قبل 17 عاما استيقظ العالم على هجمات 11 سبتمبر، والتى أصبحت علامة فارقة فى السياسة الأمريكية تنقسم معها أمريكا ومواقفها لمرحلتين "ما قبل" و"ما بعد" وفى خلال عقدين من الهجمات التى راح ضحيتها نحو 3 آلاف شخص، شنت أمريكا حربا على الإرهاب لم نر نهايتها حتى اليوم ووقعت أزمات اقتصادية عالمية وحروب وثورات وتغيرت أنظمة وحكومات، ولكن هل كان كل هذا ليحدث لو لم يسقط برجى مركز التجارة العالمى، وكيف كان سيبدو شكل العالم بدونها؟.
حرب العراق
حرب العراق
أكبر 3 نتائج مباشرة لهجمات 11 سبتمبر كانت على التوالى "الحرب فى أفغانستان" و"الحرب على العراق"، حيث سعت إدارة جورج بوش للربط بين صدام حسين والقاعدة وأعادت فتح ملف أسلحة الدمار الشامل العراقية، لكن بدون 11 سبتمبر، من المستبعد أن يكون التدخل الأمريكى ضد صدام حسين بشكل غزو واحتلال للبلاد، بل كانت سياسة النفس الطويل هى المسيطرة من خلال العقوبات الاقتصادية الخانقة على العراق وفى نفس الوقت شن غارات من حين لأخر كما حدث فى عملية ثعلب الصحراء 1998، والتى استمرت لمدة 4 أيام فقط بسبب رفض صدام حسين دخول مفتشين دوليين للعراق.
الحروب الطويلة
الجيش الأمريكى
فى التسعينات كان التفاؤل يسود الولايات المتحدة حيث انتهت الحرب الباردة، ولم تعد روسيا المنافس الأخطر، ولم يعد الرأى العام الأمريكى يتوقع أن تكون هناك حروبا طويلة الأمد وأن يكون تدخل عسكرى بحجم عاصفة الصحراء مجرد استثناء.. لكن بعد 11 سبتمبر 2001 أصبح لدينا حربا ضد الإرهاب على مستوى العالم مدتها 17 عاما هى الأطول فى تاريخ أمريكا.
لكن هل كانت سياسة التدخلات العسكرية بعيدة الأمد ستندلع؟.. على الأغلب لا لأن كل النزاعات الأمريكية التى لم يكن لها علاقة بالحرب على الإرهاب ليست طويلة وحتى الحرب فى شرق أوكرانيا، السبب الرئيسى للتوتر مع روسيا.. لم تحاول أمريكا فيه إنزال جنود بل اكتفت بعقوبات اقتصادية على روسيا وإرسال السلاح للأوكرانيين ضد الانفصاليين.
داعش
البغدادى يعلن دولة داعش 2014
نشأ داعش كتنظيم كفرع أولا فى العراق ثم انشق عن الجماعة الأم وتحول لمنافس لها بعد مقتل أسامة بن لادن.. لكن هل كان هذا التنظيم سيظهر على الساحة وبنفس الشراسة.
أول ذكر لتنظيم داعش كان فى مخاطبات بين بن لادن وعدد من أعوانه فى فترة اختبائه فى باكستان، وهى المراسلات التى نشرتها الولايات المتحدة قبل 3 أعوام، وبحسب BBC لم يظهر فيها اسم "داعش" صراحة ولكن تحدثت المراسلات عن تحذير مستشارى بن لادن من أن فريقا أشد تطرفا ينمو داخل القاعدة.. لذا يمكن القول أن داعش كان سيظهر بالفعل ولكن بدون 11 سبتمبر كان أغلب مقاتليه سيكونون فى أفغانستان ويقاتلون ضد القاعدة هناك أو ينتظرون فرصة وفاة بن لادن حتى يعلنوا الانشقاق على أيمن الظواهرى كما فعلوا فى العراق وسوريا.. لكن إلى أى مدى كانت لتصبح قوة التنظيم وتهديده؟.. كل هذا كان سيعتمد على مدى قوته أمام القاعدة فى أفغانستان.
الربيع العربى
الربيع العربى
إدارة الرئيس الأمريكى جورج بوش كانت تصرح دوما بدعمها للتحول الديموقراطى والإصلاحات الديموقراطية فى المنطقة العربية، لكن هل كان هذا سيعنى شيئا بدون هجمات 11 سبتمبر، وهل كنا سنرى الربيع العربى؟.
الإجابة نعم، لأنه بحسب المؤرخ الأمريكى وليام بلوم، كان جورج بوش يبحث عن مجد شخصى له، ولذا بدون هجمات 11 سبتمبر كان سيعمل على نفس سياسة الإصلاحات الديموقراطية والفوضى الخلاقة وغيرها من المصطلحات التى ظهرت فى عهده، وإن كان سيقدم أسبابا مختلفة لها، وربما كان سيستخدم تبريرات أوباما حول "دعم الديموقراطية" يعنى إنشاء أنظمة صديقة لأمريكا.. لذا كان الربيع العربى سيحدث وكانت أمريكا ستدعمه لكن ما لا نعرفه هو ما هى الدول التى كان سيحدث فيها الربيع العربى وهل كان سيحدث مبكرا عن موعده أم كانت إدارة أمريكية أخرى هى من ستتولى الملف وقتها.
باراك أوباما
أوباما فى حملته الانتخابية
وصول باراك أوباما للبيت الأبيض كان نتيجة غير مباشرة لهجمات سبتمبر، حيث ضج الرأى العام الأمريكى من جورج بوش وحربه على الإرهاب، ولم تكن كلينتون مرشحة ذات شعبية كونها صوتت بالتأييد على حرب العراق عندما كانت عضوة فى الكونجرس، لذا جاء فوز أوباما السهل عليها فى انتخابات الحزب الديموقراطى التمهيدية فى 2008.
وبدون 11 سبتمبر كان الموقف سيكون مختلفا تماما، حيث كان جورج بوش الابن سيكون مجرد رئيس جمهورى شعبيته محدودة، ولا داع لتغيير درامى فى السياسة الأمريكية بانتخاب أول رئيس أسود للبلاد، والذى جاء فى جزء منه كرد على طبيعة جورج بوش المحافظة.
جورج بوش
جورج بوش وإعصار كاترينا
بدون هجمات 11 سبتمبر وبدون الحرب على العراق، سيصعب على العالم تذكر شئ تميز به جورج بوش الابن باستثناء إدارته السيئة لأزمة إعصار كاترينا 2005.. ربما كان سيستمر فى الحكم لفترتين وربما لا.. لكن على الأغلب كان سيكون مجرد اسم فى قائمة رؤساء أمريكا وإن تذكره أحد فسيكون باعتباره ظلا لوالده جورج بوش الأب الذى اتخذ قرار "عاصفة الصحراء" ضد العراق عام 1990.
الصين خصم مستمر
الصين وأمريكا
مثلما يركز الرئيس الأمريكى الحالى دونالد ترامب، على خطر الصين الاقتصادى، كانت واشنطن ستضع الصين كأولوية فى سياساتها الخارجية لولا هجمات سبتمبر، حيث ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" إنه الإدارة الأمريكية سواء فى عهد بوش أو من يأتى بعده كانت ستركز على نمو القوة العسكرية الصينية، وكان النزاع سيكون فى المحيط الهادى وبحر الصين الجنوبى تحديدا كان سيكون المسرح الرئيسى للتوتر، وربما كانت واشنطن ستتشدد مع بكين فى قضايا القرصنة الإلكترونية وانتهاكات الملكية الفكرية بحق الشركات الأمريكية والدول الحليفة لواشنطن، والدليل على ذلك التوتر الشديد بين إدارة بوش وبكين فى الشهور الأولى من رئاسته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة