روى الكاتب الصحفى خالد صلاح، رئيس مجلس إدارة وتحرير "اليوم السابع"، فى الحلقة الـ18 من برنامجه الإذاعى "ولا يوم من أيامه"، اليوم الأحد، قصة الكاتب الكبير محمود السعدنى عندما اعتقل ذات مرة ووجد نفسه وسط مجموعة من العناصر الحزبية السياسية المختلفة فقرر أن يتهكم عليهم وابتكر مصطلح "زمش" الذى ردده المصريين لفترة طويلة عندما كانوا يسخرون من الأفكار الحزبية التى لا تجدى نفعاً ولا تخرج عن طور الشعرات الرنانة.
استهل الكاتب الصحفى حديثه، قائلاً:" من يجرؤ على تحدى الكتابة الساخرة للكاتب الكبير محمود السعدنى "الولد الشقى" هو كان مسمى نفسه "ابن عطوطة" بس الناس كانو بينادوه "جحا المصرى" لأنه كان صاحب لون فريد من الصحافة الساخرة فى تاريخ الصحافة.. الرائع محمود السعدنى الذى وصف نفسه فى مذكراته بالولد الشقى.. كل حياة السعدنى كانت شقاوة فى شقاوة سواء فى السياسية أو الفن أو السفر.. كل أنواع الشقاوة تجدها فى رحلة محمود السعدنى".
الكاتب الساخر محمود السعدنى
وأضاف أن "السعدنى" عانى فى حياته الصحفية جداً لدرجة أنه الصحفى الوحيد فى جيله "اللى لف كعب داير" على 5 دول هى لبنان ليبيا الإمارات الكويت وبريطانيا، لأنه كان ممنوعا من الكتابة لفترة طويلة فى عصر الرئيس السادات، حيث كانت كامب ديفيد وزيارة القدس سببا فى خلاف كبير مع عدد من الصحفيين، منهم السعدنى، الذى استقطبه العقيد معمر القذافى وقال "أهو صحفى كبير ومتمرد على السادات نشوف آخره أيه"، ودعاه العقيد القذافى إلى طرابلس وقال له :"يا محمود إحنا عندنا حاجات كتير والصحافة الليبية صحافة كبيرة و نقدر نديلك جورنال أو مجلة تقدر تكتب فيهم هنا زى ما أنت عاوز ضد الرئيس السادات.. طبعاً كان عنده حرج شوية فى الموضوع ده".
واستكمل رئيس مجلس إدارة وتحرير "اليوم السابع"، قائلاً: "نوادر السعدنى لم تنقطع.. المهم العقيد القذافى تفاخر أمام السعدنى بمجلة كانت تطلع فى ليبيا اسمها الفجر الجديد.. محمود السعدنى خد نسخة من القذافى.. مش يسكت ولا يقول كلمتين.. لأ.. قال له يا فندم بس مش الفجر الجديد دى "الفقر الجديد" هى دى مجلة ولا وش مجلات.. المهم العقيد القذافى اتخض واتصدم لدرجة إن محمود السعدنى فكر إنه مش هيخرج من ليبيا أو لو طلع مش هيدخلها تانى .. إزاى فى حضرت القذافى اللى بيقدم ليه مجلة من صنع يديه يقول عليها الفقر الجديد مش الفجر الجديد.. محمود السعدنى شعر بغربة كبيرة جداً ولف كعب داير على بلاد كتير.. عاوز بس يلاقى فرصة يشتغل فيها لحد ما لقى فرصة إن حد عطا له شوية فلوس يعمل بيها مجلة فى لندن ولما قرر يسمى المجلة سماها 23 يوليو.. علشان كان متصور لما يسميها كدا يبقا بيكايد فى الرئيس السادات".
وتابع:" المجلة طلعت فى إنجلترا.. طيب فين السوق.. بتدخل مصر تهريب.. كام نسخة 10 أو 15 بالكتير.. مفيش فايدة المجلة كام شهر وخسرت.. فضل محمود السعدنى يقلب عيشه يمين وشمال لحد ما حصلت أحداث أكتوبر 81 وتولى الرئيس مبارك الحكم فى مصر فبعت يصالح كل الصحفيين اللى كانوا غضبانين من الرئيس السادات أو السادات غضبان عليهم".
الرئيس السادات
وأوضح :"برضو السعدنى مسكتش فى اللقاء اللى تم مع الرئيس مبارك فى القصر الجمهورى.. وبنفس الطريقة اللى اتكلم بيها مع القذافى اتكلم بيها مع الرئيس مبارك وقال له افتكر يا سيادة الريس إن الكرسى اللى أنت قاعده ده قعد عليه محمد على وجمال عبد الناصر.. فالرئيس مبارك مخلهوش يكمل الجملة وقاله :" يا أستاذ محمود لو عاجبك الكرسى خده وأنت ماشى"، فضحك كل اللى قاعدين.. لكن محمود السعدنى اتمتع بعدها بحرية كبيرة فى الكتابة وطلع عدد كبير جداً من المؤلفات وسار هو رمز الصحافة الساخرة فى مصر".
وختم الكاتب الصحفى خالد صلاح حديثه قائلاً: " السعدنى كان غيران من الأستاذ هيكل رغم إن الإتنين كل واحد فيهم فى سكة.. هيكل كاتب سياسيى كبير والسعدنى كاتب ساخر كبير.. لكن دائماً ما كان يقول السعدنى على نفسه إذا كان هيكل سفير لعبد الناصر فى الدوائر العليا فأنا سفير عبد الناصر على المصاطب.. أنا بشرح الأفكار الكبيرة بتاعت عبد الناصر للناس البسطاء.. وكان من نوادره أيضاً اسم الحزب اللى بينتمى ليه.. ليه هو محمود السعدنى كان منتمى لحزب؟!.. لأ يا سيدى.. القصة إنه اعتقل مرة ودخل مع شوية شيوعيين وإخوان مسلمين وشوية عناصر سياسية وكل ما يسأل واحد أنت مين يقوم يقوله اسمه واسم الحزب والتيار اللى بينتمى ليه.. فالرجل راح مخترع لنفسه حزب كتبه بعد كدا فى كتاب سماه "زمش".. زمش أيه؟!.. قاله زى ما أنت شايف وفضلت كلمة زمش هى كلمة ساخرة على الحياة الحزبية فى مصر لفترة طويلة.. وكل ما تقول زمش معناها إنك بتسخر من كل الأفكار الحزبية اللى لا بتودى ولا بتجيب.. محمود السعدنى قصة كبيرة كاتب كبير أمتعنا بكل الكتب والمقالات والسخرية.. ولا يوم من أيامه".
برنامج "ولا يوم من أيامه" الإذاعى لخالد صلاح، يتناول المواقف الشخصية والخبطات الصحفية لجنرالات الصحافة بداية من التوأمين على ومصطفى أمين ومحمد حسنين هيكل ومحمد التابعى وأحمد رجب وموسى صبرى وغيرهم، وكواليس علاقتهم برجال السياسة والفن والثقافة.
ويركز خالد صلاح فى برنامجه الجديد على أهمية الصحافة فى تطور حركة التنوير، ودور كبار الكتاب فى تغيير وتشكيل الوعى العام المصرى فى الجوانب الاجتماعية والثقافية.
ويأتى البرنامج برعاية شركة we للاتصالات، وهايد بارك، ويذاع يوميا فى الثالثة والنصف عصرا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة