حازم صلاح الدين

ثنائيات الكرة والسينما (2).. صالح سليم ما بين الشموع السوداء والباب المفتوح

الأربعاء، 13 نوفمبر 2019 12:43 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لا أعرف على وجه التحديد ما هو الهدف الذي أراده المخرج عز الدين ذو الفقار من اختياره  الراحل "المايسترو" صالح سليم رئيس النادي الأهلى الأسبق كي يؤدي دور (أحمد عاصم) في فيلم "الشموع السوداء" (1962)، فينقله من دور صغير في الفيلم السابق إلى الاسم الأول بفارق عام واحد فقط بين الفيلمين، يعني بطلاً هكذا دفعة واحدة وبدون أية مقدمات منطقية، لكني أدرك أن هناك تماس ما بين السينما وكرة القدم، إتصال بين لعبة التمثيل واللعبة الرياضية، ففي الملاعب مدرب يمرن لاعبيه ويضع لهم الخطط التكتيكية، وفي الاستوديوهات ومواقع التصوير مخرج يمارس نفس الفعل، وهو ما تطرقت له فى حديثى بالمقال السابق عن ثنائيات كرة القدم والسينما ودخول صالح سليم ملعب الأبيض وأسود.

فى فيلم "الشموع السوداء" قام عز الدين ذو الفقار مخرج الرومانسية ونديمها بإقناعه بالفكرة غير المسبوقة وزاول تدريبه على الأداء التمثيلي، رأى فيه ممثلاً يحتاج فقط بعض التمرين حسب تصريحاته الصحفية، ثم دفع به أمام الكاميرا لنرى أحمد عاصم الشاعر الثري الذي فقد بصره إثر حادث، ويخفي بين جوانحه عجز أخر يتعلق بقصة حبه الفاشلة، تحرك صالح سليم وفق الشخصية بعجزها المادي والمعنوي وحسب مرانه عل الحركة والخطوة والنظرة الممتدة التي تبدو أمام الكاميرا أنها نظرة إلى الفراغ، حيث الخواء واللاشيء، بينما خلف الكاميرا هي نظرة تركز على منديل أبيض كان يمسك به "عم رجب" عامل البوفيه في البلاتوه، هو ما صرح به صالح سليم قائلاً:"عم رجب، دا الراجل اللي بيجيب لنا الشاي والقهوة في البلاتوه، قولتله أمثل الدور دا إزاي، قالي بص يا كابتن صالح أنا هقف لك ورا الكاميرا في مكان معين وهمسك لك منديل أبيض، بص على المنديل ده واعمل كل حاجة".

بعيدًا عن تدريب صالح سليم للوقوف أمام الكاميرا بالشكل الذي يعجب المخرج ،فهناك ملمح ما من شخصيته الحقيقية يتغلغل إلى الشخصية الدرامية التي يجسدها، شيء من الأناقة، الرصانة، الرونق، ويمكن أن نضيف إليهم طاقة التمرد التي اتسمت بها شخصية "حسين" في فيلم "الباب المفتوح" (1963) إخراج هنري بركات، الشخصية التي جسدها تلبية لرغبة صديقته فاتن حمامة بطلة الفيلم، ليلى كما في رواية لطيفة الزيات، الرواية التي تدور في مرحلة الخمسينيات وجعلت المرأة محورها ومركزها، ليلى هي ثنائية الوطن والمرأة، هي النموذج المتطلع للخلاص من القهر والقمع والانكسار، و"حسين" كان دليلها للخروج والانعتاق، الشاب الطموح، واسع الإطلاع، المغرم، حافز حبيبته للمقاومة بخطاباته، السند الذي انتظرها في محطة القطار ثم انطلقت معه، إنه شخصية ذو سطوة رهيفة، تحتاج أداء يعتمد على التخيل والتركيز والثبات الانفعالي، يستجيب له الجسد والصوت بإيقاعاته وطبقاته المتباينة (المنخفضة - المتوسطة - الحادة) بما يناسب رجل ثائر، رومانسي، يحركه جموحه نحو التحرر والنجاة من أية قيود، من هذه الزاوية امتثل صالح سليم للشخصية محاولاً بقدر معقول أن يوازن بين خبرته التمثيلية البسيطة وقدرته على الوصول إلى جوهر الشخصية، لعل دأبه ومثابرته فى أدائه لهذا الدور، كان جزءً من نيته أن ينه مشواره التمثيلي الوليد.

للحديث بقية..










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة