أن تقرأ عن فترة مهمة فى التاريخ لتكتب رواية، أمر يختلف تمامًا عن تكون أن شاهدًا على هذه الأحداث، وتروى ما جرى.. هذا ما حدث فى رواية "التدفق الهادئ لنهر أونا" للكاتب البوسنى فاروق شهيتش، التى صدرت ترجمتها إلى اللغة العربية عن الدار العربية للعلوم ناشرون.
منذ الوهلة الأولى يضعنا الكاتب البوسنى فاروق شهيتش فى لحظة فاروقة، وهى كيف أن الصراع من أجل البقاء على قيد الحياة قد يبرر للمرء كل أنواع الهجمات، وبالأخص حينما تكون محتجزًا من قبل ثلاثة جيوش من الأعداء الذين يقاتلون ضدك، هذه الجيوش هى: الصرب البوسنيون، الصرب من منطقة نين فى كرواتيا، والاستقلاليون من أبديك.
جرائم الحرب فى البوسنة
ومن هذه اللحظة يعرف القارئ كما يقول الكاتب أنه "لا مجال هنا للإنسانية وللنهضة، هذا ما اعتقدناه حينها"، لينتقل بنا إلى مرتبة أعلى وهى جرائم الحرب، فيقول "لا أذكر أن أحداً ما قد استخدم تسمية "جرائم حرب" والتى سمعتها للمرة الأولى على قناة "سى إن إن" بخصوص مخيمى اعتقال أومارسكا وكيراتيرم، وبعدها فى القصص التى كانت تنتقل عبر الهمس فى الأرجاء بعد سقوط سربرنيشا. لم يخبرنا قسم المعلومات والمعنويات فى الجيش الحقيقة الكاملة حول سربرنيشا. قام الأخلاقيون كالعادة بقراءة آخر الأخبار الخاضعة للرقابة من مناطق القتال فى بوسنة الشرقية. تضمنت التقارير بعض أرقام القتلى، ولكنها لم تكن قريبة حتى من الأرقام الحقيقة التى بلغت ثمانية آلاف رجل قُتلوا بعد أن أُسروا. وضحت بالتفصيل عدد دبابات العدو وغيرها من المركبات، أسلحة المشاة الخفيفة وكمية الذخيرة التى تم الاستحواذ عليها حين فر مقاتلونا من المناطق المطوقة فى سربرنيشا وزيبا واتجهوا نحو المنطقة غير المأهولة قرب توزلا، كان يفترض بذلك أن يكون مواسياً. تم تقديم سقوط سربرنيشا على أنه هزيمة عسكرية قاسية، وليس على أنه جريمة حرب، مع أنه يمكنك أن تشعر بالمرارة فى الكلمات وبين الأسطر".
يقدم الكاتب فاروق شهيتش وثيقة فنية روائية حول مصاصى الدماء فى حرب البوسنة خلال تسعينيات القرن العشرين، باعتباره أحد المحاربين القدامى، معتمدًا على تدوين ما رآه وجعله شاهد عيان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة