قال الدكتور محمد كمال الدين إمام، أستاذ بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية، أن الفتوى عند البعض هى عقلنة الشريعة، وعند البعض الآخر هى عولمة الشريعة، والخلاف الدائر حول الثبات والتغير، والشمول والنسبية، والتخطئة والتصويب يمكن قراءته فى ضوء هذين الاتجاهين عبر دراسة نقدية لتاريخ الفتوى، إنه بالضرورة تاريخ متحرك عبر منهجيات قائدة وأخرى راكدة، وعبر قواعد فقهية أصيلة، وأخرى دخيلة، الأمر الذى يجعل تاريخ الفتوى يتأرجح صعودًا ونزولًا، ويفضى فى الأزمنة الأخيرة إلى ركود له دواعيه، وجمود تبدو للعيان ملامحه وتضاريسه.
وأضاف إمام، خلال بحثه بعنوان "نحو نظرية عامة فى الزمـن الفقهـى «تأصـيل وتحـليل» "، الذى قدمه بالمؤتمر الخامس للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء بالعالم، فى يومه الثانى، والمنعقد تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى، بعنوان "الإدارة الحضارية للخلاف الفقهى"، لم يعد وصف الخطاب الدينى المعاصر بالجمود «تجريحًا» نظن إمكانية الإعراض عنه، بل هو تشخيص صائب يضعنا جميعًا- مؤسسات وأفرادًا- فى حرج لا بد من الاعتراف به، والبحث عن آفاق معرفية تتخطى العقلية الفقهية الماضوية إلى حاضر نحن أهله والأمناء عليه والمسئولون عنه دينًا ودنيا «فالتغير والثبات فى الشرائع والملل من الأمور المسلَّمة ولا نقاش فيها، فهو سُنَّة كل شريعة إلهية أو أرضية، والتغيُّر ضرورى بمستوى ضرورة وجود الثبات فى الشريعة، وعدمه يُعد نقصًا ووجوده كمالًا، وضرورته ليس لنقص فى التقنين يمنعه من الثبات، بل لمواكبة الزمان وتغيراته، ولعدم تحجيم الشريعة بزمان خاص». وكما قيل بحق «لا تكون الصورة الكاملة للإسلام إلا باندماج العناصر المتحركة مع العناصر الثابتة فى تركيب واحد تسوده روح واحدة وأهداف مشتركة».