حسن راتب بـ"صالون المحور" فى أمسية رمضانية: الصوم عبادة فوق العادة لأنه غذاء للروح
الأعمال ليس بكثرتها ولكن بكيفيتها والإخلاص فيها
من فضل الله علينا جعل ليلة القدر فى الوتر الأخير من رمضان حتى يُجهّز الإنسان للاتصال ببارئه
الرسول علمنا أشياء كثيرة منها الحب والإيثار وإنكار الذات
الله سبحانه وتعالى اختص الصوم لجلاله وعزته لهذه الأسباب
الله أمر سيدنا موسى بالصوم عندما طلب رؤيته ليجهز روحه للقاء العظيم
المسلم يستطيع أن يتخلى عن 3 أركان من الدين ويظل مسلماً
على جمعة بـ"صالون المحور": ما يجعل الإنسان ينتقل من النفس الأمارة للنفس اللوامة هو الذكر والفكر
على جمعة: ما يخرج من الإنسان حين النوم هو النفس.. ومصدرا علماء المسلمين فى معرفتهم هما الكون والقرآن
بلية العصر الذى نعيشه سبق النشاط على الفكر فأبنائنا اندمجوا مع الإنترنت ويتضررون من الألعاب
قال الدكتور حسن راتب، رئيس مجلس إدارة مجموعة قنوات المحور، إن الرسول محمد هو الرحمة المهداة إلى هذه الأمة، حيث علمنا أشياء كثيرة منها الحب والإيثار وإنكار الذات، وكل من اقتفى أثره وعاش على هديه ربح، مؤكداً أن هذه الليلة المباركة من النفحات وأن الصوم عبادة فوق العادة، لأنه يغير الرتابة، فالإنسان يأكل ويشرب كل يوم ولكن الصوم يغير الحال إلى حال، ويقطع رتابة الحياة بالصيام.
جاء ذلك خلال كلمته فى أمسية رمضانية تحمل عنوان "الصوم.. عبادة فوق العادة"، فى إطار برنامج النشاط الثقافى الرمضانى الذى ينطمه صالون المحور الثقافى، بحضور كل من الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية الأسبق، والدكتور مصطفى الفقى مدير مكتبة الإسكندرية والدكتور مفيد شهاب، وزير المجالس النيابية والشئون القانونية الأسبق، والدكتور حازم عطية الله محافظ الاسبق، بالإضافة إلى تقديم المنشد الدينى محمود هلال وفرقته سهرة رمضانية عبر مجموعة من الأناشيد والابتهالات الرمضانية.
وأوضح الدكتور حسن راتب أن الله سبحانه وتعالى اختص الصوم لجلاله وعزته، لأن لكل شئ غذاء، فكما جعل الله للبدن غذاء، فإن للعقل غذاء وهو الثقافة والمعرفة، وللنفس غذاء المجاهدة، وكذلك للقلب غذاء وهو ذكر الله، أما غذاء الروح هو الصيام، ولأن الروح قبس من نور الله، فهى الربوبية التى توجد فى الإنسان، وهى الحول والقوة والتى تجعله مفضل على كثير مما خلق.
وأشار إلى أنه عندما أراد سيدنا موسى أن يرى ربه، أمره بالصوم ثلاثون يوماً ثم زادهم عشرا وأتمهم أربعين يوماً حتى يجهز روح النبى لهذا اللقاء العظيم، وشتان بين لقاء موسى، وبين لقاء رسول الله، مضيفاً أنه شتان بين الطالب والمطلوب، فسيدنا موسى كان طالباً أما رسول الله كان مطلوباً.
وذكر أنه لابد أن نتعلم جميعاً درس أراد المولى عز وجل أن يعلمه للخلق أجمعين أن بنى أدم قد فُضّل على كثير ممن خلق تفضيلاً، فهناك خلق أخر من الملائكة وحملة العرش والعليين، لكن عظمة النبى أنه فضله على كل الخلق تفضيلاً، فعندما صعد مع جبريل الأمين سيد الملائكة، وخرج معه، قال له: يا محمد إذا عبرت اخترقت أما أنا إذا عبرت احترقت، حتى جبريل لم يصل لهذه المنزلة.
وتابع:"الطروحات التى تطرح عندما التقت الذات المحمدية بالذات العلية، كان قاب قوسين أو أدنى، فمنزلة رسول الله عظيمة"، لافتاً إلى أن الصوم عبادة فوق العادة لأنها تغذى الروح، ومن فضل الله علينا أن جعل ليلة القدر فى الوتر الأخير من العشرة الأخيرة من رمضان حتى يكون جُهّز الإنسان للاتصال ببارئه.
وشدد "راتب"، على أن الأعمال ليس بكثرتها ولكن بكيفيتها وإخلاصها، مردفاً: شمروا عن ساعدكم لأن الأيام القادمة يرحل رمضان وكل يوم يمر والسنين تكر وينتهى عمر الإنسان، مؤكداً أنه شتان بين ذكر الله لك وذكرك لله.
وألقى "راتب" الضوء على "إحياء علوم الدين" للإمام الغزالى، موضحاً أنه يؤكد أ نالدين خلق للمعاملات أكثر منه للعبادات، وعظمة الدين أنه جُعل ليخلق مجتمع يستطيع أن يسود، وقد ساد العالم.
وتابع: "بالرغم من أن الصلاة عماد الدين، وأن أركان الإسلام خمس، وليس أركان المسلم، فالمسلم يستطيع أن يتخلى عن 3 أركان من الدين ويظل مسلم، لأن الحج لمن استطاع إليه سبيلا، وم نلم يستطع سقط عنه فريضة الحج، حتى الصوم فمن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر، ومن لم يكن لديه ما يزكى به سقطت عنه الزكاة".
واستطرد: "العلم علمين، علم يجتهد الإنسان ويكتسبه، وعلم مطلوب، وعلم التقوى ويطلق عليه علم اللدنى ويمنحه الله لعباده الصالحين، ولا أقول سراً أن من أعلم أهل الأرض الآن فضيلة الدكتور على جمعة".
ومن جانبه أشاد الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية الأسبق، بالأمسية الرمضانية التى ينظمها صالون المحور، مقدماً الشكر للدكتور حسن راتب رئيس مجلس ادارة مجموعة قنوات المحور، لما يجمعنا عليه من خير وهذه العادة الرمضانية التى نلقى فيها الأحبة.
وأضاف خلال كلمته فى أمسية رمضانية تحمل عنوان "الصوم.. عبادة فوق العادة"، فى إطار برنامج النشاط الثقافى الرمضانى الذى ينظمه صالون المحور الثقافى، أن مصدر علماء المسلمين فى معرفتهم إما أن يكون كتاب الله المنظور، وهو الكون، أو كتاب الكون المستور، وهو القرآن، وذلك أخذا م نالقراءتين الموجودة فى أول ما أوحى الله لنبينا، "اقرأ باسم ربك الذى خلق"، وجعل الخلق مصدراً للمعرفة، "الذى علم بالقلم" والقلم هو الوحى.
وأوضح أن الكون صدر من الله خلقاً والوحى صدر من الله أمراً، ويقول ربنا سبحانه وتعالى :"ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين"، وهذا الذى جعل المسلمين عبر القرون لا يجدون فارقا بين العلم ومكتسباته وما يصل إليه كل حين من أسقف معرفية مختلفة وبين الدين، ولا زال القرآن لا تنتهى عجائبه، ولا زال النص الذى يفهمه البدوى بفهم معين، ويفهمه عالم الكمياء بفهم أخر، وما زال نفس النص لا يتعارض مع حقيقة كونية ولا مع حقيقة شرعية، يراعى كل الأسقف المعرفية مهما اختلف عبر الزمان وهذا هو الإعجاز الحقيقى لكتاب الله.
وأشار إلى أن المسلمين ظلوا يأخذون من هذين المصدرين وهما الكون والقرآن، وتبين لهم من تدبر الكتاب والسنة، والله سبحانه وتعالى جعلهما النص المقدس الذى ينبغى للمسلم أن يرجع إليه محاولاً الكشف والفهم فيما لا يعارض هذه الأكوان المحيطة، وجدوا أن الإنسان مكون من جسد قد نفخ فيه مما يسمى "روح الله"، والإضافة للتشريف وليس أن الله سبحانه وتعالى يقوم بروح، فهو ليس له روح، بمعنى أنه قائم بنفسه "الحى القيوم" لا يحتاج إلى روح أو نفس أو مثل هذه الأشياء التى يحتاج إليها المخلوقات خاصة الحية منها، وبذلك بث الله الروح فى الجسد، وبث فيها ما أسماه الله بـ"النفس".
ولفت إلى أن العلماء تأملوا أيات الكتاب ووجدوا هذا المركب الثلاثى "جسد داخلها روح، وداخل الروح نفس" كأنها طبقات، وإذا غادرت الروح الجسد أسميناه بالموت، حيث غادرت روحه جسده، وحينما تغادره فإنها تغادرها بالنفس، والذى يدرك ويتطور ويتدهور هو النفس، فهناك نفس أمّارة بالسوء، وأخرى لوامة وملهمة وراضية ومرضية ومطمئنة وكاملة، وهم سبع درجات تفصيلا نجملهم فى ثلاثة "اللوامة والأمارة والملهمة".
وذكر أن النفس الأمارة بالسوء، بمجموعة من الإجراءات بينها الرسول تتحول إلى النفس اللواءمة التى تلوم الإنسان وتدعوه إلى الخير، موضحاً أن الخطاب فى القرآن يكون للنفس وليس الروح، حيث الروح فى الإنسان والبهيمة، أما المعول عليها هى النفس، والذى يخرج من الإنسان حين النوم هو النفس، "هو الذى يتوفى الأنفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها"، أما الروح فمعادها الأجل المسمى وهو ميعاد الموت، الذى كتبه الله على البنى آدم وجعل الدنيا له اختبار وابتلاء".
وتابع: "بعد ما قرروا ذلك، أجابوا على ذلك البرنامج الذى يجعل النفس تتحول من الأمارة للوامة ومن اللوامة للملهمة ثم الراضية والمرضية والمطمئنة ثم النفس الكاملة، والذى يحول هذه النفس بهذه الكيفية، هو السير فى طريق الله، ونريد أن نسير ونفر وبسرعة نحو الله سبحانه وتعالى".
وأردف: "قالوا لنا أول ذلك الذكر والفكر، فالذى يجعل الإنسان ينتقل من النفس الأمارة للوامة، هو الذكر والفكر"، موضحاً أن الرسول يقول "لا يزال لسانك رطباً بذكر الله" وترك لنا العشر الطيبة "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله" وتسمى بالباقيات الصالحات لأنها تبقى مع العمل الصالح وتعلن عن إيمان الإنسان بالقضية العليا لهذا الكون ومراد الله من خلقه، وكذلك "إنا لله وإنا إليه راجعون واستغفر الله وحسبنا الله ونعم الوكيل والصلاة على النبى".
واستطرد: "هنا تنفجر فى القلب الأنوار وتتكشف له الأستار والأسرار ويحدث له الإلهام ويرى بنور الله سبحانه وتعالى ما لا يراه غيره من الغافلين عن ذكر الله، وسمى القرآن ذكراً، وجعل هذا الشهر هو شهر القرآن، وبين لنا رسول الله أن بقراءة كل حرف منه لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف، والقراءة تكون باللسان أو السماع أو العين دون التحريك وعلى كل واحدة عشرة من فضل الله، وكل هذا قد يستكثر بعض الناس، وذلك أنه خلق الإنسان ضعيفا، من أنت أين أنت فى مساحة الأرض أو السماء".
واستكمل: "الإنسان ضعيف، ومن أجل ذلك كان الفضل من عند الله كبير، ويستكثر الناس أن تكون الألفاظ حامية لهذه الكيفيات، ولكن الله خلق خلف هذا العاالم المنظور، عالم غير منظور فيه من الأسرار والأحوال ما يجعل كل ما أمرنا بها فى ظاهر الأمر له معنى".
وواصل :"الذكر والفكر كانت هى المرحلة الأولى، ثم تكلموا عن التخلى والتخلى، تخلى قلبك من القبيح وتحلى قلبك بالصحيح، ويعبر الإمام الغزالى فى كتابه إحياء علوم الدين، بنحو المهلكات والمنجيات، تتخلى من المهلكات وتتحلى بالمنجيات، المهلكات كالحقد والبغض والكراهية، والتى يفر منها الإنسان العاقل وليس المسلم فقط، التخلىى والحلى يحدث التجلى".
وتابع : "الأمر الثالث، بعد الذكر والفكر، والتخلى والتحلى، هو ما يسمى عند أهل الله من المجربين، ترك الأربعة، ويعنون به قلة الطعام والمنام والكلام والأنام، فالنبى كان لا يأكل كثير، وعدوا مدى صيامه، ووجدوا أنه يصوم فى السنة 180 يوماً، أى نصف العام، كأنه كان يصوم يوما ويفطر يوما، وهو أفضل الصيام صيام نبى الله داوود".
وأردف: "نهى رسول الله عن صيام الدهر إلا لحاجة، فقلة الطعام كانت تتمثل فى قول النبى: بحسب ابن أدم لقيمات يقمن صلبه، وحسبه العلماء من المعدة 180سم، فإذا اكتفينا بتلك اللقيمات فهو القدر المناسب، وما ملأ بن أدم وعاء شرا من بطنه، وإن كان لا بد فاعلا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه، وكان لا يأكل حتى يجوع".
واستكمل: " الروح داخلها النفس، وعندما تجدها تقل قيودها مع الجسد، فإن هذه القلة تجعلها أكثر شفافية وأكثر روحانية، وكذلك قلة المنام، فأصبح قيام الليل جزء من منظومة المسلم الذى يسعى فى الطريق إلى الله، وكذلك قلة الكلام، وهو الاعتكاف، عبادة لله، فعندما يخلو الإنسان بنفسه وبربه يحدث له التفكر السليم، وتقيه الشواغل التى طحنتنا فى هذه الحياة الدنيا".
وتابع :"رمضان جمع بين كل هذا، وربنا نهانا عن اللغو، فوقف العلماء عند قلة الكلام، فالكلمة تملكها، وإن نطقت بها ملكتك، فقلة الكلام نوع من أنواع الحكمة، وألف بن أبى الدنيا كتابا ضخما جمع ما ورد عن رسول الله عن فضل الصمت، فلا تتكلم إلا لحاجة، وهو تربية لأن يكون التفكر قبل النشاط، وبلية العصر الذى نعيشه سبق النشاط على الفكر، فهناك فجوة بيننا وبين أولادنا، فاندمجوا مع الإنترنت، فالعلة أن النشاط هو الأساس ولا مجال للفكر، فيذهبون للألعاب ثم ينتحرون أو ينضمون لداعش أو يلحدون، فإذا سبق النشاط الفكر انتهى الأمر وذهب الإنسان".
واختتم: "لو لاحظنا رمضان نجده فرصه لهذه الأربعة للبدء بها، وفرصة بها معونة، كل الناس صائمة، ومن هنا يسهل على الإنسان أن يغير الإلف، ونصل للعنوان الصوم عبادة فوق العادة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة