ميركل فى عنق الزجاجة.. قلق وترقب فى ألمانيا لنتائج مفاوضات تشكيل الحكومة.. أزمة غير مسبوقة حال إعلان الفشل.. تصاعد فرص اليمين المتطرف فى الانتخابات القادمة.. وشعبية المستشارة الألمانية على المحك

الثلاثاء، 06 فبراير 2018 04:54 م
ميركل فى عنق الزجاجة.. قلق وترقب فى ألمانيا لنتائج مفاوضات تشكيل الحكومة.. أزمة غير مسبوقة حال إعلان الفشل.. تصاعد فرص اليمين المتطرف فى الانتخابات القادمة.. وشعبية المستشارة الألمانية على المحك ميركل ـ مارتن شولتز ـ البرلمان الألمانى
كتبت شيماء بهجت ـ وكالات الأنباء

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تسود أجواء من الترقب والقلق داخل الساحة الألمانية انتظارا لما ستسفر عنه نتائج مفاوضات تشكيل الحكومة بين الاتحاد الديموقراطى المسيحى المحافظ والحزب الاشتراكى الديموقراطى، وذلك بعد أكثر من 4 أشهر من الانتخابات التشريعية الأخيرة التى لم يخرج منها حزبا محققا الأغلبية الحاسمة.

ففى سابقة هى الأولى من نوعها.. ألمانيا بلا حكومة منذ الانتخابات التشريعية قبل 4 أشهر، فهل من انفراجه للأزمة فى أخر جولة للمحادثات اليوم الثلاثاء، أم ستتعرض ميركل للسيناريو الأسوأ فى حالة عدم نجاحها فى تشكيل الائتلاف الحكومى، فإما أن تقبل بتشكيل حكومة أقلية لا تنعم بالاستقرار السياسى، أو أن توافق على إجراء انتخابات جديدة تنطوى على مخاطر كبرى بالنسبة إليها وقد يكون المستفيد الأكبر منها حزب البديل لألمانيا اليمينى المتطرف، وسيكون كل من الاحتمالين سابقة فى تاريخ ألمانيا منذ 1954، وما سيتبع ذلك من إغراق الاقتصاد الأول فى أوروبا فى أزمة سياسية غير مسبوقة.

ميركل تؤكد استعدادها للقيام "بتنازلات مؤلمة" لتشكيل حكومة

وقبيل انطلاق الجولة الأخيرة لتشكيل ائتلاف حكومى، أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أنها على استعداد للقيام "بتنازلات مؤلمة"، وقالت إن الوقت حان لإنهاء حالة عدم اليقين السياسى.

وصرحت المستشارة الألمانية "نعيش فى أوقات مضطربة"، مشيرة إلى الخسائر فى أسواق البورصة العالمية فى الأيام الأخيرة، وأضافت "نحتاج إلى حكومة يمكن الاعتماد عليها بما يضمن مصالح الشعب".

وقالت إن على جميع الأطراف "القيام بتنازلات مؤلمة" للتوصل إلى اتفاق، وأكدت "أنا جاهزة لذلك إذا استطعنا ضمان أن تكون الفوائد أكثر من المساوئ فى نهاية الأمر".

ويواصل الجانبان مفاوضتهما اليوم الثلاثاء، فى جولة أخيرة لحسم الأزمة التى طال مداها فى أكبر اقتصادات أوروبا، لتشكيل ائتلاف حاكم بعدما قررا الأحد الماضى، تمديد جولة التفاوض بينهما أملا فى إحراز تقدم ملحوظ والتوصل إلى اتفاق بحلول اليوم، على الأكثر.

الحزبان يتفقان على بعض النقاط الخلافية

وكان الجانبان قد نجحا فى التوصل إلى اتفاق بشأن لم شمل اللاجئين فى ألمانيا حيث اتفقا على استمرار وقف استقدام أسر اللاجئين أصحاب صفة الحماية المحدودة حتى 31 يوليو القادم على ألا يتجاوز عدد الأقارب الذين يتم استقدامهم بعد هذا التاريخ عن ألف شخص شهريا إضافة إلى أصحاب الحالات الخاصة.

كما اتفق الطرفان على خفض عدد طالبى اللجوء الذين يدخلون ألمانيا إلى حوالى 200 ألف فى السنة، وورد فى نص الاتفاق الحكومى أن "أرقام الهجرة لن تتخطى 180 ألفا إلى 220 ألفا سنويا " ، غير أن هذا النص كان محل خلاف بين الطرفين حيث كان الحزب الاشتراكى الديموقراطى يرغب فى أن تظهر صياغة هذه الفقرة أن الأرقام المذكورة تقديرية بينما صمم المحافظون على أن تكون هذه الأرقام ملزمة".

قضيتان خلافيتان بين الحزبين

ولاتزال هناك بعض النقاط الخلافية التى تقف عقبة أمام تشكيل الائتلاف الحكومى المشترك. وتتمحور هذه النقاط حول قضيتين أساسيتين، الأولى تتمثل فى إصلاح نظام التأمين الصحى حيث يطالب الحزب الاشتراكى الديموقراطى بتقليص الفوارق بين الأوساط الفقيرة والمرفهة فى مجال العناية الصحية وإحداث تقارب بين النظامين الصحيين العام والخاص.

أما القضية الخلافية الثانية تتمثل فى عقود العمل محددة المدة حيث يرغب الاشتراكيون فى الحد من هذه العقود واستبدالها بعقود عمل دائمة وليست مؤقتة، وهو ما يرفضه المحافظون.

لأول مرة ألمانيا تتعثر فى تشكيل الحكومة

فى ضوء ما سبق، تشهد ألمانيا حاليا وضعا متأزما غير مسبوق .. فللمرة الأولى فى تاريخها تتعثر عملية تشكيل الحكومة على هذا النحو بعد أكثر من أربعة أشهر على إجراء الانتخابات. ونتيجة لذلك تسود حالة من القلق بالشارع الألمانى إزاء هذا الوضع المتفاقم خاصة أن مفاوضات تشكيل الحكومة فشلت من قبل،بعد أن أخفقت محاولة ميركل الأولى فى نوفمبر الماضى فى تشكيل ائتلاف حكومى مع حزبى الخضر اليسارى والديمقراطى الحر المنتمى إلى يمين وسط، مما دفعها إلى الدخول فى محادثات مع الحزب الاشتراكى الديمقراطي.

ووفقا لاستطلاع الرأى الذى أجرته قناة التلفزيون الألمانية العامة (ارد)، فإن 71 % من الألمان لا يفهمون لماذا يتأخر تشكيل الحكومة كل هذا الوقت.

والواقع أن ميركل فى وضع لا تحسد عليه، فهى من ناحية تواجه ضغوطًا من المحافظين داخل حزبها والمطالبين بالتوجه يمينًا لوقف صعود اليمين المتطرف، ومن ناحية أخرى مطالبة بضرورة التوصل إلى تسوية مع الاشتراكيين الديموقراطيين تحت ضغط الجناح اليسارى فى حزبها.

وحتى فى حالة التوصل إلى اتفاق مع الاشتراكيين، فإن ذلك لا يضمن لميركل الخروج من المأزق حيث سيبقى هذا الاتفاق مرهونا بموافقة ناشطى الحزب الاشتراكى الديمقراطى الـــ440 ألفا الذين سيصوتون بالموافقة أو عدم الموافقة على التسوية بشأن الائتلاف الحكومى، وذلك فى إطار آلية تصويت قد تستغرق عدة أسابيع فى فبراير أو مارس.

سيناريوهات تنتظر المستشارة الألمانية

يرى المراقبون أن السيناريو الأسوأ الذى ينتظر ميركل فى حالة عدم نجاحها فى تشكيل الائتلاف الحكومى هو إجراء انتخابات مبكرة، وهو أمر غير مسبوق فى تاريخ ألمانيا ولا يصب فى مصلحة أى من الحزبين للعديد من الأسباب، أولها أن تنظيم انتخابات جديدة يعد مجازفة كبيرة لميركل التى تراجعت شعبيتها مؤخرا ويتوقع أن يحصل حزبها على نتائج أقل من التى حصل عليها خلال انتخابات سبتمبر الماضى.

فوفقا لاستطلاع الرأى الذى أجراه معهد "أنسا" ونشرته مجلة "فوكس" الألمانية الشهر الماضى، فإن 52 %من الألمان يرفضون ترشح ميركل مجددا فى حال إجراء انتخابات مبكرة، بينما أيد 32 % فقط ترشحها واستمرارها فى السلطة.

ويؤكد المراقبون أن إجراء انتخابات مبكرة من شأنها أيضا إضعاف موقف الحزب الاشتراكى الديموقراطى الذى يعانى بالفعل من تراجع ملحوظ فى شعبيته كما يعانى من انقسامات داخلية حادة حيث يلوم العديد من مسؤولية على زعيم الحزب مارتن شولتز بالتراجع عن وعوده بالتوجه نحو اليسار وعدم التفاوض مع ميركل والالتحاق بالمعارضة.

ووفقا للمراقبين، فإن اليمين المتطرف فى ألمانيا الذى يمثله حزب "البديل من أجل ألمانيا" سيكون أكبر المستفيدين من سيناريو إجراء انتخابات مبكرة، فقد نجح الحزب حتى الآن فى استخدام ورقة المهاجرين واللعب على مخاوف المواطنين ليرفع من أسهمه ويزيد من شعبيته فى الشارع الألماني. فى هذا السياق أظهر استطلاع للرأى أجراه معهد "إمنيد" لصالح صحيفة "بيلد" أم زونتاج" الألمانية الأسبوعية فى الرابع من فبراير الجارى، أن تأييد المواطنين لحزب "البديل من أجل ألمانيا" تجاوز نسبة الــ 13 %، علما بأن هذا الحزب فاز فى الانتخابات التشريعية العامة فى سبتمبر الماضى بنسبة 12.6% من الأصوات، ليصبح ثالث قوة فى البرلمان الألمانى "بوندستاج". فى المقابل تراجع تأييد المواطنين للاتحاد المسيحى بزعامة ميركل، حيث انخفض بنسبة نقطة مئوية وبلغ 33 %.

يبدو من المشهد السابق أن تشكيل ائتلاف حكومى بين المحافظين والاشتراكيين يمثل الحل الأفضل لكلا الحزبين، فهو من ناحية يساعد ميركل فى الخروج من المأزق الذى وضعتها فيه نتائج الانتخابات السابقة وكبح جماح اليمين المتطرف، ومن ناحية أخرى يمثل هذا الائتلاف فرصة للحزب الاشتراكى الديموقراطى للظهور بمظهر الحزب المتماسك ومحاولة لاستعادة شعبيته من جديد من خلال تبنى بعض السياسات التى قد تجذب مؤيديه، خاصة أن شولتز أكد ضرورة إجراء إعادة تقييم فى منتصف الولاية لأداء الائتلاف فى بادرة تجاه الجناح اليسارى من الحزب الاشتراكى الديموقراطى.

اليمين المتطرف المستفيد الأول

ويتفق المراقبون على أنه فى حالة تشكيل ائتلاف حكومى مستقر فإن شعبية اليمين المتطرف فى الشارع الألمانى ستبقى مرهونة بأداء هذا الائتلاف خلال الفترة المقبلة، فإذا استمرت السياسات السابقة التى كانت محل انتقاد شعبى فإن ذلك سيقوى من شعبيه اليمين المتطرف ويزيد من فرص فوزه فى الانتخابات القادمة.

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة