فى جلسة بعنوان «ما بعد الحروب والنزاعات.. آليات بناء المجتمعات والدول»، ضمن منتدى شباب العالم بشرم الشيخ، تناول الرئيس السيسى ما أسماه بالتحرك غير المدروس للشعوب وكيف يفتح أبواب الجحيم على البلاد المستقرة، وقال «كنت بقول من سنتين تلاته خلوا بالكم من الانتحار القومى، وهل ده معناه إننا منغيرش أو نسكت؟ لكن حشد الشباب والرأى العام فى تغيير الأمور بالقوة قد يخرج عن السيطرة مما يؤدى إلى إحداث فراغ هائل يؤدى إلى تدافع القوى المحلية والأجنبية والخارجية، من أجل التدخل فى شؤون الدولة، ومن ثم تتداعى مؤسسات الدولة واحدة تلو الأخرى، تبدأ فى الغالب بالقوات المسلحة والمؤسسات الأمنية، ثم تعقبها جميع مؤسسات الدولة»..
التغيير العشوائى القائم على حشد الشباب ودفعهم للمظاهرات العارمة فى مدن وميادين بلد ما، قد ينجح فى تغيير نظام حكم قائم لكنه بالتأكيد لا يضمن مجىء نظام حكم بديل على مقاس أحلام الشباب الثائر والغاضب والذى لابد وأنه يعانى من الفقر والمرض وغياب الفرص الحقيقية للتنمية، بل يفتح الباب إلى صعود أكثر المجموعات تنظيما وكفى، وقد تكون هذه المجموعة المنظمة عدوة للشعب وأحلامه وطموحاته فى التغيير للأفضل، وقد رأينا نحن ذلك بأعيننا عقب 25 يناير، فسرعان ما احتشدت أصوات لم نكن نعرفها من قبل وصارت تملأ المشهد السياسى ثم دخلت البرلمان وصنعت أحزابا ورقية هشة حتى دفعت مقاليد الحكم إلى جماعة الإخوان الإرهابية فكنا كأننا استبدلنا مجموعة من الشياطين والعملاء والفاسدين والطغاة بحاكم واحد مرفوض ومغضوب عليه، وبدأت مؤسسات الدولة فى التدهور والخدمات تتراجع والاقتصاد ينهار، وشرع عدد كبير من المصريين فى الهجرة الشرعية وغير الشرعية إلى مختلف بلاد العالم، حتى قامت ثورة 30 يونيو لإنقاذ البلاد والعباد من حكم شياطين التطرف والإرهاب
بعد ثورة 30 يونيو وعندما شرعنا فعلا فى بناء البلد بإخلاص وبدون تزييف أو تزيين اكتشفنا أننا خربنا بلدنا بأيدينا وأضعنا فرصا كثيرة كانت أمامه للنمو والتقدم، وصار علينا أن نبذل جهدا مضاعفا حتى نستعيد فقط الحالة التى كنا عليها قبل 25 يناير، ثم ننطلق إلى الأمام فى خطوات سريعة حتى نقترب من الإيقاع العالمى فى جميع المجالات، وهنا علينا أن نسأل أنفسنا ماذا لو كنا سمحنا بانتقال سلس للسلطة بعد مبارك؟ ماذا لو كنا ضربنا على أيدى المخربين الذين كان هدفهم بالأساس إسقاط القوى الصلبة فى مجتمع الشرطة والجيش بالعمليات الإرهابية؟ ماذا لو كنا حافظنا على معدلات النمو التى بلغت نحو 8% فى 2008- 2009 ، بالتأكيد كان وضعنا الحالى سيكون أفضل مما هو عليه بحكم تراكم العوائد وآثار التنمية
الدرس المستفاد من خلال ما مررنا به فى السنوات الماضية، وما تم التطرق إليه فى منتدى شباب العالم بشرم الشيخ، أن التغيير لابد وأن يكون له هدف وأن يتضمن مخططًا شاملًا، وأن يمتلك الآلية القادرة على صيانة البلد من كل ما يراد له، فلا أحد يمكنه المصادرة على رغبة الشعوب فى التغيير ، ولكن الشعوب فى العالم أجمع لديها الآلية وهى الانتخابات الحرة المباشرة، فإذا فقدتها فإنها تلجأ إلى البديل العشوائى وهو الفوضى والعنف، وعلينا أن نحافظ على هذه الآلية وأن نصونها ونعظمها حتى لا تلجأ جموع الشعب إلى استخدام أية آلية أخرى قد تتضمن خطرا على المجتمع والدولة
أيضا، لابد وأن يمتلك الشعب خياراته للتغيير مثل الأحزاب السياسية القوية، فإذا افتقدها فإنه يرتمى فى أحضان المجموعات والحركات العشوائية وبعضها متطرف وتدميرى وغير وطنى، وإذا حازت مثل هذه الحركات والجماعات السلطة فإنها تحتكرها حتى لو كان الثمن تدمير المجتمع والدولة، فالمبررات التافهة والشعارات الجوفاء جاهزة لدى مثل هذه الجماعات على الدوام
وللحديث بقية.