قدرة الرئيس السيسى على المكاشفة والمصارحة بلا حيل بلاغية أو وعود وهمية، مكنته، فى تقديرى، من تغيير مفهوم العلاقة بين الشعب المصرى والسلطة الحاكمة، تلك العلاقة التى رسختها سنوات الحكم الاشتراكى وجعلت المصريين أسرى معادلة بين «السلطة والشعب»، الحكومة هى السلطة التى ينبغى عليها أن تفعل كل شىء وأى شىء، والشعب هو الذى ينتظر الحيل التى يمكن أن تقدم عليها السلطة لتستمر الحياة فى البلد.
الرئيس كسر هذه المعادلة المنقوصة، واستطاع من خلال عقيدته فى الخطاب المباشر مع الناس، وفى الشرح التفصيلى لحقائق الوضع الاقتصادى والظروف السياسية والأمنية والتحديات التى تمر بها مصر، أن يجعل من الشعب شريكا أساسيا فى بناء الدولة الحديثة، فالشعب ليس عالة على السلطة، كما انتهى بنا الحال للأسف فى التجربة الاشتراكية المبتسرة التى مرت بها البلاد فى الستينيات بأطلالها الخربة التى ظلت عالقة فى البناء التشريعى لمصر وفى دواوين الحكومة وفى الهيئات التنفيذية فى البلاد، الآن وعبر هذا الخطاب المباشر والمستمر للرئيس فى منتديات الشباب أو فى المناسبات الوطنية الأخرى استوعب المصريون المعادلة الجديدة، فالشعب شريك أساسى فى الإدارة وفى البناء وفى مواجهة التحديات، الشعب لا ينتظر من يحارب معاركه، ويدفع ثمن تنميته وطنه، الشعب تحول إلى مجتمع يتحمل المسؤولية، ولا يتردد فى تخطى الصعاب.
الرئيس، وخلال سنوات قليلة، نجح فى أن يكسر هذه المعادلة لتخرج من دائرة «سلطة وشعب» إلى دائرة أرقى وأحدث هى «الدولة والمجتمع»، الدولة هى المسؤولة عن الاستراتيجيات وعن التخطيط والإدارة، والمجتمع هو الشريك الأساسى للدولة فى تحويل هذه الخطط والاستراتيجيات إلى بناء متكامل على الأرض، المجتمع هو ذراع الدولة الرئيسية فى تحقيق حلم التنمية، وفى مساعدة نفسه بنفسه على مواجهة التحديات، الشعب المصرى لم يعد مفعولا به تصدمه التحديات والقرارات، لكنه صار فاعلا أساسيا وشريكا متكاملا طالما توافرت له كل المعلومات من رأس الدولة شخصيا، وطالما شعر بأن قدرته على المواجهة «كمجتمع»، تساعد «الدولة» على أن تعبر حواجز الخطر، نحو براح النمو الاقتصادى وفرص العمل والنمو المستمر.
مصر فى عهد السيسى لم تعد شعبا لا يعرف ماذا يجرى، ولا يملك المشاركة فيما يجرى، ولم تعد مصر مجرد شعب تحكمه سلطة تحتكر الحكمة والمعرفة والإدارة، لكن مصر فى عهد السيسى صارت مجتمعا واعيا عارفا مدركا شريكا، تحكمه دولة تضع أمامه الحقائق والمعلومات، دولة لا تغازل العواطف ولا تسعى للاستمرار فى الحكم بثمن بخس وبخداع الأمة، والتحايل على القرارات، دولة عقيدتها أنه لا تقدم بدون مجتمع قوى، ولا يمكن بناء مجتمع قوى إلا بوقف الخداع وإعلان الحقيقة.
صراحة الرئيس غير المسبوقة تاريخيا، هى التى قادت لهذا التحول، وقدرة الرئيس على كسر المعادلات القديمة للحكم تجعل هذه الأمة أكثر أمنا على مستقبلها، لأننا تعلمنا أنه لا أحد سيحمل همومنا سوى أنفسنا «فلا يحك جلدك مثل ظفرك»، الآن نعرف الداء، ولا ننتظر الدواء من أحد، دواؤنا بأيدينا، ومهما كان الدواء مرا، فإن شفاء قريبا ينتظرنا فى نهاية الطريق.