اللغة العربية أصبحت فيما بعد لسان قوم على الرغم من المسافات والتنوع بين شعوب العالم الأوحد، ودرست فى كل المدارس، كما دون بها المثقفون من الهند إلى المغرب لأنها لغة القرآن أى اللغة المقدسة التى نزل بها الوحى ما أثر على العمائر الإسلامية فطبعت بطابع مميز هو "روح العائلة".
هذا جزء مهم من رؤية كتاب الفن الإسلامى لـ جورج مارسيه، ترجمة عبلة عبد الرازق، مراجعة عاطف عبد السلام، والصادر عن المركز القومى للترجمة.
يقول الكتاب فى مقدمته "على مر المئات من السنین استطاع الفن الإسلامى صیاغة نفسه فى أعمال فنیة ممیزة وخاصة به، بعیدة تماما عن الأنساق القديمة التى نبع منھا، وابتداء من القرن التاسع بدأنا تحديد طراز لتاج عامود من مدينة دمشق أو من القاھرة دون أى صعوبة فى التعرف على طرز التاج، وإن كان مستوحى من التاج الكورنثى أو الكلاسیكى من حیث الرشاقة فى الخطوط وانحناءاتھا فى كأس التاج وأوراق الأكنتس التى تلتف حوله.
وفى القرن الحادى عشر بات التحديد صعبا وفى القرنین الثالث عشر والرابع عشر تعقدت الأمور أكثر، فأصبح من العسیر تحديد طراز التاج إن كان من غرناطة أو فاس، ولھذا قمنا بتتبع المراحل الفنیة المختلفة للفن الإسبانى – البربرى منذ بدايته وتطوره من الأسالیب الفنیة الیونانیة – الرومانیة، لأن التواصل بینھما أكید، فھذه التیجان ما ھى إلا امتداد للتاج الكورنثى بعد أن تغیرت ملامحه على مدى عشرين جیلا من الفنانین، فإذا قلنا مثلا إن اللغة الفرنسیة التى نستعملھا الآن ما ھى إلا اللغة اللاتینیة، ولكنھا قد ابتعدت على مر السنین والأجیال عن أصولھا التى كانت تستعملھا فیالق يولیوس قیصر، ذلك لأن اللغة كأى كائن حى متغیر ومتنوع لیتلاءم مع مطالب الحیاة.
والسؤال الآن: كیف انطلقت شخصیة الفن الإسلامى؟ وكیف ابتعدت تدريجیا عن أصولھا لتعلن عن مولدھا الجديد، وفى أى اتجاه تطورت؟ وما العوامل الجديدة المؤثرة علیھا؟ وھذا ما سوف نقوم بدراسته وتحلیله فیما بعد وعلینا الآن أن نستخلص كل المعلومات التى قامت علیھا تجربتنا الأساسیة لتحديد الوحدة النسبیة للفن الإسلامى والتى أشرنا إلیھا منذ البداية، وإن كانت كل ھذه الأعمال التى صیغت فى أجزاء وأقطار تتباعد آلاف الأمیال والسنین عن بعضھا البعض، إلا أن روح العائلة ھى التى وحدت وألفت بین تلك الأعمال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة