وصلت النهضة الكروية متأخرة إلى الاتحاد السوفيتى، وربما كان هذا السبب قد جعلها تتخذ طابعا جذريا غير متقيد بالمفاهيم السائدة تاريخيا التى تتصل بما يعرف بالطريقة "الصحيحة" لأداء لعبة كرة القدم، فكان البحارة البريطانيون يمارسون اللعبة بجوار المراسى فى مدينة أوديسا فى ستينيات القرن التاسع عشر، حتى إن إحدى مقالات مجلة "ذا هونتر" تعطينا فكرة عن هذه الفترة حين تصف فوضى الأداء وقتئذ واعتماده على الجانب البدني، كتب مراسل المجلة يقول " هذه اللعبة يلعبها أناس مفتولوا العضلات يتمتعون بقوة سيقانهم، أما الضعفاء فلا يصلحون إلا للمشاهدة فى هذه الفوضى العارمة".
جاء ذلك فى كتاب "الهرم المقلوب.. تاريخ تكتيكات كرة القدم"، من تأليف جوناثان ويلسون، ونقله إلى اللغة العربية المترجم أحمد لطفى على، وراجعه الدكتور أحمد خريس، وصدر الكتاب فى طبعته الأولى عن مشروع كلمة للترجمة، التابع لهيئة أبوظبى للسياحة والثقافة".
وقال الكتاب "ولم يجد التنظيم طريقه إلى اللعبة إلا فى تسعينيات القرن التاسع عشر. ففى روسيا وعدة أماكن أخرى كان للإنجليز دور حاسم بداية من سانت بطرسبرج ثم موسكو بعد ذلك، حيث أسس هارى تشارنوك المدير العام لموروزوف ميلز النادى الذى أصبح فيما بعد نادى دينامو موسكو، فى محاولة منه لإقناع عماله بقضاء أيام الأحد فى شيء آخر غير شرب الفودكا، وعندما كانت صناعة الأساطير السوفيتية على أشدها، قيل إن نادى دينامو الرياضى الذى كان خاضعا لوزارة الخارجية، وكان ينافس الفرق فى جميع أنحاء الاتحاد السوفيتى، اختار اللونين الأزرق والأبيض لملابس لاعبيه، لأنهما يمثلان الماء والهواء، وهما العنصران اللذان لا يمكن للإنسان الحية دونهما.
وبمرور الزمن أنشئت رابطة وطنية لكرة القدم هام 1936 وكان البريطانيون قد رحلوا منذ فترة طويلة (سيطرة الأجانب على الكرة السوفيتية انتهت سنة 1908 عندما فاز نادى سبورت الروسى بكأس أسبيدن وهى مسابقة محلية فى سانت بطرسبرج لكن طريقة اللعب 2-3-5 ظلت هى الطريقة الشائعة، ولم يؤد التعديل فى قانون التسلل سنة 1952 إلى فارق كبير على المستوى الخططي. ففى ظل القيود التى فرضها عدم انضمام الاتحاد السوفيتى للفيفا على لقاءات الفرق السوفيتية مع المنافسين الأجانب، ولا سيما المباريات التى تلعب ضد فرق الهواة. لكن كل ذلك تغير فى سنة 1937.