تحدثنا كثيرا عن أدوات التواصل الاجتماعى، وأن لها ميزات كثيرة وعيوبا أيضا، وأن الوعى ربما يكون قادرا على تجاوز العيوب ومضاعفة الميزات، ومن أبرز صفات هذه الأدوات أن أى قضية مهما كانت أهميتها تفرض نفسها على النقاش «السوشيالى» لفترة لا تتجاوز يوما أو يومين، وبحد أقصى ثلاثة أيام تكون انتهت.
هو أمر يحدث مع أكثر القضايا خطورة وأقلها أهمية على نفس المستوى، ولعل قضية أطفال المريوطية، محمد وأسامة وفارس، الذين ماتوا حرقا آخر مثال على هذا، بالرغم مما تكشف عنه القضية من جرائم اجتماعية تتم يوميا، ولا تجد من يتصدى لها.
الأم المتهمة اعتادت الخروج للعمل طوال الليل، وترك أطفال بين 2-5 سنوات فى غرفة مغلقة، وعادت صباح أحد الأيام لتكتشف أن حريقا شب فى الغرفة، وأن أولادها ماتوا اختناقا وحرقا.. خافت الأم من المسؤولية فارتكبت جريمة أخرى عندما حملت أطفالها وألقت بهم فى الشارع، حيث تم العثور عليهم.
قبل الكشف عن حقيقة الحادث سارع البعض بالإعلان عن أن الأطفال ضحايا جريمة قتل وسرقة أعضاء أو جريمة غامضة، قبل أن تتكشف الحقيقة، ولم يكن موقف محققى الفراغ الافتراضى ناشئا من اهتمام بمصائر الأطفال، وإنما كان بحثا عن دور، والدليل أنهم نسوا الأطفال وتعاملوا بهدف جذب أضواء أو لعب دور «كرومبو السوشيالاتى».
المهم أن قضية الأطفال اختفت وتاهت، بالرغم من أنها تكشف عن وجوه مختلفة وأزمات اجتماعية، وربما تحتاج إلى تشريعات لحماية أمثال هؤلاء الأطفال من مثل هذا المصير، لأن خوف الأم فى كل الحالات كان وراء المصير المرعب لأطفال أبرياء دفعوا ثمن إهمال رجال ونساء لاهيات.
تزوجت الأم عرفيا ثلاث زيجات أو أكثر، وأنجبت طفلا فى كل مرة، وسجلتهم باسم رجل رابع، ثم أنها كانت تعمل لتنفق عليهم، ومن خوفها عليهم كانت تحبسهم فى غرفة وتغلق عليهم بالمفتاح حتى تعود، وهو ما انتهى إلى أن اختنقوا واحترقوا وحدهم من دون أن يجدوا أى منفذ أو يد تمتد لهم لتنقذهم، ولما عادت الأم لتكتشف موتهم خافت من اتهامها بالإهمال، فارتكبت جريمة أشد بإلقائهم فى الشارع.
نحن أمام جريمة أو جرائم، منبعها الخوف، خافت الأم على أبنائها فحبستهم، وخافت من المساءلة بعد موتهم فوضعتهم فى أكياس وسجاد، وألقتهم فى الشارع، بينما الآباء الثلاثة للأطفال نزعوا أيديهم من الأمر كله، ومن المسؤولية.
نحن أمام جرائم مركبة، ومسؤوليات متعددة، وهناك مصير ينتظر كل طفل يولد من علاقة زواج عرفى، وهى علاقات غير شرعية، يريد أطرافها استكمال الشكل، يمارسون نوعا من النفاق الاجتماعى والدينى، من دون التزام بالقانون أو العقيدة، الرجال يتخلون عن أطفالهم ليلقوا مصير أطفال المريوطية الضحايا.
قصة أطفال المريوطية تعبير عن نفاق اجتماعى ودينى يدفع ثمنه الأطفال، وهو ما يتطلب مواجهة اجتماعية وتشريعية تحمى الأطفال من استهتار آباء وأمهات يبحثون عن شهوتهم فقط، ويتركون أطفالهم لمصائر مأساوية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة