قرأت بعناية، حسبما استطعت، برنامج الحكومة للأربع سنوات المقبلة الذى تفضل رئيس الوزراء بعرضه أمام البرلمان، والحقيقة توقفت أمام مجموعة من الأسئلة والاستفسارات والملاحظات، سأعرضها بالتفصيل لاحقا مع انتهاء مناقشات البرلمان للبيان، لكننى لم أستطع تأجيل ملاحظتى هذه حول الجزء الخاص بالحفاظ على «الهوية المصرية لأبناء المصريين فى الخارج »، وقد أدرج البيان هذا الهدف ضمن استراتيجية حماية الأمن القومى وسياسة مصر الخارجية، وفى هذا الجانب يشرح بيان الحكومة الجهود المخطط لها للحفاظ على هذه الهوية، والميزانية المعتمدة خلال 4 سنوات هى مدة البرنامج حتى 2022.
من جانبى لا أعتقد أن الخطة أو الميزانية المعتمدة يمكن أن تحقق هذه الغاية النبيلة فى حماية الهوية المصرية فى الخارج.
يقول بيان الحكومة ما يلى «ص 45»:
«يهدف البرنامج البالغ تكلفة تنفيذه حوالى 41 مليون جنيه إلى الحفاظ على الهوية المصرية لأبناء الجيل الثانى والثالث من المصريين فى الخارج، وزيادة الوعى والفكر البناء بين الشباب والأسر بالمحافظات التى تنتشر بها ظاهرة الهجرة غير الشرعية».
نعم يا فندم..
41 مليون جنيه على أربع سنوات للحفاظ على الهوية لدى جيلين يتعرضان لعواصف جامحة من الأفكار، والقيم المتنوعة فى مشرقى الأرض ومغربيها.
يعنى 10 ملايين ونصف فى السنة!!
يعنى حوالى 550 ألف دولار فى السنة!!
«ماذا سنفعل بهذه الأموال إذن للحفاظ على الهوية لحماية الأمن القومى المصرى؟»
ثم ما هى علاقة الحفاظ على الهوية المصرية لأبناء المصريين فى الخارج، ومكافحة الهجرة غير الشرعية فى الداخل لدى أبناء المصريين فى الداخل؟ ما الترابط هنا؟، ولماذا اختلط الملفان؟
«مين جاب القلعة جنب البحر؟!»
«مجرد سؤال»..
نأتى إلى الأنشطة التى سننفق عليها هذه الأموال، وسأعود للاقتباس من أصل بيان الحكومة نصا:
أولا: تنظيم دورات للتوعية بالأمن القومى بواقع 8 دورات يشارك فيها نحو ألف فرد من أبناء المصريين فى الخارج، بالإضافة إلى 8 دورات تعليم لغة عربية يستفيد منها 20 ألف فرد، وستة منتديات حوار ومنصات تفاعل اجتماعى لعدد 30 ألف فرد.
ثانيا: تنظيم 7 معسكرات شبابية فى محافظات مختلفة، وإقامة 16 نشاطا مجتمعيا.
«لاحظ أن هذه الأنشطة ستوزع على الأربع سنوات»
أتوقف هنا ومع كامل احترامى ومحبتى لرئيس الوزراء الذى يعلم تماما قدره لدينا، أسأل فقط:
هل هذه ميزانية مناسبة؟
هل هذه أنشطة مجدية؟
هل الحفاظ على الهوية بتعليم اللغة العربية فقط؟
إذن هل نعتبر أن المصريين فى الخارج هم المقيمون فى بلدان غربية بينما المقيمون فى الدول العربية لا تهددهم أى أزمات فى الهوية مثلا؟!
تصورى..
هذه الأفكار ربما تحتاج لمزيد من التأمل، وتلك البرامج المقررة تحتاج إلى عمق يتناسب مع أفكار هذه الأجيال، لا أظن أن مجموعة من الندوات والمحاضرات يمكن أن تحدث فارقا عظيما فى أفكار هذا الجيل.
تصورى أن هذه الأهداف الكبرى تحتاج لأهداف كبرى..
ومرة أخرى أقول.. إن هذه الأفكار الكبرى تحتاج إلى ما هو أبعد من دور الحكومة منفردا، لكن الحكومة لا تستطيع جمعنا إلا على خطط تملأ قلوب المنظمات المدنية حماسا، ولا أظن أن الندوات ودروس اللغة العربية كافية لخلق هذا الحماس.
شكرا لسعة الصدر..
//
مصر من وراء القصد
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة