لم يساند الإتحاد الأوروبى إيران هذه المرة بعد الخطوة التى اتخذتها أمس بخفض التزاماتها فى الاتفاق النووى للرد على الانسحاب الأمريكى، وجاء رد بعض البلدان المشاركة فى التوقيع على الصفقة النووية فى 2015 وحتى الاتحاد الأوروبى صادما بالنسبة لطهران، بعد ما كان يأمل صانع القرار الإيرانى فى مساندة أوروبية قوية فى صراعه مع الولايات التحدة، لكنه أخطأ فى حساباته بعد أن استشعر الأوروبيين الابتزاز من المهلة الممنوحة لهم من طهران وهى 60 يوما للاختيار بين استمرارية الاتفاق النووى أو لا اتفاق.
وفى بيان مشترك للإتحاد الأوروبى قال وزراء خارجية بريطانيا، وألمانيا، وفرنسا إنهم "ينظرون بقلق للبيان الذي أصدرته إيران بخصوص التزاماتها وفق خطة العمل الشاملة المشتركة"، مضيفا "سنظل ملتزمين بالحفاظ على الاتفاق وتطبيقه بشكل كامل.. وذلك يصب فى المصلحة الأمنية للجميع".
وأكد البيان "نرفض أية مهل، وسوف نقيم التزام إيران بناء على أدائها فيما يتعلق بالالتزامات ضمن خطة العمل الشاملة المشتركة ومعاهدة حظر الانتشار"، داعيا المنظمة الدولية للطاقة الذرية إلى مراقبة تطبيق إيران لالتزاماتها النووية".وتابع "ندعو إيران إلى مواصلة تطبيق التزاماتها وفق خطة العمل الشاملة المشتركة بشكل كامل كما فعلت حتى الآن، والعدول عن أية خطوات تصعيدية".
رد الاتحاد الأوروبى جاء عقب ساعات من اعلان الخارجية الإيرانية على لسان نائب وزير الخارجية الإيرانى، عباس عراقجي، الذى قال "طرحنا على الأجندة الانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة، وسيجري الخروج منها على مراحل".
عقوبات أمريكية جديدة
اما الولايات المتحدة ماضية فى تطبيق استراتيجية لجم النفوذ الإيرانى وتقويض برنامجها الصاروخى الباليستى الذى ترى أنه يهدد حلفاءها، وفى أول رد فعل على القرارات الإيرانية تجاه الاتفاق النووى، فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقوبات جديدة على إيران بأمر تنفيذى، شملت قطاع الصلب والحديد والألومنيوم والنحاس، وهو أكبر مصدر للربح من الصادرات غير النفطية لطهران.
وتهدف الولايات المتحدة حرمان طهران من مبيعات صناعاتها الأساسية التى تمول الموازنة العامة للبلاد بشكل رئيسى والتى تخصص منها طهران أموال لدعم وكلائها ونفوذها وتنفق منها على أذرعتها وتطور من خلالها برنامجها الصاروخى الباليستى.
وقال ترامب، إن الاتفاق النووي الذي وقعته إدارة أوباما مع طهران، غذى الدعم الإيراني للإرهاب وزاد من قوتها الصاروخية وأشعل صراعات إقليمية، ودفع إيران لاحتجاز رهائن أمريكيين واضطهاد الشعب الإيراني، بالإضافة إلى تنشيط برنامجها النووي.
وأكد الرئيس الأمريكي أن الأمور يمكن تتغير بشكل كبير خلال عام، وذلك بعد أن اتخذت أمريكا القرار بحماية أمنها القومي، وأشاد بالقرارات التي اتخذتها إدارته خلال الفترة الماضية والتي قال إنها تسببت بمعاناة للنظام الإيراني في عملية تمويله للإرهاب، ودفعت الاقتصاد الإيراني إلى حالة ركود غير مسبوقة، وجففت مصادر الأرباح الإيرانية وأسفرت عن خروج التضخم في طهران عن السيطرة.
وأكد الرئيس الأمريكي أن هذه الخطوة تندرج تحت الاستراتيجية التي تتبعها إدارته بفرض ضغط غير مسبوق على الاقتصاد الإيراني، كما أنها تستهدف 10% من الصادرات الإجمالية لطهران، وتوجه رسالة للدول الأخرى بأن استيراد الصلب والحديد من إيران أمر لا يمكن التسامح فيه.
كما دعا ترامب الحكومة الإيرانية للرضوخ للشروط التي وضعتها واشنطن بعد الخروج من الاتفاق النووي وعبر عن تطلعه للقاء القادة الإيرانيين من أجل توفير مستقبل أفضل لإيران.
قوات أمريكية إلى الشرق الأوسط
وعلى صعيد أخر ترتفع حالة التوتر فى الخليج أكثر من أى وقت مضى بعد أن قالت تقارير أمريكية عن اشتباه بنشر طهران صواريخ باليستية على متن سفن فى مياه الخليج وتهديداتها باستهداف قوات أمريكية فى المنطقة، وردا على ذلك أكد مسؤولون أمريكيون أن الولايات المتحدة تستعد لإرسال مزيد من القوات إلى الشرق الأوسط، وذلك بعد أيام من إرسال واشنطن حاملة الطائرات "ابراهام لينكولن" برفقة قوة من القاذفات إلى المنطقة.
وصرح المسؤولون لوكالة "أسوشيتد برس" اليوم الخميس، بأنه من المتوقع أن تنشر واشنطن قاذفتين جديدتين في المنطقة، وأضاف أحدهم أن المشاورات جارية حول إمكانية إعادة نشر بطاريات منظومات "باتريوت" الصاروخية في الشرق الأوسط.
ولم يتخذ بعد قرار نهائي بشأن نشر "باتريوت" في الشرق الأوسط، وقد يتوقف الأمر على ما إذا كانت الولايات المتحدة ستعتقد أن إيران تتخذ خطوات لتقليص تلك "المخاطر" المزعومة.
فى الوقت نفسه قال الممثل الأمريكى الخاص لإيران براين هوك إن أى هجوم إيرانى على الولايات المتحدة أو حلفائها سيواجه بالقوة.
وباتت السيناريوهات مفتوحة فى هكذا مواجهة، لكن مسئولين وتقارير لا تؤكد رغبة البلدية فى حدوث اشتباك عسكرى فى مياه الخليج، فطهران ترسل دوما اشارات تؤكد على استبعادها الحرب وتتفهم أيضا من دوائر سياسية أمريكية أن الولايات المتحدة لا ترغب فى الحرب، لكن الخطوات الاستفزازية تبقي قائمة من الطرفين والتصعيد هو عنوان المرحلة.