يمثل كاس العالم مهرجانا كرويا لاستعراض فنون كرة القدم، ورغم الدورات الكثيرة التى شهدها هذا التنظيم، لا يزال كأس عام 1970 والذى أقيم فى المكسيك، يمثل شكلا مميزا لفن كرة القدم.
وصلت بطولة كأس العالم فى المكسيك سنة 1970 إلى حد الأسطورة، وعرضت ذروة كرة القدم فى حينها. لقد مثلت فى الوجدان الشعبى مهرجانا للكرة الهجومية، وأصبح ينظر إلى الفريق البرازيلى الذى حاز اللقب (بيليه وتوستاو وجريسون وريفيلينو ورفاقهم) أنه نموذج لا يتكرر، وأنه أعظم فريق عرفه العالم. واتفق الجميع على أن أسلوب لعب البرازيل يستحيل تكراره، وان إنجازه كان إنجازا للكرة القديمة قبل أن يستولى النظام على كل شيء.
وأشار كتاب "الهرم المقلوب.. تاريخ تكتيكات كرة القدم"، من تأليف جوناثان ويلسون، ونقله إلى اللغة العربية المترجم أحمد لطفى على، وراجعه الدكتور أحمد خريس، إلى أنه فى إطار الاستعداد للبطولة، خاض الفريق البرازيلى برنامجا تدريبا فى ناسا، وهو جدث لاحظ الجميع مغزاه المجازى، حتى صحيفة "جورنال دو برازى" المعروفة بأسلوبها الصارم نشرت فى كرة القدم يوم 22 يونيو 14970 ملاحظة جريئة إلى حد الدهشة قالت فيه "انتصار البرازيل فى كرة القدم يوازى غزو الأمريكيين للقمر".
وبدت المقارنة غريبة فى بادئ الأمر، لكن كان هناك قدر من الحقيقية فىى ذلك، أولا هناك استخدام المصطلحات المجردة " نصر فى كرة القدم.. غزو للقمر". هزم الأمريكيون السوفيت فى سباق الفضاء، وهزمت البرازيل إيطاليا فى نهائى كأس العالم، ولم يتم ذكر الخصمين. وتم اعتبار الانتصارين – اللذين فصل بينهما أقل من عام – مجهودا عظيما ونصرا ليس على مجرد خصم تقليدى أو مادي، وإنما على عناصر كونية لا بشرية، وكأن لعب كرة القدم بهذا المستوى الفاخر أصبح انتصارا للبشر أجمعين.
ومن اللافت أن اللحظات الأكثر التصاقا بالذاكرة فى كأس العالم 1970 ليست لحظات تنافسية على الإطلاق. خذ مثلا كرة بيليه الساقطة عند خط المنتصف باتجاه المرمى التشيكوسلوفاكى التى لم تسكن الشباك، واللقطة التى مر فيها ببراعة من حارس الأوروجواى لاديسلاو مازور كيفيتز ثم أخطأت كرته المرمى المفتوح على مصراعيه.
هذا هو فن الكرة بكل ما فى الكلمة من معان – هى احتفال ليس بأحداث تحدد النتائج، وإنما بمقاطع من اللعب تتعددى السياق المباشر للمباريات، على الرغم من أنه لو لم تفز البرازيل بتلك البطولة، ربما تذكر كثيرون الفريق بالإسراف فى الإبهار الذى أتى بنتائج عكسية.