تعد شركة الحديد والصلب، إحدى قلاع الصناعة فى مصر، منذ تأسيسها، ولا تزال الشركة بمثابة جوهرة بحاجة إلى إزالة الصدأ عنها، وإعادتها إلى مجدها.
اعتمدت الشركة على محورين قومى، أولهما توفير المادة الخام للبلاد خاصة فى الفترة من حرب الاستنزاف حتى انتصار أكتوبر، واجتماعى بتوفير رواتب لـ26 ألف عامل ظلوا فى الشركة حتى عام 1976، مما حرمها من تحقيق أرباح كبيرة رغم بلوغ إنتاجها لـ1.5 مليون طن.
وكان السبب الرئيسى لخسائر الشركة إدارتها بصورة غير اقتصادية وترتب على ذلك تأخرها فى تحديث المصانع، وإدخال تكنولوجيا جديدة عكس مختلف الدول التى اتجهت للتكنولوجيا لتوفير الطاقة وزيادة الإنتاج فى الوقت ذاته.
ولا شك أن الشركات العالمية تدرك قيمة هذه الجوهرة بدليل أن أكثر من 12 شركة عالمية أبدت رغبتها فى تطوير الحديد والصلب وهناك دراسات تم تحديثها العام الماضى من شركة "تاتا" للشركة، إلا أن وزارة قطاع الأعمال العام تجاهلتها كما تجاهلت عرض شركة ميت بروم الروسية لتطوير الشركة أيضا.
ووفقا للمعلومات، بدأت فكرة إنشاء شركة للحديد والصلب فى مصر عام 1932، بعد توليد الكهرباء من خزان أسوان، وظل فى إطار الحلم المجرد حتى ظهر على أرض الواقع عندما أصدر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مرسومًا بتأسيس شركة الحديد والصلب يوم 14 يونيو 1954 فى منطقة التبين بحلوان كأول مجمع متكامل لإنتاج الصلب فى العالم العربى برأسمال 21 مليون جنيه.
بعدها تم الاكتتاب الشعبى وكانت قيمة السهم جنيهين مصريين، وفى يوم 23 يوليو 1955 قام عبد الناصر مع أعضاء مجلس قيادة الثورة بوضع حجر الأساس الأول للمشروع على مساحة تزيد على 2500 فدان شاملة المصانع والمدينة السكنية التابعة لها والمسجد الملحق بها، بعد توقيع العقد مع شركة ديماج ديسبرج الألمانية (ألمانيا الشرقية آنذاك) لإنشاء المصانع وتقديم الخبرات الفنية اللازمة.
وبحسب بيانات الشركة فإنها تتكبد خسائر كبيرة منذ سنوات، وحققت خلال الشهور الـ9 الأولى من العام المالى الجارى 531.2 مليون جنيه خسائر، مقابل 456.6 مليون جنيه فى الفترة المقارنة من العام المالى الماضي.
وفى ذات السياق كشف الدكتور مدحت نافع، رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية، أن 8 شركات عالمية أبدت استعدادها للدخول فى شراكة إنتاجية مع شركة الحديد والصلب.
وقال نافع، فى تصريحات سابقة لـ"اليوم السابع": "نستهدف من الشراكة، إنتاج نحو 1.2 مليون طن سنويا يحقق للشركة ربحا مناسبا"، موضحا أن أسلوب الشراكة وحج العمالة التى سيتم تشغيلها خلال المشروعات الجديدة التى سيتم تدشينها ما تزال موضع دراسة، لكن الأهم أن يضخ الشريك استثمارات كبيرة تكون قادرة على انتشال الشركة من وضعها الحالى.
أوضح رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية، أنه سيتم استغلال الطاقات المتاحة سواء فى الأفران أو فى المحاجر بجانب استغلال بعض الأصول مثل الأراضى بحيث تكون الشراكة فى الإيراد وليس فى امتلاك الأصول.
وأضاف مدحت نافع، أن الدراسات المتعلقة بتطوير الشركة مازالت محل دراسة وفق حالة الأفران وقطاعات الشركة المنتجة، مؤكدا أنه من المهم عدم ضخ أى استثمارات فى أى شركة بدون جدوى لتلك الاستثمارات حفاظا على المال العام.
ومؤخرا أعلنت شركة الحديد والصلب المصرية، عن رفض لجنة البت المنعقدة بالشركة القابضة للصناعات المعدنية لدراسة العرض الوحيد المقدم من شركة ميت بروم الروسية بشأن تأهيل وتطوير وإدارة الحديد والصلب المصرية.
وأرجعت الشركة سبب الرفض إلى أن العرض المقدم من ميت بروم الروسية غير مناسب لتطوير الشركة وغير مطابق مع دعوة الشراكة.
بدورها شكلت وزارة قطاع الأعمال العام، لجنة لدراسة وتحديد مصير شركة الحديد والصلب بعد عزوف الشركات العالمية فى الصناعة عن الدخول بشراكة لتطويرها، وسيرأس اللجنة المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء السابق، وأعضاء من كلية الفنيين العسكريين، وبعض الجهات السيادية، ووزارة قطاع الأعمال العام لحسم مصير الشركة ودراسة سبل وقف الخسائر وتطويرها.
وبتحليل ما تعرضت له الشركة فإن السبب الرئيسى هو تناقص الفحم الذى تم توريده للشركة حيث تحتاج يوميا ل 1200 طن فحم فى حين اقصى ما يتم توريده لها يوميا 400 طن فقط وبالتالى بعد أن كانت الشركة تعمل ب 4 أفران مكنتها من إنتاج 1.2 مليون طن عام 1998 الآن تعمل بفرن واحد فقط بربع طاقته نتيجة عدم التكامل بينها وبين شركة الكوك التى أنشئت فى الأصل لدعم شركة الحديد والصلب وهو ما كان دافعا لطلب دمج الشركتين فى شركة واحدة.
والفترة الذهبية للشركة كانت فى الفترة من 1968 حتى 1973 الفترة بين حرب الاستنزاف وانتصار أكتوبر حيث وفرت للبلاد كل احتياجاتها من الصلب للأعمال المدنية والعسكرية، حيث كانت الشركة الوحيدة فى مصر.
وبعد عام 1976 بدا عمال الشركة فى التناقص تدريجيا ولا سيما بعد عصر الخصخصة منذ عام 1992 وأصبح العدد الآن 7 آلاف عامل ينتظرون تطوير هذا العملاق الكبير الذى يملك قدرات كبيرة شريطة تنفيذ هيكلة عمالية تناسب.
وعلى مستوى الشركة بدا الانهيار مع انهيار بطاريات شركة الكوك عام 2010، حيث تناقص الفحم المورد منها وبالتالى توقفت الأفران، وارتفعت خسائر الشركة لنحو 5 مليارات جنيه.
فى عهد الدكتور أشرف الشرقاوى وزير قطاع الأعمال العام الأسبق، عادت خطة التطوير للشركة وبالفعل تم فتح المظاريف الفنية إلا أنه مع رحيل الوزير انتهت خطة التطوير، حيث كان يمكن تطوير الشركة بـ150 مليون دولار فى قطاعات التلبيد والصلب والأفران والمناجم.
وهى هذا الإطار انتقد الجهاز المركزى للمحاسبات عدم استهداف شركة الحديد والصلب المصرية، سداد الالتزامات المستحقة على الشركة بموازنتها التقديرية للعام المالى المقبل 2019-2020، خاصة لكبار الموردين الرئيسيين، حيث بلغت الأرصدة الدائنة لهم نحو 5 مليارات جنيه فى 31 يناير لعام 2019 موزعة بين شركة الغاز بقيمة 3.292 مليار جنيه، و1.089 لشركة الكهرباء، 312 مليون جنيه لشركة الكوك، 232 مليون جنيه لسكك حديد مصر، الأمر الذى قد يؤثر على قدرة الشركة على تدبير احتياجاتها خلال عام الموازنة.
وأضاف الجهاز، فى تقرير حصل "اليوم السابع" على نسخة منه، أن شركة الحديد والصلب تعانى من خلل فى الهيكل التمويلى وضعف السيولة النقدية، ولم تفصح الموازنة عما اتخذ من إجراءات لإصلاح ذلك الخلل، وما تم بشأن دراسات تطوير الشركة، حيث تبين استهداف الموازنة خسائر مستهدفة لعام الموازنة 2019/2020 نحو 363 مليون جنيه فقط فى حين بلغت خسائر العام المالى 2017/2018 نحو 900 مليون جنيه، خسائر الستة أشهر المنتهية فى 31 ديسمبر لعام 2018 نحو 348 مليون جنيه.
ويبلغ عدد أسهم الشركة الحالى 488,436,139 بقيمة إسمية 2 جنيه للسهم الواحد وتبلغ القيمة السوقية 6,630 مليار جنيه مصرى، رأس المال المصدر 976,872,278 جنيه مصرى، اظهرت نتائج أعمال الشركة خلال النصف الأول من العام المالى الحالى تحقيق خسائر بلغت 311.6 مليون جنيه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة