فى حال نجاح مفاوضات الولايات المتحدة وكوريا الشمالية حول الأسلحة النووية، سوف يحسب النجاح لكل أطرافه خاصة بيونج يانج، التى يتوقع أن تطلب رفع الحصار الأممى عليها، بينما تستفيد كوريا الجنوبية من زوال التصعيد والتهديد الدائم، خاصة تجارب صاروخية تطلقها بيونج يانج فى الفجر، فقد تعهد كيم جونج بعدم إيقاظ رئيس جارته الجنوبية فجرا، مثلما كان يحدث طوال العام الماضى، كما يدعم نجاح المفاوضات موقف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، لكونه نجح فى لقاء تأخر أكثر من نصف قرن، ولا شك أن الصين هى الأخرى ربما ترتاح من دعم بيونج يانج اقتصاديا، وتستفيد بورقة الوساطة، فى مفاوضاتها التجارية مع واشنطن.
ولم تخل الأزمة الكورية من الحرب التصعيدية بين ترامب وكيم جونج أون من لفتات كوميدية، بلغت أقصاها فى تبادل الشتائم بين كيم وترامب، لكن خلف تصريحات الأزرار النووية المشرعة كانت هناك مناورات ورسائل ومفاوضات، تكشف عن كون السياسة ليست هى المعلن فقط، بل ربما كان السرى أكثر من العلنى.
فلم يصدر إعلان اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب والكورى الشمالى كيم جونج أون، فجأة، لكن سبقته ترتيبات ووساطات من أطراف ترى من مصالحها أن تنتهى التوترات، والتهديد المستمر باندلاع حرب نووية يمكن أن تدمر الجميع.
ويبدو الآن أن التصعيد من جانب كيم جونج كان سياسيا، يستخدم أوراقا مختلفة، ولا يشير إلى أن كيم جونج مجرد رئيس مجنون مشغول بقتل مرؤوسيه بصواريخ، وإطلاق الكلاب على أقاربه، فقد حرص كيم جونج دائما أن تمثل تجاربه النووية تلويحا مزعجا لجارته الجنوبية سيول وأيضا لليابان، وكان يحرص على إجراء تجاربه الصاروخية فى الفجر، وكانت سيول أكثر الأطراف حرصا على إنهاء التوتر.
خلال شهور توسعت المباحثات والاتصالات بين بيونج يانج وسيول، فيما بدا كاشفا عن قدرات كيم جونج أون على استغلال الفرص سياسيا، والدفع نحو إسقاط الحصار عن بلاده بشكل لا يهدد صورته أمام العالم.
وسبق إعلان اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكى ونظيره الكورى الشمالى، جولات متعددة، وتم الإعلان عن خط ساخن بين الكوريتين يسهل لكل من الرئيس الكورى الجنوبى مون جيه إن، والشمالى كيم جونج أون اتصالات بعيدا عن البروتوكولات، وكان هذا الخط أبرز ثمار الاتفاقات بين البلدين.
ومن بين أكثر التحركات إزعاجا وإثارة للرعب كان اعتياد بيونج يانج إجراء تجاربها الصاروخية فجرا، حيث نفذت 20 تجربة للصواريخ البالستية، وكثيرا ما دعا الرئيس الكورى الجنوبى إثر تلك التجارب مجلس الأمن القومى للانعقاد فورا فى أوقات تم فيها إيقاظ مسؤولين ودبلوماسيين وصحفيين من نومهم، لكن عندما التقى موفدو سيول ضمن تحركات تهدئة وتصفية الأجواء تعهد كيم بعدم إيقاظ مون من النوم، ونقل مسؤول كورى جنوبى عن كيم جونج قوله « لن يتم إيقاظ الرئيس مون من النوم بعد الآن فجرا».
وهكذا خلف التصريحات الجنونية لترامب وكيم جونج ووساطات الصين وكوريا الجنوبية، تكمن المصالح التى تحرك كل طرف، فى زمن تحكمه المصالح الاقتصادية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة