علم غزير واطلاع واسع، وإنسانية متدفقة، مع تواضع شديد، هذا هو العلامة الدكتور مجدى يعقوب الذى لا يتوقف عن تقديم دروس مجانية يومية فى الطب والحكمة والإنسانية، العالم الكبير يضاعف من عطائه بشكل مستمر، ليس فقط فى مركز القلب بأسوان الذى تحول إلى جامعة فى الطب والبحث العلمى، ثم إنه فى عام 2017 وفى بوعده بإنشاء مركز طبى أكبر 4 أضعاف المركز الرئيسى، وساهم فى إنشاء مركز للقلب ببورسعيد ضمن مشروع التأمين الصحى الشامل، ولم يبخل بخبرته وعلمه، ولهذا تجسد عرفان المصريين بتمثال للعالم الكبير فى أهم ميادين أسوان وكان الزحام والحضور الجماهيرى للاحتفاء بالعالم الكبير تصويتا من قلوب مصرية إلى قلب عظيم.
وقد أسعدنى الحظ أن أستمع إلى الدكتور مجدى يعقوب قبل يومين فى اجتماع مجلس أمناء الجامعة البريطانية بالقاهرة، ضمن عدد من العلماء والخبراء، وبالرغم من أن تخصص الدكتور يعقوب هو الطب وجراحات القلب، لكنه دائما ما يشير إلى أهمية أن تكون العلوم الإنسانية والفنون ضمن المناهج الرئيسية فى الجامعات، حتى بالنسبة لدارسى التخصصات العلمية.
أكد الدكتور يعقوب أهمية توسع الجامعة البريطانية فى دراسات الذكاء الاصطناعى، وأيضا مناهج حقوق الإنسان والمصريات، وهى مناهج يتم تدريسها بالفعل لكن من المهم التوسع بها، فالذكاء الاصطناعى يتعلق بالمستقبل، وأيضا فإن المصريات وحقوق الإنسان تتعلق بالحاضر والمستقبل.
وفى الاجتماع السابق دعا يعقوب إلى أن تكون هناك كليات للموسيقى والفنون بالجامعة البريطانية، والجامعات المصرية، وبالرغم من أن اجتماع مجلس الأمناء يتضمن عرضا لتقرير رئيس الجامعة الدكتور أحمد حمد عن أنشطة التعليم والمناهج والبحث العلى بالجامعة، وأيضا عرضا لحجم الأبحاث والتطورات والكليات الجديدة، فهو مناسبة لفتح نقاشات متعددة حول التعليم العالى واستراتيجيات الالتحاق بالمستقبل، المجلس عقد بحضور الدكتور يعقوب والدكتور فاروق الباز، وشخصيات علمية ودبلوماسية، مثل الدكتور مصطفى الفقى والسيد عمرو موسى، وتدور الكلمات عن نقاط تركيز فيما يتعلق بتتبع استراتيجية البحث المشترك والمنح العلمية لطلاب أفريقيا، وأن تكون هناك خطط لأبحاث مشتركة تتعلق بالقارة الأفريقية الغنية بمواردها الطامحة إلى التقدم العلمى بوصفه قاعدة للتنمية.
هناك رؤية للعالم الكبير الدكتور مجدى يعقوب أن الدول النامية تحتاج إلى العلم والبحث العلمى ربما أكثر من الدول المتقدمة، لأن هذه الدول استقرت عند مستوى متقدم، بينما العلم يساعد الدول النامية والفقيرة على حل مشكلاتها وتنمية مواردها، وأن العلم والفنون جناحان لهذا التقدم، وليس العلم وحده، لأن العلوم وحدها من دون تفكير علمى، وفنون محترمة يصبح مجرد أفكار جافة غير قادرة على مغادرة الورق.
هذا التمازج بين العلم والفنون هو الذى ينتج التفكير العلمى، والتحضر، ولعل نموذج الدكتور مجدى يعقوب يدرك أن العلم من دون حس إنسانى يصبح بلا قيمة.
وفيما يتعلق بالطب فهو رسالة إنسانية، ولا يفترض أن يصبح تجارة أو سلعة تقدم لمن يدفع، بل هى رسالة تتجه أكثر لغير القادرين، ومن هنا يمكن إدراك سر اتجاه مجدى يعقوب ألى هذه الممارسة الإنسانية، حيث يقدم العلاج للبشر بصرف النظر عن قدراتهم المادية، وهو هنا يحصل على سعادة وشعور بالتحقق أكثر كثيرا مما تحققه الأرباح الضخمة لتجارة الطب السائدة فى الكثير من المؤسسات الخاصة.
لقد كان ما طرحه اجتماع الجامعة البريطانية، يدور حول متطلبات تطوير العلم والبحث العلمى الذى يفترض أن يمثل استراتيجية لأى عمل جامعى أو تعليم عالى، لأن الأمر ليس فقط بعدد الخريجين من الجامعات، لكن بأن يحصل الخريج على فرصة للعمل وأيضا لتطوير مهارات البحث العلمى الذى يمكن من خلاله مواجهة أى مشكلات فى أى اتجاه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة