قال الدكتور أسامة الأزهرى، مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية، إن منزلة العقل فى الشرع الشريف منزلة سامية، والذى يقرأ القرآن ببصيرة يجد أن هناك المئات من الدلائل والبراهين التى تجذب العقول وتدعوها للعمل والفكر، ففى قوله تعالى: "إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ".
وأضاف الأزهرى، خلال خطبة الجمعة اليوم من مسجد الفتاح العليم بالعاصمة الإدارية الجديدة، أنه فى الآية الكريمة دعوة للتعقل فى خلق السموات والأرض، ودعوة للتعقل فى اختلاف الليل والنهار، ودعوة للتعقل فى الفلك التى تبحر ودعوة للتعقل فى إنزال الماء من السماء، موضحا: "لقد جعل الله تعالى الكون كله ببحاره وهضابه بأكمله دعوة للتعقل، حتى قال العلماء إن الله هدى الإنسان بهدايتين بكتاب الله المسطور وهو الوحى الشريف والقرآن العظيم، وكتاب الله المنظور وهو الكون الحافل بالأسرار والدلائل التى تحرك العقول للابداع والهداية.
وأكد أن آيات القرآن تدعو بقوة لتعظيم العقل وتشغيله وتنويره ليقوم بواجب الفكر وليهتدى بأنوار الذكر، فجعل الله للعقل هدايتين الذكر والفكر.
وأكمل: الله حمى العقول من كل ما يغيبها أو يشوشها أو يربكها فنهى نهيا جازمًا عن الخمر والمسكرات والحشيش والحبوب التى تغيب العقول عن الوعى والفكر، فقال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"، مؤكدا أن من مقاصد الشرع الشريف أن تحفظ الأنفس فلا يعتدى عليها بالقتل، وأن يحفظ العقل فلا يرتبك ولا يشوش بما يغيبه عن الوعى.
وتابع: إذا ابتليت أمة بعقول مشوشة ومغيبة ستتخلف عن ركب الحضارة وتظل فى الجهل والشائعات لتسير خارج نطاق التاريخ.
ودعا مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية إلى شن حملة صارمة تجاه المخدرات والمسكرات وما يربك العقول، مؤكدا أنه كان من محاسن الشرع فى أعين العالمين أنه حمى العقول وأغلق كل باب يؤدى إلى ارتباكها وتشويشها.
وقال: "نعلنها للعالم كله سنشن حربا على الخمر والمسكرات والنبيذ والحشيش والحبوب والمواد الكيماوية التى تحدث نفس الأثر، ثم ننتقل إلى مستوى آخر من حماية العقول فى حمايتها من الخرافة والتضليل والشعوذة، ومستوى ثالث وهو حمايتها من التشكيك والشائعات والاحباط والكآبة والحزن".
وأشار الأزهرى إلى أن عددا من الفضائيات التى تبث من خارج مصر تتسلط على عقول المصريين لتوقع فى النفوس قدرا هائلا من الإحباط والتشكيك والحيرة والكآبة لتنزل نفس المنزلة من الضرر، ونحذر أبناء مصر من المخدرات ومن الشائعات والتشكيك والنيل من عقولهم ونفسيتهم.
ونوه بأنه بعد حفظ العقول يأتى مستوى البناء، وأخذ الشرع على عاتقه أن يجذب العقول إلى النظر والاستدلال والبراهين والفكر والعلم والإبداع، داعيا كل عالم ومفكر وناصح للناس النهى عن الإقدام على تعاطى المخدرات لننتقل إلى الانطلاق لتنوير العقول وتعليمها الفكر ومحو الأمية ونشر روح القراءة لننتقل الى مستوى ثالث أن نعمل على تشجيع المبدعين واكتشاف المواهب وإخراج العقول النيرة، وأن يكون العمل العلمى العقلى فى منتهى الشرف والرفعة بين طلابنا.
ونعى الأزهرى شهداء الحادث الإرهابى فى نيوزيلندا، والذى أوقع ما يقرب من 49 شهيدا فى حدث مأساوى أسود طعنت به أفئدتنا جميعا طعنة غادرة، قائلا: "إن الإرهاب فى أى مكان فى العالم جرم لا يغتفر ولا بد من التضافر على دحره وهزيمته ومقاومته بشتى الطرق، وأنه لم يعد عند الإرهابيين حرمة لشىء لا الإنسان ولا العمران ولا بيوت الله ولا شعيرة صلاة الجمعة" .
وأنهى خطبته: نتقدم بخالص العزاء إلى شعب نيوزيلندا، وللملكة الأردنية والسعودية لأن بعض رعاياها سقطوا فى ذلك الحدث الأليم، ونعقد العزم على أن يكون لنا فى الأسابيع المقبلة عمل وتعبئة فى وجه الإرهاب وفكره ومفاهيمه وتياراته وتمويله والدول الراعية له.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة