لكل بلد عاداتها وتقاليدها التى يتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد، وفى شهر رمضان تختلف العادات من بيئة لأخرى، ومن المدينة عن القرى أما فى محافظة أسيوط وتحديدا فى مراكزها وقراها فالسهرات الرمضانية "بدوار العائلة" هى ما تميز الشهر الكريم عن باقى أشهر العام، فأصوات مقرئى القرآن الكريم تعلو فى منازل العائلات فلكل عائلة شيخها الذى تعهد بالقراءة داخل دوارها منذ سنوات.
ويجتمع الأهالى والجيران حول الشيخ يستمعون منه لما تيسر من القرآن الكريم يوميا على مدار الشهر بأكمله، بالإضافة لتجهيز هذه العائلات للمشروبات الساخنة والحلويات التى يتم توزيعها خلال السهرة حتى وقت السحور فهناك من يتوجه إلى منزله وفى بعض الدواوير يكون هناك سحور جماعى لأفراد العائلة ومن يتردد عليهم من الأهل والجيران.
وقال محمد فواز عضو مجلس الشورى السابق بأسيوط وابن مركز البدارى، إن السهرات الرمضانية بتلاوة القرآن الكريم بمنازل العائلات عادة توارثناها عن الآباء والأجداد، وارتبطت هذه العادة بشهر رمضان المعظم، متابعا: ففى مركز البدارى مثلا لا تجد عائلة إلا وتقيم السهرات الرمضانية داخل دوارها وتفتح أبوابها للأهل والجيران ليستمعوا للقرآن الكريم من بعد صلاة التراويح وحتى قرابة السحور، فضلا عن تقديم المشروبات للضيوف وللأهل وللجيران وهذه السهرات بالإضافة إلى كونها عادة أصيلة توارثناها إلا أنها تقوى أواصر المحبة بين الأهل والجيران وأفراد العائلة الواحدة فضلا عن ثواب الاستماع للقرآن الكريم.
وأضاف العمدة عبد الرحمن علام من العقال البحرى بقرية البدارى، أنه مع بداية شهر رمضان تفتح العائلات أبواب الدواوير لاستقبال الأهل والضيوف ويأتى أحد مشايخ القرية الذى اعتاد أن يقرأ للعائلة، حيث إن لكل عائلة شيخها الذى تعهد منذ سنوات بالقراءة داخل دوارها وتوزع الحلويات الشرقية للحضور والمشروبات الساخنة، حيث تكون هناك فرحة بالشهر الكريم من ناحية وفرحة لتجمع الأهل، والأحباب، والأطفال والكبار والصغار من ناحية أخرى، وهذه الليالى تكون فرصة مهمة لجمع الشمل ونبذ الخلافات وتضيف نفحات روحانية لهذا الشهر الكريم.
وأوضح عمر صالح من قرية المعابدة بمركز أبنوب، أن العائلة مقسمة الى أسر وبيوت وكل أسرة مسئولة عن تجهيز الطعام للسحور والمأكولات والمشروبات لباقى أفراد العائلة، وهكذا حتى نهاية الشهر الكريم فضلا عن استقبال العائلة لضيوف ومحبين من عائلات أخرى مجاورة تأتى للاستماع الى القرآن الكريم وقضاء السهرة مع أفراد العائلة وهو ما يزيد من التآخى والود والمحبة بين أفراد العائلة وبين العائلات الأخرى، وأتمنى من أبنائنا ألا يقطعوا هذه العادة وأن يكملوا المسيرة من بعدنا.
وأوضح الشيخ وليد القاضى وهو واحد من مشاهير القراء بأسيوط، أنه يقوم بالقراءة فى سهرات رمضان بدوار عائلة "العيون" بمركز البدارى منذ سنوات، وهذه العادة متأصلة فى جميع قرى المحافظة وهى واحدة من أهم مميزات محافظات الصعيد وتحديدا قراها حيث إن شهر رمضان هو شهر البركة وشهر التقرب إلى الله سبحانه وتعالى وقراءة القرآن فى المنازل تعمر هذه المنازل، وتزيدها بركة وتحافظ عليها كما أن الأهالى يحرصون بشكل كبير على الحضور والاستماع للقرآن، وهو ما يقوى علاقاتهم ببعضهم البعض، ويزيد من أواصر الترابط والمحبة بينهما.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة