالة تضع لمساتها الأخيرة لتجسد أحد سكان العمارة
عمارة الطيبين 2017 بعد تجميعهم
بعد النجاح فى 2017 هالة رسمت عمارة الطيبين 2018